أكد الرئيس بشار الأسد خلال مقابلة مع قناة “أس بي أس” الأسترالية أن سورية ترحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب مشدداً على أن هذا الجهد ينبغي أن يكون من خلال الحكومة الشرعية في سورية.
وفيما يلي نص المقابلة كاملةً:
السؤال الأول: لقد مضى أكثر من خمس سنوات على بداية الأزمة في سورية، ويقدر بأن نحو ربع مليون شخص قد قتلوا، والعديد منهم مدنيون، ثمة كارثة إنسانية لا يمكن إنكارها، ما هو في رأيكم المدى الذي بلغتموه في هذه الأزمة، وهل تلوح في الأفق بوادر لنهايتها؟
الرئيس الأسد: “بالطبع،.. فإن بوادر النهاية تلوح في الأفق والحل واضح جداً، هو بسيط ومع ذلك مستحيل، بسيط لأنه واضح جداً ويتمثل في كيفية إجراء حوار بين السوريين حول العملية السياسية، لكن في الوقت نفسه محاربة الإرهاب والإرهابيين في سورية، لا يمكن التوصل إلى أي حل حقيقي دون محاربة الإرهاب، وهي مستحيلة لأن الدول التي تدعم أولئك الإرهابيين سواء كانت غربية أو إقليمية مثل تركيا والسعودية وقطر لا تريد التوقف عن إرسال جميع أنواع الدعم لأولئك الإرهابيين: وبالتالي فإذا بدأنا بوقف كل هذا الدعم اللوجستي, وذهاب السوريين إلى الحوار وإجراء نقاش حول الدستور ومستقبل سورية والنظام السياسي فإن الحل قريب جداً وليس بعيد المنال”.
السؤال الثاني:تشير العديد من التقارير في الغرب حالياً إلى أن نهاية “داعش” باتت وشيكة، هل تعتقدون أن هذا صحيح، وما المدة الزمنية التي تفصلكم عن استعادة الرقة هذه المدينة المهمة جداً؟
الرئيس الأسد: “ما يحدث ليس سباقاً، والرقة بأهمية حلب ودمشق وأي مدينة أخرى، خطر تلك المجموعات الإرهابية لا يتمثل بالأرض التي يحتلونها لأن هذه ليست حرباً تقليدية، الأمر يتعلق بمدى تمكنهم من زرع أيديولوجيتهم في عقول سكان المنطقة التي يوجدون فيها، أما التعبئة العقائدية فهي الأمر الأكثر خطورة، وهكذا فإن الوصول إلى الرقة ليس صعباً جداً من الناحية العسكرية، المسألة مسألة وقت، ونحن ماضون في ذلك الاتجاه، لكن عندما تتحدث عن الحرب فإن السؤال هو ما يستطيع الطرف الآخر أو لنقل العدو فعله وذلك يرتبط مباشرة بما تقوم به تركيا وخصوصا أردوغان في دعم تلك المجموعات لأن هذا هو ما يحدث منذ البداية، إذا تحدثت عن سورية كميدان عسكري منعزل فإنه يمكن الوصول إلى تلك المنطقة خلال أسابيع أو أشهر قليلة، لكن دون أخذ الجهد التركي في دعم الإرهابيين بعين الاعتبار، فإن أي جواب سيكون بعيداً عن الواقع وغير حقيقي”.
السؤال الثالث: سيادة الرئيس، ما مدى شعوركم بالقلق حيال الصدامات الأخيرة التي تحدثت عنها التقارير بين قواتكم وحليفكم حزب الله؟
الرئيس الأسد: قتال بيننا وبين حزب الله، ليس هناك أي قتال، إنهم يدعمون الجيش السوري، إنهم لا يحاربون ضد الجيش السوري بل إلى جانبه، الجيش السوري وحزب الله وبدعم من القوات الجوية الروسية نحن نحارب ضد جميع المجموعات المسلحة سواء كانت “داعش” أو “النصرة” أو المجموعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة والمرتبطة بشكل آلي بـ”النصرة” و”داعش”.
السؤال الرابع: إذاً.. فإن التقارير التي تحدثت مؤخراً عن صدامات ليست صحيحة؟
الرئيس الأسد: “لا، إنها لا تتحدث عن صدامات بل لنقل حول اختلافات وخلافات في الرأي، وهذا غير صحيح، وإذا نظرت إلى الاجتماع الذي عقد مؤخراً بين وزراء دفاع سورية وروسيا وإيران في طهران فإن هذا يعني وجود تنسيق جيد فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب”.
