بداية نود القول انه حيث توجد المياه توجد الحياة والحضارة, ولكن تحولت سورية من بلد زراعي مكتف ذاتيا, الى بلد مستورد حيث بدات سورية باستيراد القمح منذ عام 2008, لذلك نتوجه بهذا المقال البحثي الذي اعده زميلنا (مدير مكتب المنطقة الساحلية الاعلامي المنهدس ايمن محمد علي), الى السيد حسين عرنوس رئيس الحكومة حاليا, خاصة انه كان يشغل منصب وزير الموارد المائية في الفترة من عام 2018 الى 2020, ومحافظا لدير الزور بين عامي 2009 الى 2011 ومحافظا للقنيطرة من 2011 الى 2013, نتوجه للمهندس حسين عرنوس ونحن تعتمر في صدرنا اسئلة هامة (لماذا تعاني ارياف الساحل والمدن المتاخمة لها من العطش بينما تذهب مياه الينابيع والمياه الجوفية الى البحر؟؟...... من العلوم ان محافظة القنيطرة تحوي خزانا مائيا هاما, فما هي خطة الحكومة حاليا لاستثمار هذا المخزون المائي؟؟؟...... مياه جوفية بمخزون جيد متوفرة في بعض مدن الساحل السوري كجبلة وبانياس, وعلمنا من مصادر خاصة ان تجار البناء يعملون على ردم اي بقعة يخرج منها الماء عند حفر اساسات ابنيتهم, فما الذي ستفعله الحكومة تجاه هذا الامر؟؟..... ما هي خطة الحكومة ووزارة الري لاعادة الحياة الى مجرة نهر بردى الذي يعاني من التلوث وهذا ليس حال مجرى نهر بردى فقط وانما هو حال نسبة كبيرة من مجاري الانهار في سوريتنا الحبيبة؟؟؟..... فهل سيقوم السيد المهندس حسين عرونوس رئيس الحكومة بهندسة وتنفيذ بعض الحلول التي ستجنب سورية مخاطر كارثة شح المياه والتي ستداهمنا خلال مدة قد لا تزيد عن 4 او 5 سنوات؟؟؟
تعاني دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أزمة مياه حقيقية تشكل تهديداً لاستقرار المنطقة وإعاقة للتنمية البشرية والنمو المستدام، حيث تعتبر دولها من أكثر مناطق العالم ندرةً في المياه، ويزداد الوضع فيها سوءاً نتيجة تأثيرات الحروب والنزاعات المحلية وتغير المناخ الذي يتسم بكونه قاحل ومتقلب إلى حد كبير وآخذ بالتغير في ظل تكرار مواسم الجفاف والصعوبات الاقتصادية ،وتعتبر سورية كغيرها من دول المنطقة محدودة الموارد المائية التي تحصل عليها عن طريق ما يسقط من أمطار سنوية فوقها، بالإضافة إلى المياه التي تدخل إليها من الخارج سواء عن طريق المجاري المائية السطحية أو عن طريق التسرب الجوفي، وقد يرتفع هذا السقف أو ينخفض من سنة إلى أخرى تبعا لتغير كميات الأمطار التي تهطل فوقها أو فوق إقليمها المائي ، وبالمقارنة مع البلدان الأخرى في الشرق الأوسط، لا تعد سورية بلداً فقيراً من حيث المياه بل أفضل حالاً من تلك الدول ،فوفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، جاءت سورية في المرتبة الثالثة عشر من بين عشرين دولة عربية من حيث نصيب الفرد من الأمطار ويعتبر نصيب الفرد السنوي من استهلاك المياه هو ثلاثمائة متر مكعب، كما يجعلها تحتل المرتبة التاسعة في قائمة مؤلفة من ثمانية عشر دولة عربية، ومع ذلك يبقى نصيب الفرد من المياه أقل بكثير من عتبة ندرة المياه المحددة عالمياً بـ ألف متر مكعب للفرد الواحد سنوياً ، وتمثل حصة الفرد من الموارد المائية في المنطقة ما يعادل سدس المتوسط العالمي فقط، وهي آخذة في الانخفاض.
