أجرت وكالة "سبوتنيك" مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد في ما يلي نصها:
سبوتنيك: سيدي الرئيس تحرير تدمر بدون شك خبر عالمي وبرأيي لم يتم استيعابه بعد.. ومن المهم أن ذلك قد حدث بعد أن سُحب الجزء الرئيسي من القوات العسكرية الروسية من بلادكم، كيف حدث ذلك وماهي المدن الأخرى التي تعتزمون التوجّه إليها؟
الرئيس الأسد:
لم يتم استيعاب هذا الخبر.. صحيح البعض في العالم استوعبه ولكنه لا يريد أن يصدقه.. واليوم بعد مرور يومين على تحرير مدينة تدمر، فإن عدداً من الدول المفترض بأنها معنية بمكافحة الإرهاب أو جزء من التحالف الدولي الأمريكي لمكافحة الإرهاب حتى الآن لم تعلن موقفاً من تحرير تدمر، وأنا أريد أن أكون واضحاً بالدرجة الأولى.. النظامان الفرنسي والبريطاني، لم نسمع منهما أي تعليق.. وهناك أسباب لذلك: أولاً لأن احتلال تدمر من قبل الإرهابيين منذ أقل من عام كان دليلاً على فشل التحالف وعلى عدم جدّيته في مكافحة الإرهاب، وخاصة مكافحة داعش، وأيضاً تحريرها الذي تم بدعم روسي، كان هو الدليل الآخر على عدم جديتهم.. كيف تمكّنا من ذلك؟ بشكل مبسط.. أولاً لدينا إرادة لتنظيف سورية بشكل كامل من الإرهابيين، وهذا الكلام غير قابل للنقاش ولايوجد خيارات لحماية سورية إن لم نقم بمكافحة الإرهاب، طبعاً مع العملية السياسية ولكن مكافحة الإرهاب أساسية، فإذاً نحن نمتلك هذه الإرادة، الشعب السوري يمتلك هذه الإرادة، أيضاً الجيش السوري مصمم على تحرير كل منطقة، بنفس الوقت دعم الأصدقاء، الدعم الروسي كان دعماً اساسياً وفعالاً للوصول إلى هذه النتيجة، دعم الأصدقاء في إيران أيضاً بالإضافة لحزب الله، وهناك أيضاً مجموعات أخرى سورية تقاتل مع الجيش.. طبعاً بعد تحرير تدمر لابد أن نتحرك بالمناطق المحيطة التي تؤدي إلى المناطق الشرقية كمدينة دير الزور.. وبنفس الوقت بدء العمل باتجاه مدينة الرقة التي تشكل الآن المعقل الأساسي لإرهابيي داعش.
سبوتنيك: هناك أحاديث كثيرة الآن عن اللاجئين السوريين، والجزء الأعظم من اللاجئين إلى أوروبا يقدمون أنفسهم على أنهم سوريون، حتى الباكستانيون. وحسب التقييمات الألمانية، فإن 77 بالمئة منهم لايحملون أوراقاً ثبوتية. نودّ أن نفهم كيف تقيّمون عدد اللاجئين الذين أُجبروا على ترك البلاد وما سبب هروبهم؟ وعدد اللاجئين ضمن سورية. نودّ أن نضع النقاط على الحروف فيما يخصّ هذا الأمر.
الرئيس الأسد: طبعاً لا توجد أرقام دقيقة حول الذين هاجروا من سورية أو الذين هُجِّروا داخل سورية. الأرقام تقريبية لأن هناك أشخاصاً ينتقلون داخل سورية ولكن لا يسجلون أنفسهم كمهجّرين، يذهبون إلى قرى فيها أقرباء لهم، ويجلسون عند عائلات صديقة. معظم هؤلاء يأتون من المناطق التي يوجد فيها إرهابيون إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة بحثاً عن الأمان. لكن لا أعتقد أن المشكلة تكمن بالرقم، المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد عمل جدّي من قبل كثير من دول العالم لحل مشكلة هؤلاء، هم يتعاملون مع قضية الهجرة وكأنها تخصّ الخارج فقط، يريدون أن يستقبلوهم في بعض الدول الأوروبية ليؤمنوا لهم المأوى والمساعدات، وربما يرسلون بعض المساعدات للمهجّرين داخل سورية. هذا لا يحل المشكلة. المشكلة الأساسية هي الإرهاب، فيجب أن نقوم بمكافحته على المستوى الدولي، لأن الإرهاب ليس مرتبطاً فقط بسورية، هو موجود في العراق، هو مدعوم بشكل مباشر من تركيا، هو مدعوم بشكل مباشر من العائلة السعودية المالكة، وجزء من الدول الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا، وباقي الدول تنظر، تشاهد، لا تقوم بعمل جاد. أعتقد أنه هنا تكمن المشكلة أكثر من مشكلة الأرقام بحد ذاتها.
سبوتنيك: نحن متأكدون بأنكم تنتظرون عودة السوريين إلى بلدهم، لكن هذا سيتم بعد البدء بإعادة الإعمار، هل لديكم تقييمات بحجم الدمار والضرر التي تعرضت له سورية عبر السنوات الأخيرة؟
الرئيس الأسد: الأضرار الاقتصادية وفيما يتعلق بالبنى التحتية، تتجاوز 200 مليار دولار. الجوانب الاقتصادية يمكن ترميمها مباشرة عندما تستقر الأوضاع في سورية، ولكن البنية التحتية تستغرق وقتاً طويلاً، نحن بدأنا عملية إعادة الإعمار حتى قبل أن تنتهي الأزمة لكي نخفّف قدر الإمكان من الأضرار الاقتصادية وأضرار البنية التحتية على المواطن السوري، وبنفس الوقت نخفّف من الهجرة إلى الخارج. ربما هناك من لديه الرغبة بالعودة عندما يرى بأن هناك أملاً بأن الأمور ستتحسّن. الهجرة ليس سببها فقط الإرهاب والوضع الأمني، وإنما الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على سورية. كثير من الأشخاص هاجروا من مناطق آمنة، ليس فيها إرهاب، بسبب الوضع المعاشي، المواطن لم يعد قادراً على تأمين احتياجاته. فإذاً، بالنسبة لنا كدولة، لا بد من القيام بأعمال ولو أولية من أجل تحسين الوضع الاقتصادي والخدمي في سورية، وهذا ما نقوم به الآن بالنسبة لإعادة الإعمار.
سبوتنيك: بالطبع سورية ستعتمد على مساعدة المجتمع الدولي، على من ستعتمدون للمساعدة في إعادة إعمار البلاد وكيف تتصورون دور الشركات الروسية والأعمال الروسية؟
الرئيس الأسد: عملية إعادة الإعمار هي عملية رابحة بجميع الأحوال بالنسبة للشركات التي ستساهم فيها، وخاصة إن تمكنت من تأمين قروض من الدول التي ستدعمها. طبعاً نتوقع في هذه الحالة أن تعتمد العملية على ثلاث دول أساسية وقفت مع سورية خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران. لكن أنا أعتقد بأن كثيراً من الدول التي وقفت ضد سورية، وأقصد الدول الغربية بالدرجة الأولى، ستحاول أن ترسل شركاتها لتكون جزءاً من هذه العملية. لكن بالنسبة لنا في سورية لا شك بأن التوجّه الأساسي سيكون باتجاه الدول الصديقة. بكل تأكيد لو سألتَ هذا السؤال لأي مواطن سوري سيكون جوابه سياسياً، عاطفياً، بأننا نرحّب أولاً بشركات هذه الدول الثلاث وفي مقدّمتها روسيا. وعندما نقول بنية تحتية، فهي تشمل ربما ليس عشرات المجالات والاختصاصات، بل المئات منها، لذلك أعتقد بأن المجال سيكون واسعاً جداً لكل الشركات الروسية للمساهمة في إعادة إعمار سورية.
سبوتنيك: سيادة الرئيس! سننتقل إلى الشقّ السياسي، كيف تقيّمون نتائج المفاوضات في جنيف بخصوص سورية والتي انتهت الأسبوع الماضي؟
الرئيس الأسد: طبعاً، حتى الآن لا نستطيع أن نقول بأن هناك شيئاً أُنجز في محادثات جنيف، ولكن بدأنا الآن بالأشياء الأساسية، وهي وضع مبادئ أساسية تُبنى عليها المفاوضات، لأن أي مفاوضات بدون مبادئ تستند إليها تتحوّل إلى مفاوضات فوضوية لا يمكن أن تُنتج شيئاً، وتتيح لكل طرف بأن يتعنّت، وتسمح للدول الأخرى بأن تتدخل بشكل غير موضوعي. الآن بدأنا بورقة مبادئ. كان عملنا الأساسي مع السيد دي ميستورا، وليس مع الطرف الآخر الذي سنفاوضه، وسنتابع النقاش والحوار حول هذه الورقة في الجولة القادمة. أستطيع أن أقول الآن بأن ما تمّ إنجازه في الجولة الماضية، هو بداية وضع منهجية لمفاوضات ناجحة، إن استمرّينا بهذه المنهجية، ستكون أيضاً باقي الجولات جيدة، أو منتجة.
سبوتنيك: كنا نريد أن نسأل عن ذلك… ماهي المواقف التي ستنطلق منها سورية في الجولة القادمة في المفاوضات؟ متى سيناقش ما يسمى الانتقال السياسي؟ وهناك سيظهر موضوع هيئة الحكم الانتقالية. ماهي وجهة نظركم في آلية تشكيله؟
الرئيس الأسد: أولاً بالنسبة لتعريف المرحلة الانتقالية، لا يوجد تعريف. نحن بالنسبة لنا في سورية نعتقد بأن تعريف مفهوم الانتقال السياسي هو الانتقال من دستور إلى دستور آخر، والدستور هو الذي يعبّر عن شكل النظام السياسي المطلوب في المرحلة المقبلة. فإذاً المرحلة الانتقالية لابد أن تستمر تحت الدستور الحالي، وننتقل للدستور القادم بعد أن يصوّت عليه الشعب السوري. حتى ذلك الوقت ما نستطيع أن نقوم به، بحسب تصوّرنا في سورية، أن يكون هناك حكومة. هذه البنية الانتقالية، أو هذا الشكل الانتقالي، هو حكومة مشكّلة من مختلف أطياف القوى السياسية السورية، معارضة، مستقلين، حكومة حالية، وغيرها. الهدف الأساسي لهذه الحكومة العمل على إنجاز الدستور، ثم طرحه على السوريين من أجل التصويت، ولاحقاً الانتقال للدستور المقبل. لا يوجد شيء في الدستور السوري، ولا في أي دستور دولة من دول العالم اسمه هيئة انتقالية. هذا الكلام غير منطقي وغير دستوري. ما هي صلاحيات هذه الهيئة؟ كيف تدير الشؤون اليومية للمواطنين؟ من يقيّمها؟ اليوم هناك مجلس شعب ودستور يدير الحكومة والدولة. لذلك الحل هو في حكومة وحدة وطنية تهيئ لدستور جديد.
سبوتنيك: هنا وبخصوص هذه الحكومة أردنا أن نسألكم ما هي آلية تشكيلها؟ من سيقوم بتعيينها؟ هل يمكن أن يكون البرلمان الذي سينتخب في 13 الشهر القادم؟ أو أنتم شخصياً؟ أو هل ستسمحون بمشاركة عالمية بذلك؟ كيف سيتم تشكيل الحكومة؟
الرئيس الأسد: هذا هو الهدف من جنيف، حوار سوري — سوري نتفّق فيه على شكل هذه الحكومة. طبعاً نحن الآن لم نضع تصوّراً نهائياً، لأن الأطراف الأخرى السورية لم توافق على المبدأ بعد. هناك من وافق، ولكن عندما نتّفق جميعاً على المبدأ سوف نقول كيف يكون التنفيذ. المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة، وللقوى المعارضة، وللقوى الموالية للدولة. هذا مبدئياً بشكل سريع. أما كيف يتم التوزيع من الناحية التقنية، كما تعرف، هناك وزارات بحقيبة، وأخرى من دون حقيبة، هناك وزراء سيدخلون إلى الدولة ليس لديهم أي خبرة بالعمل الحكومي، فكيف يديرون الشؤون اليومية للمواطنين. هناك الكثير من الأسئلة التفصيلية التي لابد أن تخضع للنقاش بيننا في جنيف، ولكن هذه القضايا ليست معقّدة. أنا لا أراها معقّدة، كلها قابلة للحل. ومجلس الشعب ليس له دور في هذه العملية، هي عملية تتم بيننا وبين المعارضة في الخارج، ومجلس الشعب يشرف على عمل الحكومة، ولكنه لا يعيّن الحكومة في سورية.
