يحكى أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان يوما في مجلس عبدالملك بن مروان، و دار بينهما الحديث إلى أن وصل إلى توطيد دعائم الملك، ويبدو أن الخليفة يومها كان مشغولا بأمور العرش أكثر من أي شيء آخر، وكان الحجاج بلا شك خير من يُسأل في هذا الشأن، فقال الحجاج : يا مولاي عليك بأهل اليمن، فإنهم ما أرادوا أن ينصبوا ملكا تركوه حتى يجلس على عرش ملكه، وما أرادوا أن يخلعوا أحدا تركوه حتى يبيد ملكه وينتهي ذكره.
وقبل الحجاج يقال ان رغبة اليمنيين قديماً كانت في قتال نبي الله سليمان عليه السلام ومن معه من جيوش الإنس والجن... ذلك لما جاء كتاب نبي الله سليمان للملكة بلقيس ب(أن لا تعلو في الأرض واتوني مسلمين) وهذه ال(لا تعلو) أشد ما يمكن أن يستفز اليمني، فكان الرد (نحن أولي قوة وبأس شديد) طبعاً مع الاحتفاظ للملكة باتخاذ القرار التي تريده.
واليوم يأتي الكيان الصهيوني الغاصب بالحماقات والجرائم ضد أهل غزة، ويتوقع أن يسكت اليمن؟!... أغبى من هذا أن من يشجع الكيان الصهيوني على جرائم الابادة في غزة هو أميركا، فهل تتوقع أميركا ممن يهتفون بالموت لها ليل نهار أن يبادلوها سياسة الهدنة متى اندلعت مواجهة معهم!!؟...
لقد اشتعلت مياه البحر الأحمر والعربي ووصلت حد الغليان نابذة إلى يد الموت ل(يأخذ كل سفينة غصبا) شرط أن تكون لها علاقة بالكيان الغاصب الذي لا يحفظ عهدا ولا ميثاقا لأحد, وتلقى أنصار الله الحوثيون التهديد الأميركي والبريطاني بأذن من طين وأخرى من عجين، وكانت كلمة المشير مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، واضحة وصريحة : إذا كان على أميركا أن تحمي الكيان الصهيوني فعلينا حماية المستضعفين والمظلومين.
وخلال أكثر من عملية استهداف بحري للسفن التي لها علاقة بالكيان الصهيوني تمر بالبحر الأحمر والعربي، كان صوت العميد يحيى سريع يؤكد موقف اليمن الرافض للهيمنة الأميركية والصهيونية، لتبدو اليمن بهذا الموقف الشجاع قوة عظمى لا يستهان بها، وأن على أميركا وشرذمتها إعادة حساباتهم القديمة قبل الإقدام على ارتكاب المزيد من الحماقات في المنطقة.
يقول الكاتب والمحلل السياسي العماني علي المعشني الذي انتشرت له مؤخراً مقاطع عبر السوشال ميديا بلقاءات إعلامية مثيرة : ان اليمنيين وبالتحديد أنصار الله الحوثيين قد تلقو مؤخراً عرضا اميركيا مغريا يخص إعادة إعمار ما خلفته حرب التحالف الماضية على اليمن مع تسليم رواتب أكثر من مليوني موظف انقطعت خلال سنوات الحرب، مقابل عدم التدخل في حرب غزة، لكن اليمنيون - رفضوا هذا العرض، لأن القضية الفلسطينية ليست لديهم مجرد قضية سياسية يمكن التخلي عنها، بل هي بالنسبة للإنسان اليمني هوية إيمانية لا يجوز بأي حال من الأحوال التخلي عنها.
ويستدل المعشني على صدق الموقف اليمني بالتظاهرات والمسيرات الجماهيرية المليونية التي تملأ مختلف المحافظات اليمنية.
المعشني فيما قاله لم يجافي الحقيقة... لكن السؤال الأهم هو عن مستقبل اليمن من هذه الحرب إلى أين؟!..... مما لا شك فيه ان وعد الله سبحانه بنصر عباده المؤمنين سيتحقق...