وتعاني سورية وجميع بلدان المنطقة من مشكلة استنزاف المياه الجوفية في ظل معدلات السحب العالية من المياه السطحية والجوفية على حد سواء، حيث وصلت أزمة المياه الحالية في سورية وفي المنطقة عموماً إلى مستويات غير مسبوقة تتطلب جهوداً لإدارة موارد المياه الشحيحة حيث تتطلب تطوير الممارسات والمؤسسات والاستجابات المنسقة في جميع أنحاء المنطقة، ورغم المحاولات المتعددة والجهود المبذولة لإدارة موارد المياه في بلدان منطقة الشرق الأوسط فإن التشوهات في السياسات والمؤسسات وسوء التخطيط والإدارة ونظم الري غير المجدية للمحاصيل الزراعية المختلفة وزراعة القمح والقطن المكثفة والنمو السكاني المتزايد بسرعة في استنزاف الموارد المائية في هذه البلدان و الجفاف الحاصل في الأجزاء الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد، كل ذلك أدى إلى فشل أنظمة إدارة المياه لأي نقص محتمل في المياه ما شجعت هذه البلدان على الإفراط في استغلال الموارد من خلال عدم توفير أي حوافز لضبط استهلاك المياه وتشجيع المحافظة عليها.
يذكرأن النزاعات المسلحة والنزوح القسري الذي تم في بعض المناطق في سورية والتي أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح كانت منم الاسباب المهمة التي أدت بدورها إلى تفاقم مشاكل المياه في المنطقة, وحتى قبل الاضطرابات السياسية الأخيرة في المنطقة، كانت العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصارع من أجل إدارة مواردها المائية على نحو مستدام وفعال، وتوسيع نطاق تغطية إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي. ولكن النزاعات المقترنة ببعض العقبات المؤسسية أدت إلى زيادة حدة التحديات المائية وتدهور خدمات المياه.
كانت سورية في يوم من الأيام واحدة من أفضل الدول العربية على طريق تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، دفعت الحرب فيها أكثر من خمسة ملايين شخص إلى دائرة الفقر، كما أدى تدهور إمكانية الوصول إلى خدمات المياه والصرف الصحي إلى زيادة حدوث الأمراض المنقولة بالماء ونتيجة لذلك، ازداد معدل الوفيات بين الأطفال دون الخامسة بسبب الإسهال بمقدار ثلاثة أضعاف منذ بداية الحرب. ويؤدي الفشل في إيجاد حلول لتحديات المياه إلى زيادة حدة مستويات الهشاشة، كما تحد الأزمات المائية من قدرة الأفراد والمجتمعات على الحفاظ على أمن سبل العيش والاستقرار السياسي ، ما يتوجب على المؤسسات المختصة كسر هذه الحلقة المفرغة لضمان التعافي والأمن والسلام والأمن الغذائي والتنمية المستدامة في المنطقة.
تنمية الموارد المائية في سورية:
نشطت في سورية مشاريع التخزين الدائم للمياه في إنشاء السدود والخزانات السطحية بحيث تجاوز عددها المائة والخمسين سداً وصلت سعتها التخزينية إلى أكثر من ستة عشر مليارمترمربع، ولما كانت طبيعة المجاري المائية في سورية لا تسمح ببناء سدود كبيرة باستثناء سد الطبقة (13.2) مليار متر مكعب، وسد الرستن (225) مليون متر مكعب ،وسد تشرين(220) مليون متر مكعب ،وسد قطينة (209) مليون متر مكعب ، فإن السدود الأخرى هي سدود صغيرة محدودة الأهمية، فهناك 91 سدا لا تزيد طاقتها التخزينية عن بضعة مئات الآلاف من الأمتار المكعبة من المياه، وهناك 38 سداً أخرى بعضها تم تنفيذه والبعض الآخر قيد التنفيذ، لا تزيد طاقتها التخزينية مجتمعة عن 200 مليون متر مكعب من المياه .