سبوتنيك: هل تعتقدون بأن بنية البرلمان القادم ستكون متعددة الألوان؟
الرئيس الأسد: هذا يعتمد على الناخبين في سورية. هل سيكون هناك ألوان جديدة في المجتمع السوري؟ أي أنه لا يكفي، كما حدث في الانتخابات البرلمانية عام 2000، أن يكون لديك أحزاباً جديدة، تستطيع أن تُشكّل 100 حزب، لكن ذلك لا يعني أنهم سيمثَّلون جميعاً في الانتخابات. ما هو الشكل الذي يقبله المواطن السوري لكي يذهب ويصوّت؟ هذه الأمور كما تعلم لا تحصل بشكل سريع، هي بحاجة لوقت، أيّ حزب جديد بحاجة لكي يثبت وجهة نظره وبرنامجه السياسي بين المواطنين، وفي مثل هذه الظروف الصعبة ربما الناس بطبيعتها لا تريد أن تجرّب الكثير من الأشياء الجديدة وربما عندما يتحسّن الوضع الأمني سوف نرى هذا الشيء بشكل أفضل. سيكون هناك هموم سياسية للمواطن أكثر من الهموم المعاشية. اليوم المواطن يفكر أولاً في حياته، في أمنه، ثانياً يفكّر في معيشته، في دراسة أولاده، في صحته. تأتي الهموم الأخرى لاحقاً، لذلك في هذه الظروف لا أتوقع أن نرى تبدلاً جذرياً حقيقياً.
سبوتنيك: مع كل هذا، كيف ستساعد نجاحاتكم على الأرض وانتصارات القوات الحكومية في الانتقال السياسي؟ هناك من يعتقد بأن هذا سيجعل موقفكم في محادثات جنيف أكثر صلابة، هل سيهدّد هذا العملية السياسية؟
الرئيس الأسد: هذا سؤال هام جداً، لأن هناك من يتهمنا نحن وروسيا بذلك، حيث يتم تصوير وقوف روسيا ضد الإرهاب على أنه وقوف مع الرئيس أو مع الحكومة السورية، وبالتالي هو عقبة في وجه العملية السياسية. ربما كان ذلك صحيحاً لو أننا كنّا غير مرنين منذ البداية، لو أننا كنّا فعلاً متعنّتين، ولكن لو عُدتُ إلى سياسة الدولة السورية منذ خمس سنوات، نحن استجبنا لكل المبادرات التي طُرحت من دون استثناء ومن كل الاتجاهات، حتى ولو لم تكن صادقة، الهدف هو أننا لا نريد أن نترك فرصة إلا ونجرّبها من أجل حل الأزمة. لذلك أستطيع أن ألخّص الجواب حول هذه النقطة بأن الدعم العسكري الروسي ودعم الأصدقاء لسورية والإنجازات العسكرية السورية كلها ستؤدي لتسريع الحل السياسي وليس العكس. نحن لم نغيّر مواقفنا لا قبل الدعم الروسي ولا بعده، ذهبنا إلى جنيف ومازلنا مرنين. ولكن بنفس الوقت سيكون لهذه الانتصارات تأثير على القوى والدول التي تعرقل الحل، لأن هذه الدول وفي مقدمتها السعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا تراهن على الفشل في الميدان لكي تفرض شروطها في المفاوضات السياسية. فإذاً هذه الأعمال العسكرية، والتقدّم العسكري، سوف يؤدي لتسريع الحل السياسي وليس لعرقلته.
سبوتنيك: إذا ما تحدثنا عن المستقبل! كيف تتصورون وجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضي سورية مستقبلاً، ووفق أي شروط ستبقى هذه القواعد؟ وهل سورية بحاجة إليها؟
الرئيس الأسد: إذا تحدّثنا عن المرحلة الحالية، مرحلة الإرهاب، نعم، بكل تأكيد نحن بحاجة لوجودها لأنها فاعلة في مكافحة الإرهاب، حتى ولو عاد الوضع في سورية من الناحية الأمنية مستقراً. فعملية مكافحة الإرهاب ليست سريعة أو عابرة. الإرهاب انتشر عبر عقود في هذه المنطقة وبحاجة لفترة طويلة لكي تتم مكافحته. هذا من جانب، من جانب آخر هي لا ترتبط فقط بمكافحة الإرهاب، هي ترتبط بالوضع الدولي العام، فمع كل أسف، الغرب خلال الحرب الباردة وبعدها وحتى اليوم لم يغيّر سياسته، هو يريد أن يهيمن على القرار الدولي، مع كل أسف لم تتمكن الأمم المتحدة من القيام بدور في حفظ السلام في العالم. إذاً حتى ذلك الوقت، حتى تستعيد الأمم المتحدة دورها الحقيقي، القواعد العسكرية ضرورية، لنا، لكم، للتوازن الدولي في العالم، هذه حقيقة سواء اتفقنا معها أم لم نتفق، ولكنها الآن هي حالة ضرورية.
سبوتنيك: عن قواعد أي دول بالضبط تتحدّثون الآن؟
الرئيس الأسد: أنا أتحدّث فقط عن روسيا، لا يوجد دولة أخرى، لأن علاقتنا مع روسيا عمرها أكثر من ستة عقود وهي مبينة على الثقة والوضوح، ومن جهة أخرى، لأن روسيا تستند في سياساتها إلى المبادئ، ونحن نستند إلى المبادئ، لذلك عندما تأتي قواعد عسكرية روسية إلى سورية فهي ليست احتلالاً، بل على العكس هي تعزيز للصداقة وللعلاقة، وتعزيز للاستقرار والأمن، وهذا ما نريده.
سبوتنيك: هل تتصورون أو هل تسمحون بإمكانية أن تتحوّل سورية إلى دولة ذات نظام حكم فيدرالي؟ إذا كان الجواب نعم! كيف سيكون شكل الحكم الذاتي الكردي؟ ما مدى اتساعه؟
الرئيس الأسد: من ناحية الجغرافيا، سورية صغيرة جداً لكي يكون فيها فيدرالية، هي ربما أصغر من معظم الجمهوريات الموجودة في روسيا. من الناحية الاجتماعية، الفيدرالية بحاجة لمكوّنات اجتماعية قد لا تتمكّن من العيش مع بعضها البعض، وهذا ليس موجوداً في التاريخ السوري. فبالمبدأ الأساسي لا أعتقد بأن سورية مهيأة لفيدرالية، لا توجد عوامل طبيعية لكي يكون هناك فيدرالية. طبعاً، بالمحصلة، نحن كدولة نقول بأن ما يوافق عليه الشعب هو ما نوافق عليه. موضوع الفيدرالية مرتبط بالدستور، والدستور بحاجة لموافقة شعبية. ولكن هناك مفهوم، بحاجة لتصحيح، بالنسبة لفيدرالية كردية. معظم الأكراد يريدون أن يعيشوا في ظلّ سورية موحّدة، بنظام مركزي بالمعنى السياسي وليس فيدرالي، فعلينا ألا نخلط بين بعض الأكراد الذين يريدون النظام الفيدرالي وكل الأكراد. وهناك ربما مكوّنات أخرى غير كردية، صغيرة بالحجم جداً، تسعى لهذا الشيء أيضاً. أما فكرة أن يكون هناك فيدرالية فهي ليست طرحاً عاماً في سورية، لذلك لا أعتقد بأن هذا الطرح، في حال طُرح على التصويت، سيحظى بموافقة الشعب السوري.
سبوتنيك: ولكن الآن هناك حديث عن دستور جديد، هل أنتم موافقون على أن مخطط الدستور الجديد سيكون جاهزاً في آب (أغسطس)؟ هذا التاريخ حدده جون كيري بعد محادثاته في الكرملين، فيما موقف روسيا لم يعلن بعد! هذا موقف كيري الذي أعلنه في موسكو؟
الرئيس الأسد: صياغة الدستور ربما تكون جاهزة خلال أسابيع، الخبراء موجودون، هناك مقترحات جاهزة يمكن أن تجمّع، ما يستغرق وقتاً هو النقاش. يبقى هنا السؤال، ليس كم تستغرق من الوقت صياغة الدستور، السؤال هو ما هي العملية السياسية التي سنصل من خلالها لمناقشة الدستور. نحن كدولة نستطيع اليوم أن نقوم بصياغة دستور وطرحه على المواطنين، ولكن عندما نتحدّث عن قوى سياسية، من هي هذه القوى السياسية؟ نحن لا نعرف. نسأل هذا السؤال لـ "دي ميسورا"، هو لا يعرف، حتى الأميركيون لا يعرفون. الغرب أحياناً، أو بعض الدول وخاصة السعودية تريد أن تختصر كل الطرف الآخر بمعارضة الرياض التي فيها إرهابيين، إذاً يجب أن تظهر صورة واحدة للمعارضة —هذه غير موجودة- عندها نتفاوض معهم على دستور، عدا عن ذلك شهر آب هو زمن جيد وكاف.
أرسل الرئيس الأسد، رسالة تهنئة إلى نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، بمناسبة "عيد النصر" الروسي على النازيين أعرب فيها باسمه وأعرب فيها باسمه وباسم الشعب السوري عن أخلص التهاني للرئيس بوتين وللشعب الروسي الصديق بهذا اليوم والذي دفع الشعب الروسي ثمنا باهظا له ولكنه سطر في التاريخ أسطورة صمود وانتصار ستبقى تلهم الأجيال على مدى العصور.
وأكد الرئيس الأسد أن مواقف روسيا النبيلة ومساعدتها المشكورة للشعب السوري للوقوف في وجه الإرهاب تعتبر استمرارا طبيعيا لما عرف عن الشعب الروسي من الوقوف في وجه الظلم والعدوان والانتصار لقضايا الشعوب العادلة معتبرا أن مدينة حلب اليوم كما جميع المدن السورية تعانق ستالينغراد البطلة وتعاهدها أنها رغم شراسة الأعداء وقساوة العدوان ورغم حجم التضحيات والآلام فإن مدننا وقرانا وشعبنا وجيشنا الأبي لن يقبلوا بأقل من دحر هذا العدوان وتحقيق الانتصار النهائي عليه لما فيه خير سورية والمنطقة والعالم.
وتحيي روسيا في التاسع من أيار من كل عام ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب الوطنية العظمى التي استمرت من عام 1941 حتى عام 1945 والذي وضع حداً نهائياً لما يعرف بظاهرة النازية والفاشية التي حاولت السيطرة على العالم في أربعينيات القرن الماضي.
وأكد الرئيس الأسد أن مواقف روسيا النبيلة ومساعدتها المشكورة للشعب السوري للوقوف في وجه الإرهاب تعتبر استمرارا طبيعيا لما عرف عن الشعب الروسي من الوقوف في وجه الظلم والعدوان والانتصار لقضايا الشعوب العادلة معتبرا أن مدينة حلب اليوم كما جميع المدن السورية تعانق ستالينغراد البطلة وتعاهدها أنها رغم شراسة الأعداء وقساوة العدوان ورغم حجم التضحيات والآلام فإن مدننا وقرانا وشعبنا وجيشنا الأبي لن يقبلوا بأقل من دحر هذا العدوان وتحقيق الانتصار النهائي عليه لما فيه خير سورية والمنطقة والعالم.
وتحيي روسيا في التاسع من أيار من كل عام ذكرى الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب الوطنية العظمى التي استمرت من عام 1941 حتى عام 1945 والذي وضع حداً نهائياً لما يعرف بظاهرة النازية والفاشية التي حاولت السيطرة على العالم في أربعينيات القرن الماضي.
قام السيد الرئيس بشار الاسد وعقيلته السيدة اسماء اليوم الخميس أهالي قرى بريف حمص بزيارة غير متوقعة, حيث فوجئ الأهالي بنزوله من سيارته بينهم.
وبحسب صفحة "رئاسة الجمهورية العربية السورية" على الفيس بوك قام الرئيس الاسد وعقيلته بزيارة عدد من مصابي الجيش السوري بقرى ريف حمص منهم الجريح مصطفى ابراهيم الابراهيم، من قرية المضابع والجريح عيسى رامز الابراهيم من قرية تنونة التابعة لخربة التين والجريح منهل الديوب في منزله بقرية الكنيسة.
أكد الرئيس بشار الأسد خلال مقابلة مع قناة “أس بي أس” الأسترالية أن سورية ترحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب مشدداً على أن هذا الجهد ينبغي أن يكون من خلال الحكومة الشرعية في سورية.
وفيما يلي نص المقابلة كاملةً:
السؤال الأول: لقد مضى أكثر من خمس سنوات على بداية الأزمة في سورية، ويقدر بأن نحو ربع مليون شخص قد قتلوا، والعديد منهم مدنيون، ثمة كارثة إنسانية لا يمكن إنكارها، ما هو في رأيكم المدى الذي بلغتموه في هذه الأزمة، وهل تلوح في الأفق بوادر لنهايتها؟
الرئيس الأسد: “بالطبع،.. فإن بوادر النهاية تلوح في الأفق والحل واضح جداً، هو بسيط ومع ذلك مستحيل، بسيط لأنه واضح جداً ويتمثل في كيفية إجراء حوار بين السوريين حول العملية السياسية، لكن في الوقت نفسه محاربة الإرهاب والإرهابيين في سورية، لا يمكن التوصل إلى أي حل حقيقي دون محاربة الإرهاب، وهي مستحيلة لأن الدول التي تدعم أولئك الإرهابيين سواء كانت غربية أو إقليمية مثل تركيا والسعودية وقطر لا تريد التوقف عن إرسال جميع أنواع الدعم لأولئك الإرهابيين: وبالتالي فإذا بدأنا بوقف كل هذا الدعم اللوجستي, وذهاب السوريين إلى الحوار وإجراء نقاش حول الدستور ومستقبل سورية والنظام السياسي فإن الحل قريب جداً وليس بعيد المنال”.
