بقلم الإعلامي عمار عوض... مهرجان سينما الشباب و الأفلام القصيرة... تفاؤل بالمستقبل ورمزية واحتراف بلغز المحتوى
كالباسِقاتِ شُموخاً كانت و ما زالت و ستبقى ، تسمو على كل الجراح بروحها السرمدية لتصنع من الحزن فرحاً و من اليأسِ أمَلاً و من الألم سلاما.....في رِحابِها يتوقف الزمن والأرض عن الدَّوَران فتغدو جِلَّقَ مُؤتَلِقةً تَغزِلُ للمُتَيَّمين من بُحورِ الشِعرِ حِكاياتٍ و فُسيفساء للحُبِ و الهَوَى....
دونك في ثناياها عبير الياسمين عَبَقاً وعلى ثراها بِساطُ الجوري والأقحوان و ذكرياتُ الأحبة على تلك الجدران تاريخاً عصياً على النسيان, على رَقصِ السَماحِ وَحيُها طَيّفَاً يَتَجَلَّى شَهداً يُطفِئُ لَهيبَ الضَمآن و لَحناً تَطرَبُ بِهِ الآذان و من غيرها دمشقُ للثقافة و الفن ....عنوان .
أربعة أيامٍ زاخِرَة بالأعمال السينمائية القصيرة بزمنها و العميقة بجوهرها كانت مدة العرض قبل أن يأتي اليوم الخامس لإعلان إسم الفيلم الفائز في المسابقة... ثلاثة و عشرون فيلماً قصيراً من الأفلام المُنتَجَة ضمن مشروع دعم سينما الشباب في المؤسسة العامة للسينما ، تم عرضها في الدورة السابعة لمهرجان سينما الشباب و الأفلام القصيرة, نظمته وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع دار الأسد للثقافة و الفنون في الفترة الممتدة ما بين 25/ يونيو _ 29/ يونيو/ 2020, برعاية الأستاذ المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء
حيث تم عرض جميع الأفلام في صالة الإستخدامات المتعددة ضمن رحاب دار الأسد للثقافة و الفنون خلال أول يومين و أعيد العرض بشكل عكسي في اليوم الثالث و الرابع حرصاً على إشراك طيف واسع من المشاهدين لمتابعة هذه الفعالية ، ليكون اليوم الخامس لإعلان إسم الفيلم الفائز من قبل لجنة التحكيم التي يترأسها المخرج باسل الخطيب و يشارك في عضويتها الفنانة كندا حنا و المايسترو عدنان فتح الله, وذلك في حفل الختام حيث سيتم تكريم الفنان أسعد فضة و الفنانة وفاء موصلي و الفنان عارف الطويل و مشرف الإضاءة إبراهيم مطر .
تظاهرة الأفلام القصيرة تمت أيضاً في سينما الكندي دمشق مواكبةً لما يتم عرضه في دار الأسد للثقافة و الفنون و ذلك بعرض سبعة أفلام سينمائية قصيرة من أحدث ما تم إنتاجه في المؤسسة العامة للسينما.
بالرغم من قصر مدة الأفلام إلا أنها إستطاعت أن تعزف على الوتر بحرفية تفاؤلية يمكن توسمها في المخرجين الشباب الذين كانت هذه تجربتهم الأولى في الإخراج السينمائي.
وقد لا يخفى على المُشاهد أن رائحة الحرب التي عصفت بسوريا كانت طاغية على الأحداث بالرغم من محاولة بعض المخرجين الإبتعاد عنها قدر الإمكان أحياناً . فإسقاطات المحتوى كانت تعرف وجهتها لتستقر في مكانها دون أدنى تعب عند البعض ممن شاهد الأعمال. (الضحك..الإبتسام....الوجوم...الحزن....الهمس....الصراخ... اليأس...الألم....الأمل....) كل ذلك و غيره كان له إسقاط واحد .....الحرب والازمة.
في حين أن المسؤولية قبل العام 2011 كانت تقع على الواقع الإجتماعي المتمثل بالعادات و التقاليد و الأعراف و الفطرة الإنسانية و ما ينتابها من مشاعر متفاوتة و أمراض أخلاقية كالغدر والطمع والغش و الشوفينية المعقدة العمياء ، و الكثير غير ذلك ، قبل أن يُقَوْلَب الواقع بِرِداء السياسة المقيت .
التفاوت في المحتوى غموضاً ووضوحاً في الأعمال المقدمة كان يمتحن المخزون الإجتماعي و الثقافي للمُشاهد من خلال إمكانية القدرة على تحليل الأفكار المطروحة و قراءة ما بين السطور. منها ما تستطيع أن تحكم على رسالته من العنوان و منها ما يجعلك تعيد مشاهدة الفيلم للبحث عن نوع علاقة الربط التي تعيدك إلى ذلك السر المخفي في العنوان.
على سبيل المثال :
الطبيبة أمل نويلاتي تابعت الجزء الأول من العرض و سألت عن علاقة عنوان فيلم " مذكرات أول رصاصة " بالمحتوى الذي قدم ثلاث مراحل يمر بها بطل الفيلم " عماد" و هو يحاول إثبات وفاة والدته التي ما تزال على قيد الحياة ، و لماذا يترك المخرج بعمله هذا حالة من الضياع تسيطر على المُشاهد الذي يستعصي عليه فهم المحتوى .