السؤال الخامس: كي نكون واضحين.. هل تصنفون كل مجموعات المعارضة على أنها إرهابية؟
الرئيس الأسد: “بالتأكيد لا، عندما تتحدث عن مجموعة معارضة تتبنى وسائل سياسية فإن هؤلاء ليسوا إرهابيين.. لكن حالما تحمل رشاشاً أو أي سلاح آخر وتروع الناس وتهاجم المدنيين والممتلكات العامة والخاصة فأنت إرهابي.. لكن إذا تحدثت عن المعارضة فينبغي أن تكون هذه المعارضة سورية، لا يمكن أن تكون معارضة تعمل بالوكالة وبالنيابة عن دول أخرى مثل السعودية أو أي بلد آخر، ينبغي أن تكون معارضة سورية ذات جذور سورية كما هو الحال في بلادكم، أعتقد أن الأمر هو نفسه في جميع البلدان”.
السؤال السادس: قلتم مؤخراً أن وقف إطلاق النار أعطى الشعب السوري بارقة أمل، الآن وبعد خمسة أشهر ما تقييمكم للآمال التي انعقدت على ذلك؟
الرئيس الأسد: “لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار فعالا.. لكن لا ينبغي أن ننسى أن المجموعات الإرهابية تنتهك هذا الاتفاق بشكل يومي وفي الوقت نفسه وطبقا للاتفاق فإن من حقنا الرد عندما يهاجم الإرهابيون القوات الحكومية.. وبالتالي بوسعك القول فعليا ان الاتفاق لا يزال ساريا في معظم المناطق لكنه ليس سارياً في بعض المناطق”.
السؤال السابع: هناك روايات مختلفة حول بداية الأزمة في سورية.. يقول بعضها إنها بدأت بقيام أطفال بكتابة شعارات معادية للحكومة على الجدران وأن الحكومة تعاملت معهم بوحشية، أنا أفهم أنكم لا تقبلون هذه الرواية، كيف بدأت الأزمة من وجهة نظركم؟
الرئيس الأسد: “هو خليط من عدة أمور، تظاهر بعض الناس لأنهم كانوا يريدون الإصلاح لا نستطيع إنكار هذا ولا نستطيع القول إن الجميع كانوا إرهابيين أو ان الجميع كانوا مرتزقة لكن أغلبية أولئك المتظاهرين، وأنا لا أتحدث هنا عن المتظاهرين الحقيقيين، كانوا يتلقون أموالا من قطر من أجل التظاهر.. وفي مرحلة لاحقة أصبحوا يتلقون أموالا من قطر ليتحولوا إلى الأعمال المسلحة.. هكذا بدأت في الواقع.. أما حكاية الأطفال الذين تم اعتقالهم فإن هذه قصة وهمية لم تحدث.. بالطبع هناك دائما أخطاء تحدث خلال الممارسة على الأرض كما حدث في الولايات المتحدة مؤخراً خلال العام الماضي.. لكن هذا ليس مبررا لقيام الناس بحمل الرشاشات وقتل رجال الشرطة والجنود وما إلى ذلك”.
السؤال الثامن: تقولون إن بعض هؤلاء الناس عبروا عن حاجة مشروعة للإصلاح، هل كان ذلك نتيجة لتصرفات ثقيلة الوطأة قامت بها حكومتكم؟
الرئيس الأسد: “لا، لقد كان هناك إصلاح في سورية بدأ بشكل رئيسي عام 2000، البعض يعتقد بأن مسيرة الإصلاح كانت بطيئة والبعض يعتقد بأنها كانت أسرع مما ينبغي، وهذه آراء فردية وليست موضوعية، لكننا كنا نتحرك في ذلك الاتجاه لكن الدليل على أن المسألة لم تكن تتعلق بالإصلاح هو أننا قمنا بجميع الإصلاحات المطلوبة بعد بداية الأزمة قبل خمس سنوات ولم يتغير شيء، إذا فالمسألة لا علاقة لها بالإصلاح، لقد غيرنا الدستور وغيرنا القوانين التي طالبت المعارضة بتغييرها وغيرنا العديد من الأشياء الأخرى ولم يحدث شيء، لم تكن للمسألة علاقة بالإصلاح بل بتدفق الأموال من قطر، معظم الأشخاص الذين طالبوا بصدق بالإصلاح في بداية الأزمة لم يعودوا يتظاهرون الآن ولا يعارضون الحكومة بل يتعاونون معها، يمكن القول إن هؤلاء لا يؤمنون بالخط السياسي لهذه الحكومة وهذا حقهم وهو أمر طبيعي.. لكنهم لا يعملون ضد الحكومة أو ضد مؤسسات الدولة.. إنهم يميزون أنفسهم عن الأشخاص الذين دعموا الإرهابيين”.