السؤال الثاني:تشير العديد من التقارير في الغرب حالياً إلى أن نهاية “داعش” باتت وشيكة، هل تعتقدون أن هذا صحيح، وما المدة الزمنية التي تفصلكم عن استعادة الرقة هذه المدينة المهمة جداً؟
الرئيس الأسد: “ما يحدث ليس سباقاً، والرقة بأهمية حلب ودمشق وأي مدينة أخرى، خطر تلك المجموعات الإرهابية لا يتمثل بالأرض التي يحتلونها لأن هذه ليست حرباً تقليدية، الأمر يتعلق بمدى تمكنهم من زرع أيديولوجيتهم في عقول سكان المنطقة التي يوجدون فيها، أما التعبئة العقائدية فهي الأمر الأكثر خطورة، وهكذا فإن الوصول إلى الرقة ليس صعباً جداً من الناحية العسكرية، المسألة مسألة وقت، ونحن ماضون في ذلك الاتجاه، لكن عندما تتحدث عن الحرب فإن السؤال هو ما يستطيع الطرف الآخر أو لنقل العدو فعله وذلك يرتبط مباشرة بما تقوم به تركيا وخصوصا أردوغان في دعم تلك المجموعات لأن هذا هو ما يحدث منذ البداية، إذا تحدثت عن سورية كميدان عسكري منعزل فإنه يمكن الوصول إلى تلك المنطقة خلال أسابيع أو أشهر قليلة، لكن دون أخذ الجهد التركي في دعم الإرهابيين بعين الاعتبار، فإن أي جواب سيكون بعيداً عن الواقع وغير حقيقي”.
السؤال الثالث: سيادة الرئيس، ما مدى شعوركم بالقلق حيال الصدامات الأخيرة التي تحدثت عنها التقارير بين قواتكم وحليفكم حزب الله؟
الرئيس الأسد: قتال بيننا وبين حزب الله، ليس هناك أي قتال، إنهم يدعمون الجيش السوري، إنهم لا يحاربون ضد الجيش السوري بل إلى جانبه، الجيش السوري وحزب الله وبدعم من القوات الجوية الروسية نحن نحارب ضد جميع المجموعات المسلحة سواء كانت “داعش” أو “النصرة” أو المجموعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة والمرتبطة بشكل آلي بـ”النصرة” و”داعش”.
السؤال الرابع: إذاً.. فإن التقارير التي تحدثت مؤخراً عن صدامات ليست صحيحة؟
الرئيس الأسد: “لا، إنها لا تتحدث عن صدامات بل لنقل حول اختلافات وخلافات في الرأي، وهذا غير صحيح، وإذا نظرت إلى الاجتماع الذي عقد مؤخراً بين وزراء دفاع سورية وروسيا وإيران في طهران فإن هذا يعني وجود تنسيق جيد فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب”.
السؤال الخامس: كي نكون واضحين.. هل تصنفون كل مجموعات المعارضة على أنها إرهابية؟
الرئيس الأسد: “بالتأكيد لا، عندما تتحدث عن مجموعة معارضة تتبنى وسائل سياسية فإن هؤلاء ليسوا إرهابيين.. لكن حالما تحمل رشاشاً أو أي سلاح آخر وتروع الناس وتهاجم المدنيين والممتلكات العامة والخاصة فأنت إرهابي.. لكن إذا تحدثت عن المعارضة فينبغي أن تكون هذه المعارضة سورية، لا يمكن أن تكون معارضة تعمل بالوكالة وبالنيابة عن دول أخرى مثل السعودية أو أي بلد آخر، ينبغي أن تكون معارضة سورية ذات جذور سورية كما هو الحال في بلادكم، أعتقد أن الأمر هو نفسه في جميع البلدان”.
السؤال السادس: قلتم مؤخراً أن وقف إطلاق النار أعطى الشعب السوري بارقة أمل، الآن وبعد خمسة أشهر ما تقييمكم للآمال التي انعقدت على ذلك؟
الرئيس الأسد: “لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار فعالا.. لكن لا ينبغي أن ننسى أن المجموعات الإرهابية تنتهك هذا الاتفاق بشكل يومي وفي الوقت نفسه وطبقا للاتفاق فإن من حقنا الرد عندما يهاجم الإرهابيون القوات الحكومية.. وبالتالي بوسعك القول فعليا ان الاتفاق لا يزال ساريا في معظم المناطق لكنه ليس سارياً في بعض المناطق”.
السؤال السابع: هناك روايات مختلفة حول بداية الأزمة في سورية.. يقول بعضها إنها بدأت بقيام أطفال بكتابة شعارات معادية للحكومة على الجدران وأن الحكومة تعاملت معهم بوحشية، أنا أفهم أنكم لا تقبلون هذه الرواية، كيف بدأت الأزمة من وجهة نظركم؟
الرئيس الأسد: “هو خليط من عدة أمور، تظاهر بعض الناس لأنهم كانوا يريدون الإصلاح لا نستطيع إنكار هذا ولا نستطيع القول إن الجميع كانوا إرهابيين أو ان الجميع كانوا مرتزقة لكن أغلبية أولئك المتظاهرين، وأنا لا أتحدث هنا عن المتظاهرين الحقيقيين، كانوا يتلقون أموالا من قطر من أجل التظاهر.. وفي مرحلة لاحقة أصبحوا يتلقون أموالا من قطر ليتحولوا إلى الأعمال المسلحة.. هكذا بدأت في الواقع.. أما حكاية الأطفال الذين تم اعتقالهم فإن هذه قصة وهمية لم تحدث.. بالطبع هناك دائما أخطاء تحدث خلال الممارسة على الأرض كما حدث في الولايات المتحدة مؤخراً خلال العام الماضي.. لكن هذا ليس مبررا لقيام الناس بحمل الرشاشات وقتل رجال الشرطة والجنود وما إلى ذلك”.
السؤال الثامن: تقولون إن بعض هؤلاء الناس عبروا عن حاجة مشروعة للإصلاح، هل كان ذلك نتيجة لتصرفات ثقيلة الوطأة قامت بها حكومتكم؟
الرئيس الأسد: “لا، لقد كان هناك إصلاح في سورية بدأ بشكل رئيسي عام 2000، البعض يعتقد بأن مسيرة الإصلاح كانت بطيئة والبعض يعتقد بأنها كانت أسرع مما ينبغي، وهذه آراء فردية وليست موضوعية، لكننا كنا نتحرك في ذلك الاتجاه لكن الدليل على أن المسألة لم تكن تتعلق بالإصلاح هو أننا قمنا بجميع الإصلاحات المطلوبة بعد بداية الأزمة قبل خمس سنوات ولم يتغير شيء، إذا فالمسألة لا علاقة لها بالإصلاح، لقد غيرنا الدستور وغيرنا القوانين التي طالبت المعارضة بتغييرها وغيرنا العديد من الأشياء الأخرى ولم يحدث شيء، لم تكن للمسألة علاقة بالإصلاح بل بتدفق الأموال من قطر، معظم الأشخاص الذين طالبوا بصدق بالإصلاح في بداية الأزمة لم يعودوا يتظاهرون الآن ولا يعارضون الحكومة بل يتعاونون معها، يمكن القول إن هؤلاء لا يؤمنون بالخط السياسي لهذه الحكومة وهذا حقهم وهو أمر طبيعي.. لكنهم لا يعملون ضد الحكومة أو ضد مؤسسات الدولة.. إنهم يميزون أنفسهم عن الأشخاص الذين دعموا الإرهابيين”.
السؤال التاسع: ما هو ردكم على حقيقة أن بعض وزرائكم انشق بسبب ما ادعوا أنه إجراءات وحشية قامت بها الحكومة؟
الرئيس الأسد: “في الواقع، لقد انشقوا لأنه طلب منهم القيام بذلك من قبل السعودية في بعض الحالات وفرنسا في حالات أخرى، حسب البلد الذي ينتمون إليه، والآن باتوا ينتمون إلى ما تسمى المعارضة التي تنتمي بدورها إلى تلك البلدان وليس إلى السوريين، وهؤلاء ليست لهم أي قيمة في سورية وبالتالي فإن ذلك لا يقلقنا، قيامهم بذلك لم يغير شيئاً، أعني أن ذلك لم يؤثر في الواقع في سورية”.
السؤال العاشر: أحد أهم داعميكم روسيا دعت إلى استئناف محادثات السلام، هل ترون أنها فكرة جيد؟
الرئيس الأسد: “نعم.. بالطبع.. نحن ندعم أي حوار مع كل الأطراف في سورية لكن في الواقع فإن هذه المحادثات لم تبدأ بعد وليست هناك محادثات سورية سورية حتى الآن لأن ما قمنا به حتى الآن هو مفاوضات مع الميسر أي السيد دي مستورا.. في الواقع فإن المحادثات لم تبدأ فعلياً.. إذا نحن ندعم المبدأ لكن من الناحية العملية ينبغي أن تكون هناك منهجية معينة لم تتشكل حتى الآن.. وبالتالي ينبغي أن نبدأ لكن ينبغي أن تكون لدينا المبادئ الأساسية كي تكون هذه المفاوضات مثمرة”.
السؤال الحادي عشر: إحدى المسائل التي احتار كثيرون بشأنها فيما يتعلق بالأزمة في سورية هي لماذا يظل حليفاكما الوثيقان إيران وروسيا مخلصين لكما حتى الآن؟
الرئيس الأسد: “لأن الأمر لم يكن يتعلق بالرئيس أو بالشخص.. هذا سوء تفسير أو لنقل إنه فهم خاطئ في الغرب وربما جزء من الدعاية الإعلامية التي تقول بأن روسيا وإيران تدعمان الأسد أو تدعمان الرئيس.. الأمر ليس كذلك إنه يتعلق بالوضع بمجمله.. الفوضى في سورية ستؤدي إلى إحداث أثر الدومينو في منطقتنا وهذا سيؤثر في البلدان المجاورة وإيران وروسيا وسيؤثر في أوروبا في الواقع.. إذا فعندما يدافعون عن سورية فهم يدافعون عن الاستقرار يدافعون عن استقرارهم ومصالحهم.. وفي الوقت نفسه فإن الأمر يتعلق بالمبدأ.. إنهم يدافعون عن الشعب السوري وحقه بحماية نفسه.. هذا لأنهم لو كانوا يدافعون عن الرئيس ولم يكن الشعب معه ولا يدعمه فإن الرئيس لا يستطيع أن يصمد خمس سنوات لمجرد أن روسيا وإيران تدعمانه.. إذا فالأمر لا يتعلق بالرئيس بل بالوضع برمته أو لنقل بالصورة الأكبر”.
السؤال الثاني عشر: هل تقيمون أي حوار مباشر أو غير مباشر مع الولايات المتحدة؟
الرئيس الأسد: “لا.. ليس هناك أي حوار على الإطلاق لكن يمكن القول إن هناك حواراً غير مباشر من خلال قنوات مختلفة.. لكن إذا سألتهم سينكرون ونحن سننكر.. لكن في الواقع إن القنوات الخلفية موجودة”.
السؤال الثالث عشر: ما هي بعض تلك القنوات؟
الرئيس الأسد: “لنقل إن هناك رجال أعمال يسافرون ويتنقلون حول العالم ويلتقون مسؤولين في الولايات المتحدة وأوروبا ويحاولون نقل رسائل معينة.. لكن ليس هناك شيء جاد لأننا لا نعتقد أن الإدارة الأمريكية جادة بشأن حل المشكلة في سورية”.
السؤال الرابع عشر: ذكرت التقارير مؤخراً أن أكثر من 50 دبلوماسياً دعوا إلى ما وصفوه بضربات عسكرية حقيقية وفعالة ضدكم.. ضد سورية.. هل يثير ذلك مخاوفكم بأي شكل من الأشكال… وهل تعتقدون أن ذلك يعد مؤشراً على سياسة أكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة حيال سورية؟
الرئيس الأسد: “لا.. فدعاة الحرب موجودون في كل إدارة أمريكية.. هذا ليس بشيء جديد.. لكننا لا نكترث بهذا البيان لأن الأمر لا يتعلق بهذا البيان بل بالسياسة والأفعال.. الفرق بين هذه الإدارة والإدارات التي سبقتها.. إدارة بوش مثلا هو أن بوش أرسل قواته أما هذه الإدارة فترسل المرتزقة وتتغاضى عما فعلته السعودية وتركيا وقطر منذ بداية الأزمة.. إذا فالسياسة هي نفسها.. إنها سياسة قائمة على العسكرة لكن بطرق مختلفة.. وبالتالي فإن هذا البيان لا يختلف عن الواقع القائم على الأرض.. إنه يطالب بالحرب والواقع الموجود على الأرض هو حرب فعلية”.
السؤال الخامس عشر: أشرتم إلى الإدارة السابقة، إدارة بوش، ثمة من يقول إن أحد أسباب بقائكم كحكومة لهذه المدة الطويلة هو إحجام أمريكا عن الانخراط على الأرض في حرب أخرى في الشرق الأوسط.. ألا تقبلون بذلك استنادا إلى ما قلتموه للتو؟
الرئيس الأسد: “إن الإدارات الأمريكية اشتهرت منذ خمسينيات القرن العشرين بخلق المشاكل بينما لم تحل أي مشكلة وهذا ما حدث في العراق.. غزا بوش العراق وتمكن من احتلاله خلال بضعة أسابيع لكن ما هي الخطوة التالية، الأمر لا يتعلق بالاحتلال.. هذه قوة عظمى.. أما نحن فلسنا قوة عظمى.. إذا فالأمر لا يتعلق بقيام أمريكا باحتلال سورية.. ما الخطوة التالية، ما الذي يريدون تحقيقه، إنهم لم يحققوا شيئا.. لقد أخفقوا في ليبيا وفي العراق وفي اليمن وفي سورية وفي كل مكان.. لم يفعلوا شيئا سوى خلق الفوضى.. وبالتالي إذا كانت الولايات المتحدة ترغب بخلق المزيد من الفوضى فبوسعها فعل ذلك.. لكن هل يستطيعون حل المشكلة.. لا”.