والدراسات البحثية القائمة المتعلقة بالموارد المائية السورية تصل إلى نتيجة مفادها أن تنمية الموارد المائية السورية عن طريق التخزين الدائم يكاد يصل إلى نهايته، فالأحواض الصبابة التي يمكن إنشاء سدود عليها محدودة، ومن أهمها حوض نهر الكبير الجنوبي الواقع بين سورية ولبنان والذي تتقاسم مياهه البلدان الشقيقان ، وحوض نهر اليرموك الواقع بين سورية والأردن والذي يعتبر مشتركاً مع الأردن حيث تستفيد الأردن من مياهه بالدرجة الأولى، وهناك الكثير من الأنهار ومجاري المياه والسيول المتدفقة بغزارة في مناطق عديدة في المنطقة الساحلية وجبالها وكذلك في المنطقة الداخلية من سورية غير أن تنمية هذه الموارد المائية لا يحظى بالأهمية التي تستحقها ولايتم استغلالها وقد وصل استنزافها في بعض المناطق حدود الخطر،وثمة إمكانيات غير مستنفذة على هذا الصعيد رغم أن الموارد المائية الجوفية تؤمن النسبة الأكبر من حاجة سورية من المياه، لذلك فمن الضروري على الصعيد الاستراتيجي استغلالها وإيجاد حل طويل الأمد لهذه المشكلة من خلال إعداد الدراسات الهندسية وإنشاء منظومات للتخزين الجوفي وإنشاء سدود على مختلف مجاري المياه ، خصوصا أن الأمطار في سورية تسقط خلال فصل الشتاء، فيضيع أغلبها بالبحر أو بالجريان إلى البحر، وفي حال توفر الامكانات الاقتصادية والفنية سيكون مردودها الاقتصادي كبيرا في تغذية المستودعات الجوفية بالمياه و تجميل المكان و تربية الأسماك في الأحواض المائية وتنمية السياحة الاستجمامية، وحتى يتم إنجاز منظومات التخزين الجوفي والسدود لا بد من الاستمرار في استكشاف الموارد المائية الجوفية وإعادة تقويم المعطيات المتعلقة بها، والعمل على استثمار المكتشف منها بصورة سليمة خصوصا الينابيع والأنهار التحت أرضية التي تصب في البحر، وكذلك تطوير مشروع الاستمطار في فصل الشتاء وزرع الغيوم ، ولكن على المدى البعيد فإن حل مشكلة المياه بصورة نهائية وجذرية يعتمد على تحلية مياه البحر، فهي من الناحية النظرية مورد غير محدود، الا أن ما يحول دون ذلك حتى الآن التكاليف العالية لعمليات التحلية، بسبب تخلف التكنولوجيات المستخدمة وتعقيدها ونفقات تشغيلها ربما يحمل لنا المستقبل مفاجآت على هذا الصعيد، فالأبحاث العلمية في مجال تطوير تقنيات وطرق التحلية متواصلة في العديد من دول العالم، وهي واعدة في هذا المجال.
اللافت للانتباه اختراع العالم السكوتلندي ستيفن سالتر البروفسور في جامعة أدنبرة ، حيث طور العالم المذكور توربينا يعمل على حركة الرياح ينصب على ارتفاعات تمتد من 30 إلى 200 قدم فوق مياه البحر، يعمل على تبخير مياه البحر وتشكيل غيوم محملة بالأمطار، وقد حصل التصميم المقترح على دعم مجلس أبحاث العلوم الفيزيائية والهندسية البريطاني، و يمكن أن يوضع جهاز توليد المطر على طواف أو مركب بحري في أي موقع قريب من شواطئ المناطق الجافة التي تتكون فيها الغيوم الخفيفة عادة..
يستخدم التصميم توربين "داريوس عمودي يتحرك بدفع الرياح، وكان سالتر قد قدم دراسته التي حملت عنوان "التوربينات الرشاشة تزيد الأمطار بطرق تعزيز التبخر من البحر" أمام مؤتمر للجمعية البحرية الدولية للبحر الأبيض المتوسط عقد في جزيرة كريت في اليونان" ، وحسب الدراسة فإن التصميم المقترح سوف يؤمن المياه المحلاة بتكاليف رخيصة جداً(حولي الدولار لكل 500 متر مكعب من المياه)، بل أن تركيب مئات الآلاف من هذه الأجهزة المولدة للأمطار سيقلل من ارتفاع مستوى سطح المحيطات بثلاث أقدام(90 سم) مما سيدرأ عن البشرية مخاطر الفيضانات التي تهدد الأرض بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري. كما يمكن الاستفادة من طاقة الشمس في التبخير عن طريق تركيز تلك الطاقة بعدسات ضخمة على سبيل المثال مع مراعاة حسن اختيار موقع تلك المشاريع لاتجاه الرياح بحيث تتجه الغيوم بالنهاية نحو الداخل السوري.