السؤال التاسع: ما هو ردكم على حقيقة أن بعض وزرائكم انشق بسبب ما ادعوا أنه إجراءات وحشية قامت بها الحكومة؟
الرئيس الأسد: “في الواقع، لقد انشقوا لأنه طلب منهم القيام بذلك من قبل السعودية في بعض الحالات وفرنسا في حالات أخرى، حسب البلد الذي ينتمون إليه، والآن باتوا ينتمون إلى ما تسمى المعارضة التي تنتمي بدورها إلى تلك البلدان وليس إلى السوريين، وهؤلاء ليست لهم أي قيمة في سورية وبالتالي فإن ذلك لا يقلقنا، قيامهم بذلك لم يغير شيئاً، أعني أن ذلك لم يؤثر في الواقع في سورية”.
السؤال العاشر: أحد أهم داعميكم روسيا دعت إلى استئناف محادثات السلام، هل ترون أنها فكرة جيد؟
الرئيس الأسد: “نعم.. بالطبع.. نحن ندعم أي حوار مع كل الأطراف في سورية لكن في الواقع فإن هذه المحادثات لم تبدأ بعد وليست هناك محادثات سورية سورية حتى الآن لأن ما قمنا به حتى الآن هو مفاوضات مع الميسر أي السيد دي مستورا.. في الواقع فإن المحادثات لم تبدأ فعلياً.. إذا نحن ندعم المبدأ لكن من الناحية العملية ينبغي أن تكون هناك منهجية معينة لم تتشكل حتى الآن.. وبالتالي ينبغي أن نبدأ لكن ينبغي أن تكون لدينا المبادئ الأساسية كي تكون هذه المفاوضات مثمرة”.
السؤال الحادي عشر: إحدى المسائل التي احتار كثيرون بشأنها فيما يتعلق بالأزمة في سورية هي لماذا يظل حليفاكما الوثيقان إيران وروسيا مخلصين لكما حتى الآن؟
الرئيس الأسد: “لأن الأمر لم يكن يتعلق بالرئيس أو بالشخص.. هذا سوء تفسير أو لنقل إنه فهم خاطئ في الغرب وربما جزء من الدعاية الإعلامية التي تقول بأن روسيا وإيران تدعمان الأسد أو تدعمان الرئيس.. الأمر ليس كذلك إنه يتعلق بالوضع بمجمله.. الفوضى في سورية ستؤدي إلى إحداث أثر الدومينو في منطقتنا وهذا سيؤثر في البلدان المجاورة وإيران وروسيا وسيؤثر في أوروبا في الواقع.. إذا فعندما يدافعون عن سورية فهم يدافعون عن الاستقرار يدافعون عن استقرارهم ومصالحهم.. وفي الوقت نفسه فإن الأمر يتعلق بالمبدأ.. إنهم يدافعون عن الشعب السوري وحقه بحماية نفسه.. هذا لأنهم لو كانوا يدافعون عن الرئيس ولم يكن الشعب معه ولا يدعمه فإن الرئيس لا يستطيع أن يصمد خمس سنوات لمجرد أن روسيا وإيران تدعمانه.. إذا فالأمر لا يتعلق بالرئيس بل بالوضع برمته أو لنقل بالصورة الأكبر”.
السؤال الثاني عشر: هل تقيمون أي حوار مباشر أو غير مباشر مع الولايات المتحدة؟
الرئيس الأسد: “لا.. ليس هناك أي حوار على الإطلاق لكن يمكن القول إن هناك حواراً غير مباشر من خلال قنوات مختلفة.. لكن إذا سألتهم سينكرون ونحن سننكر.. لكن في الواقع إن القنوات الخلفية موجودة”.