السؤال السادس عشر: هل لديكم مرشح مفضل ترغبون بفوزه في الانتخابات الأمريكية؟
الرئيس الأسد: “في الواقع لا.. فنحن لا نراهن على أي رئيس أمريكي لأن ما يقولونه عادة في حملاتهم الانتخابية يختلف عما يفعلونه بعد أن يصبحوا رؤساء.. وأوباما مثال على ذلك.. وبالتالي ليس علينا الانتظار.. علينا أن ننتظر لنرى السياسة التي سيتبنونها بصرف النظر عمن يفوز في الانتخابات”.
السؤال السابع عشر: إذا.. هل تستطيعون رؤية ظرف ما يمكن لسورية من خلاله أن تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة والغرب؟
الرئيس الأسد: “ليست لدينا مشكلة مع الولايات المتحدة.. إنها ليست عدوتنا ولا تحتل أرضنا.. لدينا خلافات معها وتلك الخلافات تعود إلى سبعينيات القرن العشرين وربما قبل ذلك.. لكن في أوقات مختلفة وخلال أحداث وظروف مختلفة تعاونا مع الولايات المتحدة.. إذا نحن لسنا ضد هذا التعاون.. لكن هذا التعاون يعني التحدث عن المصالح المشتركة ومناقشتها والعمل لتحقيقها وليس عن مصالحهم على حساب مصالحنا.. هذا هو الأمر وبالتالي ليست لدينا مشكلة في هذا”.
السؤال الثامن عشر: سيادة الرئيس.. لقد قضيتم وقتاً طويلاً كما قلتم في المملكة المتحدة.. هل تتوقعون حدوث أي تداعيات لقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على سورية والأزمة فيها؟
الرئيس الأسد: “لا أعتقد أنني أستطيع أن أتوسع في الجواب على اعتبار أن هذه قضية بريطانية وأنا لست بريطانيا أو أوروبيا.. لكن في الوقت نفسه أستطيع القول إن هذه النتيجة المفاجئة ربما لها مكونات مختلفة سواء كانت داخلية من الناحية الاقتصادية أو خارجية فيما يتعلق بالقلق من الإرهاب والقضايا الأمنية واللاجئين وما إلى ذلك.. إلا أن هذا يعد مؤشرا بالنسبة لنا فأولئك المسؤولون الذين كانوا يقدمون لي النصائح حول كيف ينبغي أن أتعامل مع الأزمة في سورية ويقولون إن على الأسد أن يرحل وإنه منفصل عن الواقع تبين أنهم منفصلون عن الواقع وإلا لما طلبوا إجراء هذا الاستفتاء.. لكني أعتقد أن هذا يشكل ثورة من قبل الناس هناك ضد ما أسميه في بعض الأحيان سياسيين من الدرجة الثانية.. لقد أرادوا مسؤولين يمتلكون القدرة على إدارة الدولة لقيادة بلدهم.. إذا أتت إدارة أخرى وفهمت أن قضية اللاجئين والأمن مرتبطة بالمشكلة في منطقتنا فعندها ستكون هناك سياسة مختلفة ستؤثر علينا إيجابيا يمكن عندها انتهاج سياسة مختلفة ستكون لها آثار إيجابية علينا.. لكن ليس لدي الكثير من الآمال بحدوث ذلك.. لنقل إن لدينا أملا ضعيفا لأننا لا نعرف من سيخلف كاميرون في المملكة المتحدة”.
السؤال التاسع عشر: استراليا جزء من “التحالف الدولي” الذي شكل لإلحاق الهزيمة بـ “داعش”.. ومن الواضح أن هذا هو أحد أهدافكم أيضاً.. في هذه الحالة ثمة هدف مشترك.. هل ترحبون بالتدخل الدولي عندما يكون هناك هدف مشترك كهذا؟
الرئيس الأسد: “نحن في الواقع نرحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب في سورية.. لكن ينبغي لهذا الجهد أن يكون حقيقيا وليس شكليا أو استعراضيا كما يحدث الآن في شمال سورية.. حيث لم تتمكن 60 دولة من منع “داعش” من التوسع.. في الواقع عندما بدأ الدعم الجوي الروسي عندها فقط توقف “داعش” عن التوسع.. إذا ينبغي أن يكون الجهد حقيقيا.. ثانيا.. ينبغي أن يكون هذا الجهد من خلال الحكومة الشرعية في سورية وليس لمجرد أنهم يرغبون بمحاربة الإرهاب وأنهم يستطيعون الذهاب إلى أي مكان في العالم.. نحن حكومة شرعية ودولة ذات سيادة.. بالمحصلة.. في هذين الظرفين فقط نرحب بأي دعم أجنبي محاربة الإرهاب”.
السؤال العشرون: لقد قتل عدد من الأستراليين في القتال إما مع الميليشيات الكردية أو مع “داعش”.. هل لديكم رسالة لهؤلاء الشباب الذين يشعرون بالغضب حيال ما يحدث في سورية إلى درجة أنهم يأتون للقتال فيها؟
الرئيس الأسد: “مرة أخرى لدي نفس الجواب.. إذا كان هناك أجانب يأتون دون إذن من الحكومة فإن وجودهم غير شرعي سواء أرادوا محاربة الإرهابيين أو أي جهة أخرى الأمر سيان.. ونستطيع القول إنه غير شرعي”.
السؤال الحادي والعشرون: لقد استخدم السياسيون الاستراليون لغة قاسية على نحو خاص لوصف دوركم في الأزمة كما فعل العديد من زعماء العالم.. رئيس الوزراء الأسترالي أشار إليكم ب “الطاغية المجرم” وقال إنكم مسؤولون عن قتل آلاف المدنيين الأبرياء.. زعيم المعارضة الأسترالي وصفكم بـ “الجزار” ومع ذلك الموقف الرسمي الأسترالي هو العمل معكم للتوصل إلى اتفاق سلام.. كيف يمكنكم التوفيق بين هذين الموقفين المختلفين جداً؟
الرئيس الأسد: هذه في الواقع هي المعايير المزدوجة للغرب بشكل عام.. إنهم يهاجموننا سياسيا ومن ثم يرسلون لنا مسؤوليهم للتعامل معنا من تحت الطاولة خصوصا مسؤوليهم الأمنيين بما في ذلك حكومتكم.. جميعهم يفعل هذا.. هم لا يريدون إزعاج الولايات المتحدة.. في الواقع فإن معظم المسؤولين الغربيين يكررون فقط ما تريد الولايات المتحدة منهم قوله.. هذا هو الواقع.. إذا أعتقد أنني استطيع القول ان هذه التصريحات منفصلة عن واقعنا لأنني أحارب الإرهابيين وجيشنا يحارب الإرهابيين وحكومتنا وجميع مؤسساتنا ضد الإرهابيين.. أما إذا أراد أحدهم تسمية من يحارب الإرهاب بـ”الجزار” فتلك مسألة أخرى”.
السؤال الثاني والعشرون: لقد وافقت أستراليا على قبول اثني عشر ألف لاجئ سوري إضافي وقد وصل بعضهم بالفعل.. هل لديكم رسالة للسوريين الذين ما يزال العديد منهم يقولون إنهم يحبون سورية ويريدون العودة إليها، هل لديكم رسالة لأولئك الأشخاص الموجودين كما قلت في استراليا وفي بلدان أخرى في العالم؟
الرئيس الأسد: لقد ذكرت في الواقع نقطة في غاية الأهمية.. معظم اللاجئين الذين غادروا سورية يريدون العودة إليها.. وبالتالي فإن أي بلد ساعد في دخولهم إلى بلدهم الجديد أو لنقل وطنهم الجديد هو أمر مرحب به باعتباره عملا إنسانيا.. لكن مرة أخرى هناك شيء أكثر إنسانية وأقل كلفة يتمثل في مساعدة هؤلاء الأشخاص على البقاء في بلدهم ومساعدة أولئك الذين غادروا على العودة وذلك بالمساعدة في تحقيق الاستقرار في سورية وعدم توفير أي مظلة أو دعم للإرهابيين.. هذا ما يريدونه.. إنهم يريدون من الحكومات الغربية أن تتخذ قرارات حاسمة ضد ما تفعله السعودية ودول غربية مثل فرنسا وبريطانيا لدعم الإرهابيين في سورية من أجل الإطاحة بالحكومة وحسب.. لولا ذلك لما غادر أولئك السوريون سورية.. لقد غادر معظمهم ليس لأنهم مع أو ضد الحكومة بل غادروا لأنه بات من الصعب جدا العيش في سورية هذه الأيام”.
السؤال الثالث والعشرون: هل تأملون بأن هؤلاء الأشخاص سيعودون، وهل ستسهلون عودتهم؟
الرئيس الأسد: “طبعاً.. بالتأكيد لأن خسارة هؤلاء الأشخاص وتحولهم إلى لاجئين يعني خسارة مواردنا البشرية.. كيف يمكن أن تبني بلدا دون موارد بشرية، معظم هؤلاء متعلمون مدربون بشكل عال ولديهم أعمالهم في سورية في مختلف المجالات.. أنت تخسر كل هؤلاء.. ونحن بالطبع بحاجة لهم”.
السؤال الرابع والعشرون: تقول اللجنة الدولية للعدالة والمساءلة إن هناك آلاف الوثائق الحكومية التي تثبت أن حكومتكم أقرت استخدام التعذيب والقتل على نطاق واسع.. في مواجهة مثل هذه الأدلة كيف تقولون إنه لم يتم ارتكاب أي جرائم، وأشير أيضا إلى منظمات مستقلة أخرى تنتقد الاستهداف المتعمد للمستشفيات.. هل تقرون بأن بعض الأخطاء قد ارتكبت في استهدافكم لبعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة؟
الرئيس الأسد: “أنت تتحدث عن أمرين مختلفين.. الأمر الأول يتعلق بالتقارير.. والتقرير الأهم من بينها تم تمويله من قبل قطر لمجرد تشويه سمعة الحكومة السورية وليس لديهم أي دليل على من التقط تلك الصور وهوية الضحايا الذين يظهرون في تلك الصور وما إلى ذلك.. وقد بات باستطاعتك اليوم أن تزور أي شيء باستخدام الكمبيوتر.. وبالتالي فإن هذه التقارير لا تتمتع أبدا بأي مصداقية.. ثانيا.. الحديث عن مهاجمة المستشفيات أو المدنيين يطرح سؤالا بسيطا جدا.. لماذا نهاجم المستشفيات والمدنيين، أعني أن القضية برمتها في سورية بدأت عندما أراد أولئك الإرهابيون كسب قلوب السوريين.. ومهاجمة المستشفيات أو المدنيين يصب في مصلحة الإرهابيين.. وبالتالي إذا وضعنا القيم جانبا إلى حين وتحدثنا عن المصالح وحسب فإنه لا مصلحة لأي حكومة في مثل هذا الوضع بقتل مدنيين أو مهاجمة المستشفيات.. أساسا وفي كل الأحوال إن هاجمت مشفى فيمكن استعمال أي مبنى آخر وتحويله إلى مستشفى.. هذه ادعاءات تستند إلى روايات غير موثقة وأستطيع القول إنها بيانات كاذبة ولا مصداقية لها على الإطلاق.. نحن ما نزال نرسل اللقاحات إلى تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين.. إذا كيف أرسل اللقاحات وبنفس الوقت أهاجم المستشفيات، هذا تناقض”.
السؤال الخامس والعشرون: سيادة الرئيس.. كأب وكرجل.. هل هناك حكاية أو قصة أو صورة من الأزمة أثرت بكم شخصياً أكثر من غيرها؟
الرئيس الأسد: “بالتأكيد.. نحن بشر.. وأنا كسوري مثلي مثل أي سوري سأكون أكثر تعاطفا مع أي مأساة سورية تؤثر بأي شخص أو أسرة.. ونحن في هذه المنطقة أناس عاطفيون جدا بشكل عام.. لكن كمسؤول فأنا لست مجرد شخص أنا مسؤول فإن السؤال الأول الذي تطرحه عندما ينتابك ذلك الشعور هو ما الذي ستفعله لحماية السوريين الآخرين من نفس المعاناة… هذا هو الأمر الأكثر أهمية.. أعني هذا الشعور الحزين.. الشعور المؤلم يشكل حافزا بالنسبة لي لفعل المزيد، إنه ليس مجرد شعور؟.