معوقات استثمار الموارد المائية في سورية :
يؤدي سوء استثمار الموارد المائية في سورية نتيجة سوء التخطيط والإدارة ونظم الري غير المجدية والنمو السكاني المتزايد بسرعة مع موجة الجفاف الحاصلة في الأجزاء الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد ، وكذلك التوسع العمراني وزيادة النشاط الاقتصادي وتغير المناخ وسوء إدارة قطاع المياه".في استنزاف الموارد المائية في سورية ونشوء أزمة مياه فيها ، وقد أفاد أحد خبراء المياه في دمشق أن "سورية غنية نسبياً من حيث الموارد المائية الطبيعية، ولكن نصيب الفرد من المياه شهد تدهوراً كبيراً"،وقد استهلكت سورية 19.2 مليار متر مكعب من المياه في عام 2007، أي 3.5 مليار متر مكعب أكثر من كمية المياه المتجددة طبيعياً وتتم تغطية العجز من المياه الجوفية والخزانات. وتشير الدراسات والأبحاث أن ما يجب فعله للتصدي للتحديات المتعلقة بالمياه بشكل أفضل، وخاصة في البلدان المتأثرة بالنزاعات وموجات النزوح ومتى ما بدأت النزاعات في التلاشي، ينبغي أن تصبح عملية استعادة خدمات المياه والصرف الصحي الأساسية أولوية، وخلال مرحلة التعافي ستكون المياه لأغراض الزراعة مهمة لأنها توفر سبل عيش للناس، ويتطلب التصدي لتحديات المياه والهشاشة الجمع بين الاستجابة الفورية للاحتياجات الأساسية للناس وتبني نهج طويل المدى يهدف إلى بناء القدرة على الصمود تجاه الصدمات والأزمات الممتدة كما ينبغي أن تعتمد الأخيرة على إدارة الموارد المائية وتقديم الخدمات بطريقة مستدامة وفعالة وعادلة.
ويعتبر الاستثمار في السياسات والممارسات المبتكرة أيضاً أمراً حيوياً، حيث يمكن أن تساهم عملية تطوير ونقل التكنولوجيا في توفير مزيد من التحسينات في كفاءة المياه وإنتاجية المحاصيل في المنطقة. كما يمكن أيضاً أن تعزز من قدرة النظم الزراعية البعلية على الصمود بشكل كبير، من خلالتشجيع ممارسات المحافظة على الأراضي واستصلاحها.
و يشكل العمل الجماعي بين البلدان وعبر الحدود أمراً ضرورياً، حيث يعتبر العمل الجماعي والشراكات أمران ضروريان بالنظر إلى نطاق وتشابه التحديات، والحجم الصغير نسبياً لكثير من بلدان المنطقة، والطابع العابر للحدود لمسائل مهمة مثل تغير المناخ والموارد المائية المشتركة.
الى ذلك, فان ما لا يبشر بالخير بالنسبة للمستقبل في سورية بالرغم من صدور قانون عام 2005 ضد حفر الآبار إلا أن الآبار غير القانونية تكاثرت في البلاد، ويتم حالياً حفرها بشكل أكثر عمقاً من أي وقت مضى بشكل يصل إلى الاحتياطيات المتقلصة من المياه الجوفية. ، اضافة الى أن المزارعين يستنزفون المياه الجوفية بشكل كبير من خلال استخراج المياه لمحاصيلهم" ، ولو استعرضنا وضع الاحواض المائية الداخلية في القطر الواقعة على شريط المدن الكبرى: (حلب، ادلب حماه، حمص، دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة)، ندرك انه منذ حوالي 15 عاما ومنسوب المياه الجوفية ينخفض في تلك الاحواض باستمرار نتيجة التوسع في حفر الابار، وقد جف الكثير من ابار هذا الشريط في السنوات الاخيرة، اما مياه الانهار الداخلية لشريط المدن المذكورة فقد سبقت المياه الجوفية شحا، حتى اصبح منظر النهر في أيامنا هذه وهو فارغ أو مملوءا بقليل من المياه الضحلة منظرا مألوفا. وحيال هذا الوضع بدأ بعض الفلاحين بتعميق آبارهم وتركيب محركات ومضخات اكبر، آملين التغلب على هذه المشكلة، مما زاد في تكاليف تأسيس المشروع الزراعي ونفقات المحروقات، ولم تكن محاولاتهم في اغلب الاحيان تكلل بالنجاح، اذ لا تلبث المياه ان تنخفض من جديد بعد عدة سنوات، اما الفلاحون الاخرون ممن لا تتوفر لديهم تكاليف تعميق البئر فقد اخذوا ينتظرون ان تجود عليهم السماء بالمياه عاما بعد عام ليرتفع منسوب المياه في ابارهم ويتمكنوا من زراعة ارضهم من جديد، وهم على يقين ان المياه لن تعود كما كانت عليه في الماضي.