السؤال الثالث عشر: ما هي بعض تلك القنوات؟
الرئيس الأسد: “لنقل إن هناك رجال أعمال يسافرون ويتنقلون حول العالم ويلتقون مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا ويحاولون نقل رسائل معينة.. لكن ليس هناك شيء جاد لأننا لا نعتقد أن الإدارة الأمريكية جادة بشأن حل المشكلة في سورية”.
السؤال الرابع عشر: ذكرت التقارير مؤخراً أن أكثر من 50 دبلوماسياً دعوا إلى ما وصفوه بضربات عسكرية حقيقية وفعالة ضدكم.. ضد سورية.. هل يثير ذلك مخاوفكم بأي شكل من الأشكال… وهل تعتقدون أن ذلك يعد مؤشراً على سياسة أكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة حيال سورية؟
الرئيس الأسد: “لا.. فدعاة الحرب موجودون في كل إدارة أمريكية.. هذا ليس بشيء جديد.. لكننا لا نكترث بهذا البيان لأن الأمر لا يتعلق بهذا البيان بل بالسياسة والأفعال.. الفرق بين هذه الإدارة والإدارات التي سبقتها.. إدارة بوش مثلا هو أن بوش أرسل قواته أما هذه الإدارة فترسل المرتزقة وتتغاضى عما فعلته السعودية وتركيا وقطر منذ بداية الأزمة.. إذا فالسياسة هي نفسها.. إنها سياسة قائمة على العسكرة لكن بطرق مختلفة.. وبالتالي فإن هذا البيان لا يختلف عن الواقع القائم على الأرض.. إنه يطالب بالحرب والواقع الموجود على الأرض هو حرب فعلية”.
السؤال الخامس عشر: أشرتم إلى الإدارة السابقة، إدارة بوش، ثمة من يقول إن أحد أسباب بقائكم كحكومة لهذه المدة الطويلة هو إحجام أمريكا عن الانخراط على الأرض في حرب أخرى في الشرق الأوسط.. ألا تقبلون بذلك استنادا إلى ما قلتموه للتو؟
الرئيس الأسد: “إن الإدارات الأمريكية اشتهرت منذ خمسينيات القرن العشرين بخلق المشاكل بينما لم تحل أي مشكلة وهذا ما حدث في العراق.. غزا بوش العراق وتمكن من احتلاله خلال بضعة أسابيع لكن ما هي الخطوة التالية، الأمر لا يتعلق بالاحتلال.. هذه قوة عظمى.. أما نحن فلسنا قوة عظمى.. إذا فالأمر لا يتعلق بقيام أمريكا باحتلال سورية.. ما الخطوة التالية، ما الذي يريدون تحقيقه، إنهم لم يحققوا شيئا.. لقد أخفقوا في ليبيا وفي العراق وفي اليمن وفي سورية وفي كل مكان.. لم يفعلوا شيئا سوى خلق الفوضى.. وبالتالي إذا كانت الولايات المتحدة ترغب بخلق المزيد من الفوضى فبوسعها فعل ذلك.. لكن هل يستطيعون حل المشكلة.. لا”.
السؤال السادس عشر: هل لديكم مرشح مفضل ترغبون بفوزه في الانتخابات الأمريكية؟
الرئيس الأسد: “في الواقع لا.. فنحن لا نراهن على أي رئيس أمريكي لأن ما يقولونه عادة في حملاتهم الانتخابية يختلف عما يفعلونه بعد أن يصبحوا رؤساء.. وأوباما مثال على ذلك.. وبالتالي ليس علينا الانتظار.. علينا أن ننتظر لنرى السياسة التي سيتبنونها بصرف النظر عمن يفوز في الانتخابات”.
السؤال السابع عشر: إذا.. هل تستطيعون رؤية ظرف ما يمكن لسورية من خلاله أن تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة والغرب؟
الرئيس الأسد: “ليست لدينا مشكلة مع الولايات المتحدة.. إنها ليست عدوتنا ولا تحتل أرضنا.. لدينا خلافات معها وتلك الخلافات تعود إلى سبعينيات القرن العشرين وربما قبل ذلك.. لكن في أوقات مختلفة وخلال أحداث وظروف مختلفة تعاونا مع الولايات المتحدة.. إذا نحن لسنا ضد هذا التعاون.. لكن هذا التعاون يعني التحدث عن المصالح المشتركة ومناقشتها والعمل لتحقيقها وليس عن مصالحهم على حساب مصالحنا.. هذا هو الأمر وبالتالي ليست لدينا مشكلة في هذا”.