السؤال السادس والعشرون: ما هي رؤيتكم لسورية، كيف ترون الأمور بعد سنتين أو ثلاث سنوات؟
الرئيس الأسد: “بعد الأزمة، لأن الأمر الأول الذي نريد أن نراه هو عودة سورية مستقرة كما كانت من قبل لأنها كانت أحد أكثر البلدان استقرارا وأمنا في العالم وليس في منطقتنا وحسب.. إذا هذا هو الأمر الأول.. إذا تحقق ذلك يمكن أن تكون لك طموحات أخرى أما بدونه فلا تستطيع.. أعني أنك إذا حققت ما سبق فإن السؤال التالي وهو.. كيف ستتعامل مع الجيل الجديد الذي عاش القتل والذي رأى التطرف أو تعلم التطرف أو تمت تعبئته عقائديا من قبل المجموعات المرتبطة بالقاعدة وما إلى ذلك.. هذا تحد آخر.. التحدي الثالث يكمن في استعادة تلك الموارد البشرية التي غادرت وتحولت إلى لاجئين من أجل إعادة بناء سورية.. إن إعادة إعمار البلد كبناء وكبنية تحتية أمر سهل جدا ونحن قادرون على ذلك كسوريين.. أما التحدي فيتعلق بالجيل الجديد”.
السؤال السابع والعشرون: كيف سيشير التاريخ إلى رئاستكم بحسب اعتقادكم؟
الرئيس الأسد: “ما أتمناه هو أن يقول ان هذا هو الشخص الذي أنقذ بلده من الإرهابيين ومن التدخل الأجنبي.. هذا ما أتمناه.. كل ما عدا ذلك سيترك لحكم الشعب السوري.. لكن هذه أمنيتي الوحيدة”.
فيديو مصور
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الشعب السوري وحده من يحدد من يكون الرئيس ومتى يصبح رئيسا ومتى يرحل. وقال القائد الأسد في مقابلة مع محطة ان بي سي الأميركية إن مشكلة المسؤولين الأميركيين هي أنهم يقولون شيئا ويخفون نواياهم خلف الأقنعة ويتحركون في اتجاه مختلف.. يقولون شيئا ويفعلون شيئا مختلفا مشيرا إلى أن الأمر المؤكد هو أنه ليست لديهم نوايا جيدة حيال سورية. وأوضح الرئيس الأسد أن الولايات المتحدة تريد إدارة المجموعات الإرهابية من أجل إسقاط الحكومة في سورية لافتا إلى أن تنظيم “داعش” الإرهابي أنشىء في العراق عام 2006 ابان وجود الأميركيين في هذا البلد. وأشار الرئيس الأسد إلى أن السياسة الروسية لا تستند إلى عقد صفقات بل إلى القيم ولذلك ليس هناك أي إنجاز بينهم وبين الأميركيين بسبب اختلاف المبادئ مبينا أن السياسات الأميركية تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم. وقال الرئيس الأسد: في الواقع لقد حقق الجيش العربي السوري تقدما كبيرا مؤخرا وهذا هدف أي جيش أو أي حكومة.. وإذا ألحقنا الهزيمة بـ “داعش” نكون قد ساعدنا العالم بأسره لأن هؤلاء الإرهابيين الذين يأتون إلى سورية من أكثر من مئة بلد في العالم إذا لم يهزموا فإنهم سيعودون وسيهاجمون تلك البلدان.
وفيمايلي النص الكامل للمقابلة:
سيادة الرئيس.. شكراً لاستقبالكم لنا والسماح لشبكة ان بي سي الإخبارية بطرح بعض الأسئلة المهمة عليكم.
الرئيس الأسد..
أهلا وسهلا بكم في دمشق.
السؤال الأول..
قبل بضعة أسابيع.. قلتم في خطاب أمام أعضاء مجلس الشعب هنا بأنكم ستستعيدون كل شبر من أرض سورية.. وزارة الخارجية الأميركية وصفت ذلك بأنه “وهم”.. أنتم بعيدون عن كسب هذه الحرب.. أليس كذلك.. ناهيك عن استعادة كل شبر من سورية…
الرئيس الأسد..
في الواقع.. لقد حقق الجيش السوري تقدما كبيرا مؤخرا.. وهذا هدف أي جيش أو أي حكومة.. لا أعتقد أن للبيان الصادر عن الخارجية الأميركية أي صلة بالموضوع.. وهو لا يعكس أي احترام للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة.. إنه لا يحترم سيادة بلد من حقه بسط سيطرته على كامل أراضيه.
السؤال الثاني..
لكن كم من الوقت سيستغرقكم الأمر لكسب هذه الحرب…
الرئيس الأسد..
أنت تتحدث عن أمر مرتبط بعدة عوامل.. العامل الأهم هو إلى متى سيستمر داعمو أولئك الإرهابيين بدعمهم.. خصوصا تركيا وقطر والسعودية.. بمصادقة من بعض الدول الغربية.. بما في ذلك الولايات المتحدة.. إذا توقف ذلك الدعم.. فإن الأمر لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر.
السؤال الثالث..
إذا ليس أكثر من بضعة أشهر.. لقد زرت سورية عشر مرات.. وقد سمعت مسؤوليكم يقولون إن الأمر سيستغرق شهرا لاستعادة حمص.. وسيستغرق ستة أشهر لاستعادة مكان آخر.. إن الأمر يستغرق دائما مدة أطول.. إذا.. واقعيا سيستغرق ذلك سنوات.. أليس كذلك…
الرئيس الأسد..
لهذا قلت إن ذلك يعتمد على مدى الدعم الذي سيتلقاه الإرهابيون.. وعلى حجم التجنيد الذي تقوم به تركيا بأموال سعودية.. لإدخال مزيد من الإرهابيين إلى سورية.. إن هدفهم هو إطالة أمد الحرب.. وبالتالي فإنهم يستطيعون إطالتها إذا أرادوا.. وقد نجحوا في فعل ذلك.. إذا.. ذلك يعتمد على السؤال.
إذا كنت تتحدث عن الوقت الذي سيستغرقه ذلك بصفته صراعا سوريا صرفا.. صراعا منعزلا.. فإن الأمر لن يستغرق أكثر من بضعة أشهر.. لكنه إن لم يكن صراعا منعزلا كما هو الحال اليوم مع تدخل العديد من القوى الإقليمية والدولية فإنه سيستغرق وقتا طويلا.. ولا أحد يمتلك جوابا على السؤال الذي طرحته.. لا أحد يعرف كيف ستتطور هذه الحرب.
الدعم الروسي للجيش السوري رجح كفة الحرب ضد الإرهابيين
السؤال الرابع..
قبل عام من الآن.. كانت الحرب تسير على نحو مختلف تماما.. ألقيتم خطابا قلتم فيه إنكم تعانون من نقص في عدد المقاتلين.. وانه كان عليكم التخلي على مضض عن بعض المناطق.. ما الذي تغير بعد ذلك… هل كان السبب دخول روسيا الحرب… هذا هو السبب الحقيقي للتحول الذي طرأ على هذه الحرب الآن.. أليس كذلك… أن روسيا إلى جانبكم…
الرئيس الأسد..
من المؤكد أن الدعم الروسي للجيش السوري رجح كفة الحرب ضد الإرهابيين.
السؤال الخامس..
إنه العامل الحاسم…
الرئيس الأسد..
إنه كذلك بالتأكيد.. في الوقت نفسه ومنذ أن بدأ التدخل الروسي المشروع في سورية أرسلت تركيا والسعودية المزيد من المقاتلين.. لكن رغم ذلك فقد كان العامل الحاسم كما قلت.
السؤال السادس..
إذا.. أنت مدين بالكثير للرئيس بوتين.
الرئيس الأسد..
نحن مدينون لكل من وقف بجانبنا.. الروس.. والإيرانيون.. وحتى الصينيون وقفوا إلى جانبنا.. لكن كل بطريقته.. سواء سياسيا.. أو عسكريا أو اقتصاديا.. لأن الأمر لا يقتصر على عامل واحد.. لا تستطيع أن تتحدث فقط عن قوة النيران أو عن الموارد البشرية.. إنها قضية ذات عوامل متعددة.. كل تلك الدول دعمت سورية.. إضافة إلى دول أخرى قدمت الدعم بدرجة أقل.
السؤال السابع..
هل طلب منكم الرئيس بوتين أي شيء… ما هي الصفقة…
الرئيس الأسد..
عندما أراد أن يتدخل… لم يطلب شيئا.
السؤال الثامن..
لا شيء…
الرئيس الأسد..1
لسبب بسيط.. أولا لأن سياستهم قائمة على القيم.. وهذا أمر بالغ الأهمية.
الأمر الثاني هو أن مصالحهم مشتركة مع مصالحنا الآن.. لأنهم يحاربون نفس الإرهابيين الذين يتوجب عليهم محاربتهم في روسيا.. إننا نحارب الإرهابيين الذين يمكن أن يحاربوا في أوروبا والولايات المتحدة وفي أي مكان آخر من العالم.. لكن الفرق بين الرئيس بوتين والمسؤولين الغربيين هو أنه تمكن من رؤية ذلك بوضوح في حين إن المسؤولين الآخرين في أوروبا أو في الغرب بشكل عام لم يتمكنوا من رؤية ذلك.. ولهذا السبب فإن تدخله يستند إلى القيم ويستند في الوقت نفسه إلى مصلحة الشعب الروسي.
السؤال التاسع..
هل تتحدث كثيرا معه…
الرئيس الأسد..
عندما يكون هناك شيء يتطلب الحديث عنه.. فإننا نتحدث بالطبع.. أو نتواصل من خلال المسؤولين.
السؤال العاشر..
على سبيل المثال.. كم مرة تحدثت إليه هذه السنة…
الرئيس الأسد..
لا أقوم بعدّها.. لكننا تحدثنا عدة مرات.
السؤال الحادي عشر..
وكيف تصفون علاقتكم معه…
الرئيس الأسد..
صريحة جدا.. نزيهة جدا.. وقائمة على الاحترام المتبادل.
السؤال الثاني عشر..
لكنه لم يطلب منكم شيئا.. هل هذا هو الحال…
الرئيس الأسد..
لا شيء على الإطلاق.
السؤال الثالث عشر..
أقول هذا لأن ثمة شكوكا في أن روسيا ربما تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة.. ووزير الخارجية كيري سيلتقي فلاديمير بوتين يوم الخميس في موسكو.. ثمة شكوك في أنهم سيتوصلون إلى صفقة ما قد تشكل أخبارا سيئة بالنسبة لكم.
الرئيس الأسد..
أولا.. فيما يتعلق بهذا الجزء.. لو أراد طلب شيء فإنه سيطلب محاربة الإرهابيين لأن في هذا تكمن مصلحته كرئيس ومصلحة بلاده روسيا.
ثانيا.. فيما يتعلق بتلك المزاعم التي تظهر بين حين وآخر.. بأن الروس اجتمعوا مع الأميركيين وأنهم ناقشوا شيئا يتعلق بالقضية السورية لإعطاء الانطباع بأنهم يقررون ما سيحدث في سورية.. لقد قال المسؤولون الروس عدة مرات وبوضوح إن القضية السورية تتعلق بالشعب السوري.. وبالأمس قال الوزير لافروف ذلك بوضوح.. قال لا نستطيع أن نجلس مع الأميركيين لتحديد ما يريد السوريون فعله.. هذه قضية سورية ووحده الشعب السوري يستطيع أن يحدد مستقبل بلاده وكيفية حل مشكلته.. إن دور روسيا والولايات المتحدة هو توفير المناخ الدولي لحماية السوريين من أي تدخل.. المشكلة في هذا الصدد هي أن الروس صادقون بينما لم يقدم الأميركيون شيئا في هذا المجال.
لكن هذا لا يعني اتخاذ القرار حيال ما ينبغي علينا فعله كسوريين.
السؤال الرابع عشر..
إذا.. كي نكون واضحين.. لا وزير الخارجية لافروف ولا الرئيس بوتين تحدث إليكم أبدا عن عملية الانتقال السياسي.. عن حلول يوم تتركون فيه السلطة.. لم يحدث ذلك إطلاقا…
الرئيس الأسد..
لم يحدث أبدا.. والسبب كما قلت هو أن هذا يتعلق بالشعب السوري.. وحده الشعب السوري يحدد من يكون الرئيس.. ومتى يصبح رئيسا ومتى يرحل.. إنهم لم يقولوا كلمة واحدة فيما يتعلق بهذا الأمر.
السياسات الأميركية تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم
السؤال الخامس عشر..
وأنتم لستم قلقين إطلاقا حيال اجتماع الوزير كيري بـ فلاديمير بوتين والتوصل معه إلى تفاهم تغادرون بموجبه السلطة…
الرئيس الأسد..
لا.. ولسبب وحيد هو أن سياستهم.. أعني السياسة الروسية.. لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم.. ولذلك لا ترى أي إنجاز بينهم وبين الأميركيين بسبب اختلاف المبادئ.. السياسات الأميركية تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم بينما ليس هذا هو الحال بالنسبة إلى الروس.
السؤال السادس عشر..
لكن بالطبع ليست روسيا وحدها هي التي تقصف أعداءكم.. فالولايات المتحدة تفعل ذلك أيضا.. هل ترحبون بالضربات الجوية الأميركية ضد “داعش”…
الرئيس الأسد..
لا.. لأنها ليست شرعية.. أولا وقبل كل شيء.. إنها ليست شرعية.
السؤال السابع عشر..
وليس من الشرعي أن تقوم روسيا بذلك.. أليس كذلك…
الرئيس الأسد..