يأتي هذا التساؤل في اللحظة التي نشاهد أحد الحاضرين للفيلم يعبر عن سعادته و هو يتغنى بعنوان الفيلم ووقعه لأن علاقة الربط بين العنوان و المضمون كانت من النوع السلس في فيلم "لولو" ، أو ربما لأنه قرأ السعادة على مُحيا طفليه و هما يتابعان برفقته بطلة الفيلم الطفلة التي تصنع بطفولتها أملاً يحول بؤس الكبار إلى سعادة بالرغم من وجود رمزية مباشرة في الفيلم .
يوسف حيدر مُخرِج فيلم " مذكرات أول رصاصة" قال أن فيلمه يتحدث عن جيل التسعينات الذي ينتمي هو نفسه إليه و علاقته بمدينة دمشق.
هذا الجيل الذي لم يعي سوى دمشق عاصمة الثقافة عام 2008 و ما بعد ذلك حيث بدأت الأزمات تتوالى عليه مما شكل له صعوبة في تحديد إنتمائه بسبب ثقل القيم و الأفكار و مستويات الوعي التي يحملها و التي تصادفت مع الواقع الحالي و هو ما دفعه لتقسيم رحلة بطل الفيلم عماد الى ثلاث مراحل .معتمداً في ذلك على الرمزية المباشرة .
لا نستطيع أن ننكر أن بعض الأعمال التي تم عرضها حملت في طياتها الكثير من الغموض المُبهم الذي يخلق حالات تفاوت إستيعابية لدى المشاهد المتلقي ....
وهو ما صرح به المخرج و الناقد الفني علي ياغي الذي بدأ بنقد حالة التضييق الممارس على هذه الإحتفالية من خلال حصرها في ظروف قاهرة ضمن صالة الإستخدامات المتعددة الصغيرة مع الحفاظ على التباعد الوقائي علماً أنه يوجد لدى دار الأوبرا صالات واسعة تسمح بإستقطاب عدد أكبر من المشاهدين ما ينعكس إيجاباً على إنتشار الفيلم.
ومن جهة أخرى فإن النقد طال حصر العمل تحت عنوان " مسابقة" من خلال تقييده بعدد محدود لا يتجاوز الثلاثة و عشرين فيلماً ، و الأجدى من ذلك أن يُسمح بزيادة عدد الأفلام و تحويل الإحتفالية إلى مهرجان حقيقي واسع الإنتشار وليس إرضاخ العدد المنتج لحجة الميزانية.
ياغي إنتقد العنصر الزمني الي يمنح من قبل الجهة المختصة للمخرج لإنتاج هذه النوعية من الأفلام و هو ما أيده به كل المخرجين المشاركين ، ذلك أن فترة ثلاثة أيام غير كافية لإنتاج الفيلم بالإضافة إلى الدعم الإنتاجي الضعيف الذي يتحكم بالمخرج و جودة عمله .
من جهة أخرى يجب أن لا ننسى أيضاً أن الرمزية المقحمة غير محبذة لأنها تصيب نجاح العمل السينمائي في مقتل إلا إذا كان هناك رمزاً يستحق التعب و ليس تقليدياً يلامس السطح فقط و هو ما قد يبعدنا عن دائرة المُشاهد المهمة لدى المخرج .
_ الفنان يامن شقير أثنى عمل المؤسسة العامة للسينما لما تبذله من جهود في هذه الظروف الصعبة و أبدى وجهة نظره حول طلاب دبلوم الإخراج السينمائي متمنياً لهم التوفيق .....مشيراً إلى أنه بالرغم من حداثة هؤلاء الطلاب إلا أنهم إعتمدوا على لغز المحتوى المعقد في أغلب أعمالهم و هو ما يعتبر قفزة إحترافية سابقة لأوانها بينما المفروض أن يتم التركيز أكثر على إتمام عناصر نجاح العمل السينمائي الأخرى والتي سوف تؤخذ بعين الإعتبار عند التقييم .
تبقى النظرة التفاؤلية بمستقبل زاهر و مشرق في عالم السينما السورية هي الأمل و سيدة الموقف أمام ثلة من الشباب الطامح للإرتقاء بهذا المجال في رياض الإخراج السينمائي.
الأفلام التي تم عرضها في دار الأسد للثقافة و الفنون:
/30 يوماً _ حياة _ أبناء الحياة _ أتر عَتا _ آخر موقف _ إذاً _ الأجسام أغرب مما تبدو في المرآة _ اليوم الأخير _ أول رسمة _ بداية أكثر ثبات ممكن _ برسم البيع _ رَجُل صغير _ فتحة عدسة _ فُل آيس _ أول يوم _ لولو _ ماذا لو _ مذكرات أول رصاصة _ همزة وصل _ واحد تحت الصفر _ يوم عادي جداً _ نهاري خارجي _ توه
الأفلام التي تم عرضها في صالة الكندي دمشق :
/ جوري _ فوتوغراف _ الدائرة السحرية _ تشيز _ كواليس _ قطرات _ عبق التاريخ /