السؤال الثامن عشر: سيادة الرئيس.. لقد قضيتم وقتاً طويلاً كما قلتم في المملكة المتحدة.. هل تتوقعون حدوث أي تداعيات لقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على سورية والأزمة فيها؟
الرئيس الأسد: “لا أعتقد أنني أستطيع أن أتوسع في الجواب على اعتبار أن هذه قضية بريطانية وأنا لست بريطانيا أو أوروبيا.. لكن في الوقت نفسه أستطيع القول إن هذه النتيجة المفاجئة ربما لها مكونات مختلفة سواء كانت داخلية من الناحية الاقتصادية أو خارجية فيما يتعلق بالقلق من الإرهاب والقضايا الأمنية واللاجئين وما إلى ذلك.. إلا أن هذا يعد مؤشرا بالنسبة لنا فأولئك المسؤولون الذين كانوا يقدمون لي النصائح حول كيف ينبغي أن أتعامل مع الأزمة في سورية ويقولون إن على الأسد أن يرحل وإنه منفصل عن الواقع تبين أنهم منفصلون عن الواقع وإلا لما طلبوا إجراء هذا الاستفتاء.. لكني أعتقد أن هذا يشكل ثورة من قبل الناس هناك ضد ما أسميه في بعض الأحيان سياسيين من الدرجة الثانية.. لقد أرادوا مسؤولين يمتلكون القدرة على إدارة الدولة لقيادة بلدهم.. إذا أتت إدارة أخرى وفهمت أن قضية اللاجئين والأمن مرتبطة بالمشكلة في منطقتنا فعندها ستكون هناك سياسة مختلفة ستؤثر علينا إيجابيا يمكن عندها انتهاج سياسة مختلفة ستكون لها آثار إيجابية علينا.. لكن ليس لدي الكثير من الآمال بحدوث ذلك.. لنقل إن لدينا أملا ضعيفا لأننا لا نعرف من سيخلف كاميرون في المملكة المتحدة”.
السؤال التاسع عشر: استراليا جزء من “التحالف الدولي” الذي شكل لإلحاق الهزيمة بـ “داعش”.. ومن الواضح أن هذا هو أحد أهدافكم أيضاً.. في هذه الحالة ثمة هدف مشترك.. هل ترحبون بالتدخل الدولي عندما يكون هناك هدف مشترك كهذا؟
الرئيس الأسد: “نحن في الواقع نرحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب في سورية.. لكن ينبغي لهذا الجهد أن يكون حقيقيا وليس شكليا أو استعراضيا كما يحدث الآن في شمال سورية.. حيث لم تتمكن 60 دولة من منع “داعش” من التوسع.. في الواقع عندما بدأ الدعم الجوي الروسي عندها فقط توقف “داعش” عن التوسع.. إذا ينبغي أن يكون الجهد حقيقيا.. ثانيا.. ينبغي أن يكون هذا الجهد من خلال الحكومة الشرعية في سورية وليس لمجرد أنهم يرغبون بمحاربة الإرهاب وأنهم يستطيعون الذهاب إلى أي مكان في العالم.. نحن حكومة شرعية ودولة ذات سيادة.. بالمحصلة.. في هذين الظرفين فقط نرحب بأي دعم أجنبي محاربة الإرهاب”.
السؤال العشرون: لقد قتل عدد من الأستراليين في القتال إما مع الميليشيات الكردية أو مع “داعش”.. هل لديكم رسالة لهؤلاء الشباب الذين يشعرون بالغضب حيال ما يحدث في سورية إلى درجة أنهم يأتون للقتال فيها؟
الرئيس الأسد: “مرة أخرى لدي نفس الجواب.. إذا كان هناك أجانب يأتون دون إذن من الحكومة فإن وجودهم غير شرعي سواء أرادوا محاربة الإرهابيين أو أي جهة أخرى الأمر سيان.. ونستطيع القول إنه غير شرعي”.