لا.. لقد تمت دعوة الروس قانونيا ورسميا من قبل الحكومة السورية.. من حق أي حكومة أن تدعو أي دولة لمساعدتها في أي قضية.. وهكذا فإن وجودهم شرعي في سورية.. في حين إن وجود الأميركيين ووجود جميع حلفائهم ليس شرعيا.. هذا أولا.. ثانيا.. منذ التدخل الروسي.. والإرهاب يتراجع.. بينما قبل ذلك وطوال التدخل الأميركي وتدخل حلفائهم غير الشرعي كان “داعش” يتمدد والإرهاب يتوسع ويستولي على مناطق جديدة في سورية.. إنهم ليسوا جادين..
وبالتالي لا يمكنني أن أقول بأني أرحب بعدم جديتهم وبوجودهم غير الشرعي في سورية.
السؤال الثامن عشر..
آلاف من المهام.. ومئات الضربات الجوية.. والولايات المتحدة غير جادة في سورية…
الرئيس الأسد..
المسألة ليست بعدد الضربات الجوية.. السؤال هو.. ما الإنجاز الذي تحقق… الواقع يظهر ذلك.. والواقع يقول إنه ومنذ بداية الضربات الجوية الأميركية والإرهاب يتوسع ويسود وليس العكس.. تقلص الإرهاب فقط عندما تدخل الروس هذا هو الواقع.. ينبغي أن نتحدث عن الوقائع وليس فقط عن الإجراءات الشكلية التي يتخذونها.
السؤال التاسع عشر..
إذا.. الضربات الجوية الأميركية غير فعالة وتحدث أثرا عكسيا…
الرئيس الأسد..
نعم.. إنها تحدث أثرا عكسيا بشكل ما.. عندما ينمو الإرهاب فإن هذا يعني أنها تحدث أثرا عكسيا.. هذا صحيح.
السؤال العشرون..
خطأ من ذاك… هل هو خطأ عسكري.. أم أن الرئيس أوباما ببساطة لم يكن شديدا بما يكفي…
الرئيس الأسد..
لا.. أولا الأمر لا يتعلق بالقسوة أو الشدة.. بل بالصدق.. إنه يتعلق بالنوايا الحقيقية.. بالجدية.. بامتلاك الإرادة.. إن الولايات المتحدة لا تمتلك إرادة إلحاق الهزيمة بالإرهابيين بل إرادة السيطرة عليهم واستخدامهم كورقة كما فعلوا في أفغانستان.. وانعكست تلك الإرادة على الجانب العسكري من القضية.. إذا أردت المقارنة تجد أكثر من مئة وعشرين أو مئة وثلاثين غارة جوية روسية في بضع مناطق في سورية مقارنة بعشر غارات أو اثنتي عشرة غارة يشنها الأميركيون وحلفاؤهم في سورية والعراق.. ومن الناحية العسكرية هذا العدد لا يشكل شيئا وهذا الانعدام للفعالية العسكرية يشكل انعكاسا للإرادة السياسية.
المسؤولون الأمريكيون يقولون شيئا و يتحركون في اتجاه مختلف وليست لديهم نوايا جيدة حيال سورية
السؤال الحادي والعشرون..
لقد كانت هناك إرادة سياسية.. على حد تعبيركم.. لإزاحتكم من السلطة.. كانت تلك إرادة واشنطن.. يبدو أن هذا قد تغير.. هل لديكم أي فكرة عن سبب تغيير الولايات المتحدة رأيها فيما يبدو حيال مستقبلكم…
الرئيس الأسد..
لا.. لأن مشكلة المسؤولين الأميركيين هي أنهم يقولون شيئا ويخفون نواياهم خلف الأقنعة ويتحركون في اتجاه مختلف.. يقولون شيئا ويقولون عكسه.. يقولون شيئا.. ويفعلون شيئا مختلفا.. وبالتالي.. لا يمكنك معرفة نواياهم الحقيقة.. ما أنا متأكد منه هو أنه ليست لديهم نوايا جيدة حيال سورية.. قد يقومون بتكتيكات أو مناورات لكنهم لم يغيروا نواياهم على ما أعتقد.
السؤال الثاني والعشرون..
الرئيس أوباما أرادك أن ترحل.. هو سيغادر منصبه قريبا.. بينما أنت باق.. هل انتصرت…
الرئيس الأسد..
لا.. المسألة ليست بيني وبينه.. إنها بيني وبين كل من يريد أن يدمر هذا البلد وخصوصا الإرهابيين في سورية الآن.. هنا نستطيع أن ننتصر كسوريين إذا تمكنا من التخلص من الإرهابيين.. إذا تمكنا من استعادة الاستقرار في سورية.. عندها ننتصر.. خلاف ذلك لا نستطيع التحدث عن الانتصار.
صحيح أنهم لم ينجحوا لكن إذا لم ينجحوا في خططهم وإذا كان مآل خططهم الفشل.. فإن هذا لا يعني انتصارنا في الحرب.. وبالتالي ينبغي أن أكون واقعيا ودقيقا في اختيار التعابير في ذلك الصدد.
حربي التي أخوضها هي لحماية سورية.. ولا أكترث لما يريده الرؤساء الآخرون.. بل لما يريده السوريون
السؤال الثالث والعشرون..
لقد كان أحد الأهداف الرئيسية في السياسة الخارجية للرئيس إزاحتكم من السلطة.. وقد فشل في ذلك بشكل واضح.. أو هل تعتقدون أنه فشل…
الرئيس الأسد..
نعم.. قلت إنه أخفق.. لكن ذلك لا يعني انتصارا لي.. بالنسبة له الحرب هي لإزاحتي.. بالنسبة لي.. الحرب ليست من أجل بقائي في منصبي بل من أجل استعادة سورية وبالتالي فأنت تتحدث عن حربين مختلفتين.. بالنسبة لي أنا لا أخوض حربي الخاصة.. لا أخوض حربا لبقاء الرئيس.. إن حربي التي أخوضها هي لحماية سورية.. لا يهمني إذا بقيت أو لا إذا لم يكن السوريون يريدون مني أن أكون في منصبي.. بالنسبة لي.. لا أكترث لما يريده الرؤساء الآخرون.. بل لما يريده السوريون.. إذا كانوا يريدونني أن أبقى فسأبقى.. وإذا كانوا يريدونني أن أرحل فسأرحل.. وبالتالي فالأمر مختلف.. مختلف تماما.
السؤال الرابع والعشرون..
هل تشعرون بأن الولايات المتحدة أساءت بشكل جوهري فهم حربكم ضد “داعش”.. ضد ما يمكن أن تسموه عدوا مشتركا…
الرئيس الأسد..
مرة أخرى.. إنه ليس عدوا مشتركا.. لأنه بالنسبة لنا نحن صادقون في محاربة ليس “داعش” فحسب بل محاربة “النصرة” والمنظمات المرتبطة بالقاعدة في سورية.. هي جميعها تنظيمات إرهابية.. وبالتالي إذا أردت التحدث ليس عن “داعش” فحسب بل عن المجموعات الإرهابية.. فإننا أردنا التخلص من الإرهابيين.. أردنا إلحاق الهزيمة بأولئك الإرهابيين بينما أرادت الولايات المتحدة إدارة تلك المجموعات من أجل إسقاط الحكومة في سورية وبالتالي.. لا تستطيع التحدث عن مصلحة مشتركة ما لم يريدوا فعلا محاربة أولئك الإرهابيين وهزيمتهم.. وهم لم يفعلوا ذلك.. إنهم موجودون في العراق منذ عام 2006 ولم يحاولوا إلحاق الهزيمة بهم.
السؤال الخامس والعشرون..
لكن أميركا صادقة جدا في محاربتها “داعش”.. إن “داعش” يشكل تهديدا للوطن الأميركي.. كيف تستطيعون القول إن أميركا ليست جادة حيال محاربة “داعش”…
الرئيس الأسد..
لأن “داعش” أنشئت في العراق عام 2006 وعندها الولايات المتحدة هي التي كانت في العراق.. وليست سورية في العراق.. كانت تنمو تحت إشراف السلطة الأميركية في العراق ولم تفعل شيئا لمحاربة “داعش” حين ذاك.. إذا.. لماذا تحاربها الآن… إنهم لا يحاربونها الآن.. لقد توسعت تحت إشراف الطائرات الأميركية التي كان بوسعها رؤية “داعش” تستخدم حقول النفط وتصدر النفط إلى تركيا ولم تحاول مهاجمة أي قافلة ل”داعش”.. كيف يمكن أن يكونوا ضد “داعش”.. هل لا يستطيعون رؤيتها… هل لا يرونها… كيف تمكن الروس من رؤيتها منذ اليوم الأول وبدؤوا بمهاجمة تلك القوافل… في الحقيقة فإن التدخل الروسي أسقط القناع عن النوايا الأميركية فيما يتعلق ب”داعش” والمجموعات الإرهابية الأخرى طبعا.
السؤال السادس والعشرون..
قبل ثلاث سنوات.. وجه الرئيس أوباما تهديدا لكم.. وضع خطا أحمر.. ثم تراجع عن ذلك ولم يهاجمكم.. كيف تشعرون حيال ذلك… هل هي علامة على رئيس ضعيف…
الرئيس الأسد..
تلك هي مشكلة في الولايات المتحدة.. إنهم يروجون منذ سنوات بأن الرئيس الوحيد الجيد هو الرئيس الشديد أو القاسي الذي ينبغي أن يخوض الحروب..
هذا هو التعريف.. وإلا فإنه سيكون رئيسا ضعيفا وهذا غير صحيح.. في الواقع فإن الإدارات الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية شاركت في تأجيج الصراعات في جميع أنحاء العالم.. وبمرور الوقت أصبحت هذه الإدارات أكثر هوسا بإشعال الحرائق.. الفرق الآن بين تلك الإدارات يتعلق بالوسائل وليس بالأهداف.. إدارة ترسل جنودها.. كإدارة بوش.. وأخرى تستخدم المرتزقة بدلا من جنودها.. وثالثة تستخدم العملاء.. وهلم جرا.. لكن الجوهر هو نفسه.. ولم يتغير شيء.
السؤال السابع والعشرون..
لكن بالعودة إلى تلك اللحظة قبل ثلاث سنوات هل شكل ذلك علامة على أن الولايات المتحدة دولة ضعيفة ولها رئيس ضعيف…
الرئيس الأسد..
لا.. لأنك إذا أردت أن تتحدث عن الجوهر.. وهو الحرب عبر الهجوم على سورية.. فإنهم يهاجمون سورية من خلال العملاء.. لم يحاربوا “داعش”.. ولم يمارسوا أي ضغوط على تركيا أو السعودية لإبلاغهم بوجوب التوقف عن إرسال المال وفرق الدعم وكل أشكال الدعم اللوجستي لأولئك الإرهابيين.. كان بوسعهم فعل ذلك ولم يفعلوا وبالتالي فإنهم فعليا يشنون حربا لكن بطريقة مختلفة.. لم يرسلوا جنودهم.. ولم يهاجموا بالصواريخ.. لكنهم يرسلون المرتزقة.. هذا ما أقصده.. أعني الأمر هو نفسه.
السؤال الثامن والعشرون..
هل فاجأك أنهم لم يهاجموا…
الرئيس الأسد..
لا.. لم يكن ذلك مفاجئا.. لكني أعتقد أن ما يفعلونه الآن حقق الأثر نفسه.. بالتالي.. بالمقارنة بين المرتزقة والصواريخ.. قد يكون خيارهم الحالي أكثر فعالية بالنسبة لهم وبالتالي لا أستطيع القول إني فوجئت.
السؤال التاسع والعشرون..
أنت قائد.. عندما تم وضع خط أحمر ولم يتم فعل شيء عند تجاوزه.. فإن ذلك ألحق ضررا بمصداقية أميركا.. ليس في الشرق الأوسط فحسب.. بل في العالم.
الرئيس الأسد..
لكن هذه المصداقية لم تكن موجودة أبدا بالنسبة لنا على الأقل منذ مطلع السبعينيات.. لأكن صريحا معك.. منذ استعدنا علاقاتنا مع الولايات المتحدة عام 1974 لم نر أي إدارة أميركية تتمتع بمصداقية حقيقية في كل قضية تعاملنا بها.. لم يمتلكوا تلك المصداقية ولذلك لا أستطيع القول بأنها تضررت.. العديد من حلفائهم لا يصدقونهم.. أعتقد أن المصداقية الأميركية.. ليست بسبب ما ذكرته بل بسبب سياساتهم بشكل عام.. سياساتهم الرئيسية.. هذه المصداقية باتت في أدنى درجة لها على الإطلاق.. هكذا نراها.
السؤال الثلاثون..
في أدنى درجات مصداقيتها في العالم…
الرئيس الأسد..
بشكل عام.. نعم فيما يتعلق بالسياسات بشكل عام.. وليس فيما يتعلق بسورية.
نحن في سورية لا نراهن على أي رئيس أمريكي يأتي أو أي رئيس يذهب.. لأن ما يقولونه في حملاتهم يختلف عما يفعلونه بعد انتخابهم
السؤال الحادي والثلاثون..
هل ترحبون بانتهاء فترة الرئيس أوباما في منصبه…
الرئيس الأسد..
إن ذلك لا يعني شيئا بالنسبة لنا.. لأنك إذا غيرت الإدارة دون أن تغير السياسات فإن ذلك لا يعني شيئا.. إذا.. فإن الأمر يتعلق بالسياسات.. ونحن في سورية لا نراهن على أي رئيس يأتي أو أي رئيس يذهب.. لأن ما يقولونه في حملاتهم يختلف عما يفعلونه بعد انتخابهم.