ان اكثر المناطق تأثرا بنقص المياه السطحية والجوفية في سورية هي مناطق الشريط الداخلي الذي يمتد من شمال سوريا إلى جنوبها ويشمل محافظات: «حلب، ادلب، حماه، حمص، دمشق، درعا، السويداء، القنيطرة»، ويشكل سكان هذه المحافظات حوالي 75% من سكان القطر. ان نسبة استهلاك المياه في سورية في قطاع الزراعة تزيد على 90%، والباقي يذهب للاستهلاك المنزلي والصناعي، ومن المعلوم ان الري الزائد يحدث بشكل عام ضررا للمزروعات، كما يتسبب في تملح بعض الاراضي حين عودة الماء في اعماق التربة المالحة وترسيب الاملاح على سطحها لدى التبخر، ويعتبر التحكم في كميات مياه الري من الامور الهامة في عالم الزراعة وذات اثر كبير في مردود وحدة المساحة، ورغم ان قسما كبيرا من فلاحينا لديهم خبرة جيدة في استعمال مياه الري الا ان العلوم والتجارب العالمية والمحلية تقدمت كثيرا في تحديد متطلبات المياه لكل نوع من انواع المزروعات وفقا لنوعية التربة والمعطيات المناخية الاخرى، لذا فان اعتماد مزارعينا وفلاحينا على الارشاد الزراعي في هذا المجال يحقق دون شك زيادة في انتاج وحدة المساحة وتخفيض نفقات الري، ولا يتأتى ذلك بشكل عملي الا بتركيب عدادات على مضخات المياه الزراعية حتى يعلم المزارع والفلاح كميات المياه المضخوخة بدقة ويعطي مزروعاته الكمية التي تناسبها. اما بالنسبة لنقل مياه الري بالانابيب واستخدام طرق الري بالتنقيط، الرذاذ لبعض الزراعات، فهي طرق جديدة لتخفيف الهدر تصل نسبة التوفير فيها إلى 50% احيانا، وقد اكد المجلس الزراعي الاعلى منذ فترة على اتخاذ كافة التدابير والاجراءات التي تؤدي إلى التحول من طرق الري القديمة إلى طرق الري الحديثة خلال عام، بهدف الحفاظ على الثروة المائية من الهدر والاستنزاف، ويعتبر هذا القرار خطوة فعالة عن طريق مكافحة الهدر، علما ان السيد رئيس الجمهورية بشار الاسد كان قد وجه حول ضرورة مكافحة الهدر في نطاق القسم التاريخي أمام مجلس الشعب، حيث قال: علينا ان نكافح الهدر والفساد.
تعاني المحافظات السورية: حلب، ادلب، حماه، حمص، دمشق، درعا السويداء، القنيطرة، من عجز مائي منذ عام 1985 يقدر حاليا بـ 3046 مليون م3 في السنة، و7672 مليون م3 في السنة مستقبلا في عام 2025 وهي الاحتياجات اللازمة للنمو السكاني المتزايد فيما يتعلق بالاستهلاكات المنزلية والصناعية والتوسع الزراعي. وتقتضي الضرورة من اجل اجراءات التقنين: التوجه ما امكن في قطاع الصناعة نحو الطرق التي لا تستهلك كميات كبيرة من المياه، وفي قطاع الزراعة تشجيع منح القروض لمعدات الري بالتنقيط والرش، للمزروعات التي نجح فيها استعمال هذه الطرق، وتركيب عدادات مياه الابار المرخصة وغير المرخصة لتوجيه المزارعين والفلاحين في مناطق الشريط الداخلي إلى كمية المياه اللازمة بطريقة الارشاد الزراعي. كما يجب مساعدة حوض دمشق من خلال إنشاء مناطق صناعية في المناطق الساحلية الغنية نسبياً بالمياه، بدلاً من تشجيع تأسيس الشركات في دمشق وريفها.
أخيرا نختم المقال بالتركيز على اهمية تحديد عدد السكان, من خلال نشر الوعي بين السكان وافراد المجتمع من جهة ومن خلال تغيير القوانين التي تمنع الدعاية لوسائل تنظيم الاسرة والاسباب في المنع شرعية تتطلب من الدولة والمتنورين فيها السعي نحو استصدار فتاوى شرعية تبيح شرعا الترويج لتحديد عدد السكان .. لن يعيش سكان فرنسا او المانيا كمثال بالرفاهية الحالية لو كان تعداد السكان يتضاعف في هذين البلدين بنسبة تضاعفهما في بلدان العالم الثالث (بينما التعداد لديهم ثابت بل هو في تناقص الى حد مقلق). وبينما هم جادون في هذين البلدين في وضع حلول فورية لمنع تناقص عدد السكان من خلال تشجيع الزواج والانجاب بمحفزات مالية ومن خلال استقدام المهاجرين وتجنيسهم .. علينا نحن استخدام قرارت فعالة وجدية في تشجيع تحديد النسل .. ولو كنا فعلنا تلك القرارات منذ خمسين عاما ربما كان تعداد السكان في القطر عام 2010 لا يتجاوز ال 15 مليون, وبالتالي كان مستوى الرفاهية لدى الافراد والسكان سيكون مرتفعا, وكذلك مستوى الوعي المرتفع كافيا لمنع الانزلاق نحو العنف ورفع السلاح.