السؤال الحادي والعشرون: لقد استخدم السياسيون الاستراليون لغة قاسية على نحو خاص لوصف دوركم في الأزمة كما فعل العديد من زعماء العالم.. رئيس الوزراء الأسترالي أشار إليكم ب “الطاغية المجرم” وقال إنكم مسؤولون عن قتل آلاف المدنيين الأبرياء.. زعيم المعارضة الأسترالي وصفكم بـ “الجزار” ومع ذلك الموقف الرسمي الأسترالي هو العمل معكم للتوصل إلى اتفاق سلام.. كيف يمكنكم التوفيق بين هذين الموقفين المختلفين جداً؟
الرئيس الأسد: هذه في الواقع هي المعايير المزدوجة للغرب بشكل عام.. إنهم يهاجموننا سياسيا ومن ثم يرسلون لنا مسؤوليهم للتعامل معنا من تحت الطاولة خصوصا مسؤوليهم الأمنيين بما في ذلك حكومتكم.. جميعهم يفعل هذا.. هم لا يريدون إزعاج الولايات المتحدة.. في الواقع فإن معظم المسؤولين الغربيين يكررون فقط ما تريد الولايات المتحدة منهم قوله.. هذا هو الواقع.. إذا أعتقد أنني استطيع القول ان هذه التصريحات منفصلة عن واقعنا لأنني أحارب الإرهابيين وجيشنا يحارب الإرهابيين وحكومتنا وجميع مؤسساتنا ضد الإرهابيين.. أما إذا أراد أحدهم تسمية من يحارب الإرهاب بـ”الجزار” فتلك مسألة أخرى”.
السؤال الثاني والعشرون: لقد وافقت أستراليا على قبول اثني عشر ألف لاجئ سوري إضافي وقد وصل بعضهم بالفعل.. هل لديكم رسالة للسوريين الذين ما يزال العديد منهم يقولون إنهم يحبون سورية ويريدون العودة إليها، هل لديكم رسالة لأولئك الأشخاص الموجودين كما قلت في استراليا وفي بلدان أخرى في العالم؟
الرئيس الأسد: لقد ذكرت في الواقع نقطة في غاية الأهمية.. معظم اللاجئين الذين غادروا سورية يريدون العودة إليها.. وبالتالي فإن أي بلد ساعد في دخولهم إلى بلدهم الجديد أو لنقل وطنهم الجديد هو أمر مرحب به باعتباره عملا إنسانيا.. لكن مرة أخرى هناك شيء أكثر إنسانية وأقل كلفة يتمثل في مساعدة هؤلاء الأشخاص على البقاء في بلدهم ومساعدة أولئك الذين غادروا على العودة وذلك بالمساعدة في تحقيق الاستقرار في سورية وعدم توفير أي مظلة أو دعم للإرهابيين.. هذا ما يريدونه.. إنهم يريدون من الحكومات الغربية أن تتخذ قرارات حاسمة ضد ما تفعله السعودية ودول غربية مثل فرنسا وبريطانيا لدعم الإرهابيين في سورية من أجل الإطاحة بالحكومة وحسب.. لولا ذلك لما غادر أولئك السوريون سورية.. لقد غادر معظمهم ليس لأنهم مع أو ضد الحكومة بل غادروا لأنه بات من الصعب جدا العيش في سورية هذه الأيام”.
السؤال الثالث والعشرون: هل تأملون بأن هؤلاء الأشخاص سيعودون، وهل ستسهلون عودتهم؟
الرئيس الأسد: “طبعاً.. بالتأكيد لأن خسارة هؤلاء الأشخاص وتحولهم إلى لاجئين يعني خسارة مواردنا البشرية.. كيف يمكن أن تبني بلدا دون موارد بشرية، معظم هؤلاء متعلمون مدربون بشكل عال ولديهم أعمالهم في سورية في مختلف المجالات.. أنت تخسر كل هؤلاء.. ونحن بالطبع بحاجة لهم”.