السؤال الثاني والثلاثون..
لقد تحدثت عن كون الرؤساء متشابهين وعن أنهم لا يغيرون سياساتهم.. لكن سيكون هناك رئيس جديد في الولايات المتحدة العام القادم.. هل تأملون بقيام علاقة جديدة… هل تعتقدون بأن شيئا من ذلك القبيل ممكن…
الرئيس الأسد..
نعم.. بالطبع.. نحن نأمل دائما بأن يكون الرئيس الجديد أكثر حكمة من سلفه وأقل هوسا بإشعال الحرائق كما قلت.. وأقل مغامرة وانغماسا في النزعة العسكرية.. هذا ما نأمله.. لكننا لم نر شيئا كهذا.. أعني أن الاختلاف هامشي جدا.. إذا.. نحن نستمر في الأمل لكننا لا نراهن على ذلك.
السؤال الثالث والثلاثون..
سيكون هناك رئيس جديد.. وهناك خياران أحدهما دونالد ترامب.. ماذا تعرف عن السيد ترامب…
الرئيس الأسد..
لا شيء.. فقط ما سمعته في وسائل الإعلام وخلال الحملة الانتخابية.. هذا ما أقوله.. لا ينبغي أن نضيع وقتنا بالاستماع إلى ما يقولونه في حملاتهم.. سيتغيرون بعد أن يتم انتخابهم.. عندها ينبغي علينا أن نبدأ بتقييم الرئيس.. بعد الحملة وليس خلالها.
السؤال الرابع والثلاثون..
أنتم هنا في دمشق.. ما الذي تسمعونه في وسائل الإعلام عن السيد ترامب…
الرئيس الأسد..
الصراع بين الأميركيين.. لكننا لا نهتم كثيرا بذلك.. أعني أنه حتى هذا الخطاب الإنشائي بين المرشحين المختلفين يتغير خلال الحملة وبالتالي فإن ما تسمعه اليوم لا يبقى ذا صلة في الغد.. ولذلك لا نستطيع بناء سياساتنا على السياسات المتغيرة من يوم إلى يوم.
السؤال الخامس والثلاثون..
لكنكم تتابعون هذه الانتخابات…
الرئيس الأسد..
ليس فعلا.. لأنه كما قلت فإنك لا تتابع شيئا لا تستطيع اعتباره مرتبطا بالواقع بعد.. إنه يصبح مرتبطا بالواقع عندما ينتخبون.. حتى الآن إنه مجرد كلام ولا ينبغي أن نضيع وقتنا على مثل هذا الكلام.
السؤال السادس والثلاثون..
مجرد كلام.. على سبيل المثال.. وبالحديث عن السيد ترامب.. فإن أي شيء يقوله لا تعتقد أنه سيكون بالضرورة سياسة ترامب كرئيس…
الرئيس الأسد..
لا.. لا نستطيع ذلك.. سواء كان ترامب أو كلينتون أو أي شخص آخر أنا أتحدث بشكل عام.. الأمر لا يتعلق بالأسماء إنه مبدأ بالنسبة لكل رئيس أميركي في كل حملة انتخابية.
السؤال السابع والثلاثون..
إن تعليقاته حول سورية أو الشرق الأوسط محدودة جدا.. لكنه وصفك بأنك “شخص سيئ”.. هل يقلقك ذلك…
الرئيس الأسد..
لا.. هذا رأيه.. وهو رأي شخصي.. لا ينبغي بالضرورة أن يعتبرني شخصا جيدا.. السؤال بالنسبة لي هو.. هل يعتبرني السوريون شخصا جيدا أم سيئا.. وليس ما يقوله شخص أو رئيس أو مرشح أميركي.. لا أكترث لذلك.. هذا ليس جزءا من خريطتي السياسية إذا جاز التعبير.
السؤال الثامن والثلاثون..
أحد الأشياء التي قالها والتي كان واضحا بشأنها هو أنه سيكون أكثر شدة حيال “داعش”.. سترحبون بذلك… أليس كذلك… لأنك قلت للتو بأن الرئيس أوباما ليس جديا.
الرئيس الأسد..
لا ينبغي أن تكون أكثر شدة.. هذه الكلمة لا معنى لها في الواقع.. في الحياة الواقعية.. في هذه المنطقة.. ينبغي أن تحارب “داعش” بطرق مختلفة.. “داعش” ليس فقط مقاتلين ينبغي أن تهاجمهم بأقوى القنابل أو الصواريخ.. الأمر ليس على هذا الشكل.. إن قضية الإرهاب معقدة جدا وتتعلق بالأيديولوجيا.. كيف يمكن أن تكون شديدا ضد أيديولوجيا “داعش”… ذلك هو السؤال.. كيف يمكن أن تكون شديدا فيما يتعلق في اقتصادهم وكيفية تقديمهم للأموال والتبرعات… كيف يمكن أن تتعامل مع ذلك.
السؤال التاسع والثلاثون..
أعتقد أن السيد ترامب يتحدث عن الشدة العسكرية.. يريد أن…
الرئيس الأسد..
هذا لا يكفي.. ينبغي أن تكون ذكيا.. لا يكفي أن تكون شديدا.. أولا ينبغي أن تكون لديك الإرادة وينبغي أن تكون صادقا ثم ينبغي أن تكون ذكيا ثم ينبغي أن تكون شديدا.. أن تكون شديدا وفعالا من الناحية العسكرية هذا مهم.. لكن هذا هو الخيار الأخير بعد أن تكون قد حققت المعايير الأساسية الأخرى.
السؤال الأربعون..
مما تعرفه عن السيد ترامب.. هل يتمتع بالذكاء الكافي…2
الرئيس الأسد..
أنا لا أعرفه.. عندما أجلس معه وجها لوجه يمكن أن أحكم عليه.. لكني أنظر إلى الشخص الذي يظهر على التلفاز وكما تعلم على التلفاز يمكن التلاعب بكل شيء.. يمكن أن تحضر نفسك وتتمرن على ما ستقوله ولذلك ليست هذه هي القضية.
السؤال الحادي والأربعون..
هل يعجبك ما تراه من السيد ترامب على التلفاز…
الرئيس الأسد..
أنا لا أتابع الانتخابات الأميركية كما قلت.. لأننا لا نراهن عليها.
السؤال الثاني والأربعون..
يبدو أنه يحترم الرئيس بوتين.. هل يشكل ذلك بالنسبة لك مبعث أمل بأنه رجل يمكن أن تتعامل معه…
الرئيس الأسد..
إذا كان صادقا.. أعتقد أنه يقول الصواب.. لأن كل شخص على وجه الأرض سواء اتفق أو اختلف مع الرئيس بوتين ينبغي أن يحترمه لأنه شخص محترم.. إنه يحترم نفسه ويحترم الآخرين ويحترم قيمه ويحترم مصالح شعبه وهو نزيه وصادق.. كيف لك ألا تحترم شخصا بهذه الأوصاف… إذا كان ترامب صادقا..
أعتقد أنه مصيب.. هذا ما أستطيع قوله.
السؤال الثالث والأربعون..
لقد كان للسيد ترامب تعليقات أيضا حول المسلمين.. وعدم السماح بدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة.. هل أغضبك ذلك… هل أزعجك…
الرئيس الأسد..
نعم.. خصوصا في سورية بوصفها بلدا ينصهر فيه العديد من الأديان والطوائف والإثنيات.. نعتقد أن هذا التنوع مصدر غنى وليس العكس.. الحكومات والقوى المؤثرة في المجتمع هي التي تجعل منه مشكلة أو صراعا.. إذا كان بوسعك أن تجعل كل أولئك الناس يعيشون في مجتمع واحد وباندماج حقيقي وبانسجام فإن ذلك يشكل مصدر غنى وهو في مصلحة أي مجتمع بما في ذلك الولايات المتحدة.
السؤال الرابع والأربعون..
بالتالي.. ما كان ينبغي للسيد ترامب أن يطلق تلك التعليقات حول المسلمين…
الرئيس الأسد..
يجب على أي شخص ألا يستخدم خطابا تمييزيا في أي بلد.. أنا لا أؤمن بهذا النوع من الخطاب بالطبع.
السؤال الخامس والأربعون..
لا يمتلك السيد ترامب خبرة في السياسة الخارجية.. هل يقلقكم ذلك…
الرئيس الأسد..
ومن كان يمتلك مثل تلك الخبرة من قبل… أوباما.. أو جورج بوش.. أو كلينتون من قبلهما… لم يكن أي منهم يمتلك أي خبرة.. هذه مشكلة الولايات المتحدة.. ينبغي أن تبحث عن رجل دولة يمتلك خبرة حقيقية في السياسة لسنوات وليس بناء على شغله لمنصب في الكونغرس لبضع سنوات أو لكونه وزيرا للخارجية على سبيل المثال.. هذا لا يعني امتلاكه الخبرة.. رجل الدولة ينبغي أن يتمتع بخبرة أكبر بكثير ولذلك لا نعتقد بأن معظم رؤساء الولايات المتحدة كانت لديهم خبرة جيدة في السياسة.
السؤال السادس والأربعون..
إذا.. وجود رجل لا خبرة له في السياسة الخارجية في البيت الأبيض لا يعد بالضرورة أمرا خطيرا في رأيك…
الرئيس الأسد..
إن وجود أي شخص لا يمتلك خبرة في أي منصب في البيت الأبيض أو في القصر الرئاسي في سورية أو في أي بلد آخر أمر خطير بالطبع على البلد بشكل عام.. بالنسبة للولايات المتحدة كقوة عظمى.. قد يكون لذلك تأثيرات أكبر على باقي أنحاء العالم لكن الأمر لا يتعلق فقط بالخبرة.. في المحصلة.. عندما تكون هناك مؤسسات يمكن لها المساعدة.. الأمر يتعلق بالنوايا.. هل سيكون شخصا يتمتع بخبرة جيدة لكن بنوايا ونزعات عسكرية.. نوايا تدميرية.. وما إلى ذلك.. إذا ينبغي أن تتحدث عن العديد من العوامل.. لا يكفي الحديث عن الخبرة فحسب.
السؤال السابع والأربعون..
هيلاري كلينتون تتمتع بخبرة أكبر في الشؤون الخارجية.. أنتم تعرفونها بشكل ما.. ما هي التبعات التي ستترتب على فوز هيلاري كلينتون في الانتخابات…
الرئيس الأسد..
مرة أخرى.. علي أن أكرر الجواب نفسه.. هذا يعتمد على سياساتها.. ما هي السياسات التي ستتبناها… هل ستثبت أنها شديدة وتأخذ الولايات المتحدة إلى حرب أخرى أو إلى التصعيد… عندها سيكون الأمر سيئا للجميع بما في ذلك للولايات المتحدة.. إذا كانت ستمضي في اتجاه آخر فإن ذلك سيكون جيدا.. ومرة أخرى.. فإننا نركز أكثر على النوايا قبل التحدث عن الخبرة.
الخبرة مهمة جدا.. لكن النوايا هي الأمر الحاسم بالنسبة لأي رئيس.. هل تستطيع أن تطرح عليهم السؤال التالي.. هل يستطيعون وبصدق أن يخبروا الشعب الأميركي والعالم أجمع ما هي نواياهم الحقيقية المتعلقة بسياساتهم… هل سيصعدون أم سنرى حالة من التهدئة والوفاق الدوليين في سائر أنحاء العالم…
السؤال الثامن والأربعون..
يتمثل أحد الفروق الواضحة بينهما بأن السيدة كلينتون ما تزال مصممة فيما يبدو على التخلص منكم على الأقل.. فإن هذا هو موقفها المعلن.. السيد ترامب يقول إنه يركز على “داعش”.. وسيترككم وشأنكم.. هذا فرق واضح بين الاثنين.. فيما يتعلق بكلينتون.. سأسألكم.. هل تمثل هيلاري كلينتون تهديدا أكبر عليكم من دونالد ترامب…
الرئيس الأسد..
لا.. لأننا ومنذ بداية الأزمة ونحن نسمع الديباجة نفسها.. “على الأسد أن يرحل”.. مرات عديدة ومن كل مسؤول غربي تقريبا وعلى مختلف المستويات سواء كانوا قادة أو مسؤولين في وزارات الخارجية أو مسؤولين آخرين.. لم نكترث أبدا لذلك.. ولذلك لا تستطيع التحدث عن هذا بوصفه تهديدا.. هذا تدخل في شؤوننا الداخلية لن نرد عليه.. ما دمت أتمتع بدعم الشعب السوري فإني لا أكترث لأي ممن يتحدثون عن هذا بما في ذلك رئيس الولايات المتحدة نفسه أو أي أحد.. الأمر سيان بالنسبة لنا.. لهذا أقول إن ما قالته كلينتون وترامب وأوباما لا يعني شيئا بالنسبة لي.. لا نضع ذلك على خريطتنا السياسية ولا نضيع وقتنا على هذا الخطاب الذي يهدف إلى تحقيق غايات معينة ولا حتى على هذه المطالب.
السؤال التاسع والأربعون..
لكن إذا أقامت هيلاري كلينتون.. إذا أصبحت رئيسة.. منطقة حظر طيران فوق أراضيكم.. فوق شمال سورية مثلا.. فإن ذلك سيشكل فرقا كبيرا.