السؤال الرابع والعشرون: تقول اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة إن هناك آلاف الوثائق الحكومية التي تثبت أن حكومتكم أقرت استخدام التعذيب والقتل على نطاق واسع.. في مواجهة مثل هذه الأدلة كيف تقولون إنه لم يتم ارتكاب أي جرائم، وأشير أيضا إلى منظمات مستقلة أخرى تنتقد الاستهداف المتعمد للمستشفيات.. هل تقرون بأن بعض الأخطاء قد ارتكبت في استهدافكم لبعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة؟
الرئيس الأسد: “أنت تتحدث عن أمرين مختلفين.. الأمر الأول يتعلق بالتقارير.. والتقرير الأهم من بينها تم تمويله من قبل قطر لمجرد تشويه سمعة الحكومة السورية وليس لديهم أي دليل على من التقط تلك الصور وهوية الضحايا الذين يظهرون في تلك الصور وما إلى ذلك.. وقد بات باستطاعتك اليوم أن تزور أي شيء باستخدام الكمبيوتر.. وبالتالي فإن هذه التقارير لا تتمتع أبدا بأي مصداقية.. ثانيا.. الحديث عن مهاجمة المستشفيات أو المدنيين يطرح سؤالا بسيطا جدا.. لماذا نهاجم المستشفيات والمدنيين، أعني أن القضية برمتها في سورية بدأت عندما أراد أولئك الإرهابيون كسب قلوب السوريين.. ومهاجمة المستشفيات أو المدنيين يصب في مصلحة الإرهابيين.. وبالتالي إذا وضعنا القيم جانبا إلى حين وتحدثنا عن المصالح وحسب فإنه لا مصلحة لأي حكومة في مثل هذا الوضع بقتل مدنيين أو مهاجمة المستشفيات.. أساسا وفي كل الأحوال إن هاجمت مشفى فيمكن استعمال أي مبنى آخر وتحويله إلى مستشفى.. هذه ادعاءات تستند إلى روايات غير موثقة وأستطيع القول إنها بيانات كاذبة ولا مصداقية لها على الإطلاق.. نحن ما نزال نرسل اللقاحات إلى تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين.. إذا كيف أرسل اللقاحات وبنفس الوقت أهاجم المستشفيات، هذا تناقض”.
السؤال الخامس والعشرون: سيادة الرئيس.. كأب وكرجل.. هل هناك حكاية أو قصة أو صورة من الأزمة أثرت بكم شخصياً أكثر من غيرها؟
الرئيس الأسد: “بالتأكيد.. نحن بشر.. وأنا كسوري مثلي مثل أي سوري سأكون أكثر تعاطفا مع أي مأساة سورية تؤثر بأي شخص أو أسرة.. ونحن في هذه المنطقة أناس عاطفيون جدا بشكل عام.. لكن كمسؤول فأنا لست مجرد شخص أنا مسؤول فإن السؤال الأول الذي تطرحه عندما ينتابك ذلك الشعور هو ما الذي ستفعله لحماية السوريين الآخرين من نفس المعاناة… هذا هو الأمر الأكثر أهمية.. أعني هذا الشعور الحزين.. الشعور المؤلم يشكل حافزا بالنسبة لي لفعل المزيد، إنه ليس مجرد شعور؟.
السؤال السادس والعشرون: ما هي رؤيتكم لسورية، كيف ترون الأمور بعد سنتين أو ثلاث سنوات؟
الرئيس الأسد: “بعد الأزمة، لأن الأمر الأول الذي نريد أن نراه هو عودة سورية مستقرة كما كانت من قبل لأنها كانت أحد أكثر البلدان استقرارا وأمنا في العالم وليس في منطقتنا وحسب.. إذا هذا هو الأمر الأول.. إذا تحقق ذلك يمكن أن تكون لك طموحات أخرى أما بدونه فلا تستطيع.. أعني أنك إذا حققت ما سبق فإن السؤال التالي وهو.. كيف ستتعامل مع الجيل الجديد الذي عاش القتل والذي رأى التطرف أو تعلم التطرف أو تمت تعبئته عقائديا من قبل المجموعات المرتبطة بالقاعدة وما إلى ذلك.. هذا تحد آخر.. التحدي الثالث يكمن في استعادة تلك الموارد البشرية التي غادرت وتحولت إلى لاجئين من أجل إعادة بناء سورية.. إن إعادة إعمار البلد كبناء وكبنية تحتية أمر سهل جدا ونحن قادرون على ذلك كسوريين.. أما التحدي فيتعلق بالجيل الجديد”.
السؤال السابع والعشرون: كيف سيشير التاريخ إلى رئاستكم بحسب اعتقادكم؟
الرئيس الأسد: “ما أتمناه هو أن يقول ان هذا هو الشخص الذي أنقذ بلده من الإرهابيين ومن التدخل الأجنبي.. هذا ما أتمناه.. كل ما عدا ذلك سيترك لحكم الشعب السوري.. لكن هذه أمنيتي الوحيدة”.