الرئيس الأسد..
بالطبع.. عندها يمكنك التحدث عن تهديد.. ولذلك قلت إن السياسة هي الأمر الحاسم بالنسبة لنا.. عندما يبدؤون بدعم الإرهابيين بمثل تلك المشاريع أو الخطط أو الخطوات عندها سيكون هناك المزيد من الفوضى في العالم.. هذا سؤال آخر.. هل للولايات المتحدة مصلحة بوجود المزيد من الفوضى في سائر أنحاء العالم… أم أن للولايات المتحدة مصلحة أكبر بوجود الاستقرار حول العالم… هذا سؤال آخر.. يمكن للولايات المتحدة بالطبع إحداث الفوضى.. إنها تحدث الفوضى منذ ما لا يقل عن خمسين أو ستين عاما في سائر أنحاء العالم.. هذا ليس جديدا.. هل سيجعلون الأمور أكثر سوءاً وأكثر انتشاراً… هذا سؤال آخر.. لكن الأمر لا يتعلق بي.. لا يتعلق بالرئيس.. إنه يتعلق بالوضع بمجمله في العالم لأنك لا تستطيع أن تفصل الوضع في سورية عن الوضع في الشرق الأوسط.. وعندما يكون الشرق الأوسط غير مستقر لا يمكن للعالم أن يكون مستقرا.
السؤال الخمسون..3
دعني أسألك عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه بإقامة علاقة جديدة مع الولايات المتحدة.. يتخذ تنظيم “داعش” مقرا له في بلادكم.. في الرقة.. إذا علمتم بأن “داعش” على وشك أن يشن هجوما على الولايات المتحدة.. هل ستحذرون أميركا…
الرئيس الأسد..
من حيث المبدأ نعم.. لأنهم قد يهاجمون مدنيين.. ولا أستطيع تحميل الأبرياء في الولايات المتحدة مسؤولية النوايا السيئة لمسؤوليهم.. هذا ليس صحيحا.. وكما قلت في عدة مرات.. فإني لا أعتبر الولايات المتحدة عدوا مباشرا فهم لا يحتلون أرضنا.. لكن في الوقت نفسه فإن هذا غير واقعي لسبب واحد وهو عدم وجود علاقات بيننا وبين الولايات المتحدة.. هذا النوع من المعلومات أو التعاون يتطلب تعاونا أمنيا يستند إلى تعاون سياسي.. وكلاهما غير موجود.. ولذلك لا تستطيع القيام به.
إذا ألحقنا الهزيمة بـ “داعش” نكون قد ساعدنا العالم بأسره
السؤال الحادي والخمسون..
لقد تحدثت إلى نائب وزير خارجيتكم.. الدكتور فيصل المقداد عدة مرات.. وقد وصف لي خطر انفجار سورية وأزمتها.. ليس فقط على اتساع الشرق الأوسط بل في العالم بأسره.. ومن الواضح أن هذا قد حدث.. مع تراجع أو انكسار “داعش” هل هناك خطر في انتشار مقاتليه… هل هناك خطر مع إلحاقكم الهزيمة ب”داعش” في أن تصبح الولايات المتحدة أكثر عرضة للإرهاب…
الرئيس الأسد..
لا.. إذا ألحقنا الهزيمة ب”داعش” نكون قد ساعدنا العالم بأسره.. لأن أولئك الإرهابيين الذين يأتون إلى سورية من أكثر من مئة بلد في العالم بما في ذلك البلدان الغربية إذا لم يهزموا فإنهم سيعودون وقد اكتسبوا المزيد من الخبرة والمزيد من التعصب والمزيد من التطرف وسيهاجمون تلك البلدان.. إذا هزمناهم هنا فإننا نكون قد ساعدنا كل البلدان الأخرى بما في ذلك الولايات المتحدة.
السؤال الثاني والخمسون..
لكن مقاتلي “داعش” قد يغادرون الرقة.. وكما رأينا في الهجمات الإرهابية في أوروبا فإنهم يأتون إلى فرنسا.. وإلى بلجيكا.. ويمكن أن يأتوا إلى الولايات المتحدة أيضا ويقومون بهجمات.. هذه مخاطرة حقيقية أليس كذلك…
الرئيس الأسد..
نعم.. هذا ما أتحدث عنه.. قلت إننا إذا هزمناهم هنا.. إذا هزمنا الإرهاب بمعنى أنهم لن يستطيعوا العودة عندئذ نكون قد ساعدنا.. أما إذا غادروا.. إذا نجوا.. إذا استمر هذا الإرهاب في الوجود.. عندها يمكن أن يبدأ تصدير أولئك الإرهابيين إلى أوروبا كما حدث في فرنسا مؤخرا.. إذا.. ما قلته صحيح وهذا ما أعنيه إذا هزمناهم هنا ولم يتمكنوا من العودة فإننا نكون قد ساعدنا الآخرين.. أما إذا عادوا فإنهم سيشكلون خطرا على باقي أنحاء العالم.
السؤال الثالث والخمسون..
كما في أي حرب هناك طرفان.. لقد اتهمت قواتكم بالقيام ببعض الأفعال المروعة.. لقد أتيت إلى هنا عدة مرات ورأيت بعض الأشياء المروعة نتيجة الضربات الجوية لقواتكم وعمليات القصف وما إلى ذلك.. هل تعتقد أنك ستواجه ذات يوم محكمة دولية…
الرئيس الأسد..
أولا.. لا بد أن تقوم بعملك كرئيس عندما يهاجمك الإرهابيون.. أعني كبلد.. عليك أن تدافع عن بلدك.. وهذه هي وظيفتي طبقا للدستور.. فإذا أنا أقوم بعملي وسأستمر بالقيام به بصرف النظر عما سأواجهه.. لنكن واضحين بهذا الشأن.. لا يمكن موازنة الدفاع عن البلد بالمستقبل الشخصي للرئيس سواء كان سيواجه محكمة جنائية أو أي شيء من ذلك القبيل أو حتى الموت.. إن ذلك لا يهم.. إذا لم ترد مواجهة كل هذه الأشياء فلتترك منصبك وتعطه لشخص آخر.
السؤال الرابع والخمسون..
لكن ما يدعو الناس للقول إنك ينبغي أن تواجه محكمة جرائم حرب هو أن من الواضح أنك تستخدم أي وسيلة ممكنة.. أعني.. وأعرف أنك لا توافق على أن ثمة شيئا يسمى براميل متفجرة.. لكن بصرف النظر عن نوعية المعدن المستخدم فإن الاتهامات هي أنكم تستخدمون القوة غير التمييزية.. الأسلحة غير التمييزية في المناطق المدنية.. هذا صحيح.. أليس كذلك…
الرئيس الأسد..
أولا.. بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين يقولون هذا.. هل لديهم أي معايير فيما يتعلق بالوسائل التي يجب أن تستخدمها ضد الإرهابيين… ليس لديهم مثل تلك المعايير.. إذا.. هذا ليس ذا صلة.. هذا لا معنى له من وجهة نظر قانونية ومن منظور واقعي.. ثانياً.. إذا تحدثت عن الأسلحة غير التمييزية فإنه ما من جيش يمكن أن يستخدم أسلحة غير تمييزية في مثل هذا الوضع الذي يكون فيه اختلاط تقريبا بين الطرفين.
السؤال الخامس والخمسون..
مع كل الاحترام سيادة الرئيس.. لقد رأيت قنبلة ترمى من حوامة.. ذلك كان غير تمييزي.
الرئيس الأسد..
دعنا نقول تقنيا أن ترمى القنبلة من حوامة أو من طائرة حربية ليست هذه هي القضية.. الأمر الأكثر أهمية إذا أردت التحدث عن الدقة.. لنقل اننا نستخدم سلاحا دقيقا كذاك الذي تستخدمه الولايات المتحدة.. الطائرات دون طيار والصواريخ بالغة الدقة في أفغانستان.. ما عدد الإرهابيين الذين قتلتهم حتى الآن… لقد قتلت اضعاف أضعاف ذلك من المدنيين والأبرياء.
السؤال السادس والخمسون..
حتى لو كان ذلك صحيحا.. فإنه لا يجعل ما تقومون به محقا.
الرئيس الأسد..
لا.. أعني أولا أن نوع السلاح الذي تستخدمه لا علاقة له بما ذكرت.. المسألة ليست فيما إذا كنت تستخدم أسلحة أكثر أو أقل دقة.. ليس هناك مثل تلك المعايير.. هذا مجرد جزء من حملة إعلامية شنت مؤخرا.. أنا أتحدث الآن من منظور قانوني.. نحن لدينا الحق.
السؤال السابع والخمسون..
مع كل الاحترام.. المسألة ليست مجرد حملة إعلامية.. لقد تحدثت الأمم المتحدة كما تعرفون عن هذا.. وقد تحدثت مجموعات حقوق الإنسان عنه..
ليس فقط عن الاستخدام غير التمييزي للأسلحة بل إن الأمم المتحدة تحدثت هذا الأسبوع عن المشاكل في حلب.. وفي داريا.. القريبة جدا من هنا.. عن استخدام التجويع والحصار كسلاح من أسلحة الحرب.. وهذا يجري الآن بالقرب منا أليس كذلك…
الرئيس الأسد..
سنتحدث عن الحصار.. فيما يتعلق بالأسلحة فإن الشيء الوحيد الذي لا تستطيع الحكومة استخدامه في أي حرب هو الأسلحة التي حظر القانون الدولي استخدامها.. أي أسلحة أخرى تستخدمها ضد الإرهاب فهي من حقك.. إذا.. من حقنا استخدام أي سلاح من أجل إلحاق الهزيمة بالإرهابيين.
السؤال الثامن والخمسون..
وتعلمون أن هناك اتهاما بأنكم استخدمتم الأسلحة الكيميائية.. وهو ما تنكرونه.
الرئيس الأسد..
لم نفعل ذلك.. مضى على ذلك ثلاث سنوات ولم يقدم أحد أي دليل في هذا الصدد.. كل ما قدموه هو مجرد مزاعم.
السؤال التاسع والخمسون..
هناك الكثير من الأدلة لكنكم تنكرونها.
الرئيس الأسد..
لا.. ليس هناك أي دليل في الواقع.. بل مجرد صور على الانترنت ويمكن لأي كان…
السؤال الستون..
هناك أدلة على شكل صور.. وأدلة علمية.. وشهود عيان…
الرئيس الأسد..
ليس هناك شيء.. هناك وفد من المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية أتى إلى سورية ولم يعثروا على أي دليل.. ذهبوا وجمعوا كل شيء.. عينات وكل شيء لتقديم دليل لكنهم لم يتمكنوا من ذلك.. ليس هناك أي دليل.. وهكذا.. فإننا لم نستخدمها وليس هناك منطق لاستخدامها.
السؤال الحادي والستون..
دعنا نتحدث عن الطرائق التي تستخدمها قواتكم بالقرب من هنا والمتمثلة في عزل منطقة ومحاصرتها.. وهناك آلاف المدنيين قريبون جدا من هنا يتضورون جوعا.. هل تدركون ذلك…
الرئيس الأسد..
لنفترض أن ما تقوله صحيح.. دعنا نفترض ذلك.. الآن أنت تتحدث عن منطقة يحاصرها الجيش منذ سنوات.. ليس منذ أشهر بل منذ سنوات.. ليست لديهم أغذية ولا أساسيات العيش لأن الحكومة لا تسمح بإدخالها لكن في الوقت نفسه فهم يحاربون منذ سنتين ويقصفوننا من مناطقهم بقذائف الهاون ويقتلون المدنيين.. هذا يعني طبقا لروايتهم أننا نسمح لهم بالحصول على الأسلحة لكننا لا نسمح لهم بالحصول على الأغذية.. هل هذا واقعي…
السؤال الثاني والستون..
هذا ما تقوله الأمم المتحدة.. الأمم المتحدة تقول.. على سبيل المثال.. إنها في مضايا تمكنت من إدخال أربع قوافل مساعدات خلال كل هذه السنوات.
الرئيس الأسد..
كيف نمنعهم من الحصول على الغذاء ولا نمنعهم من الحصول على الأسلحة ليقتلونا… ما هو المنطق في ذلك… هذا تناقض.. إما أن نحاصر كل شيء أو أن نسمح بكل شيء.. هذا أولا.. ثانيا.. الدليل على عدم صحة هذا أن لديك كل الفيديوهات التي تصور القوافل القادمة من الأمم المتحدة إلى كل تلك المناطق وإلا كيف ظلوا على قيد الحياة لسنوات إذا كانوا محاصرين منذ سنوات وهم يتحدثون عن نفس الرواية ويكررونها ويعيدون تكرارها… لكن الناس ما زالوا أحياء.. كيف تمكنوا من البقاء أحياء دون غذاء.
السؤال الثالث والستون..
كما تعرفون.. فإن استهداف المدنيين في الحرب يعد جريمة حرب.. ومؤخرا رفعت عائلة الصحفية الأميركية ماري كولفن قضية في الولايات المتحدة تتهمكم وتتهم حكومتكم فيها باستهدافها عمدا وقتلها.. تعرفون ماري كولفن.. لقد كانت صديقتي.
الرئيس الأسد..
نعم.. إنها صحفية.
السؤال الرابع والستون..
هل استهدفت قواتكم ماري كولفن وزملاءها بهدف قتلها…
الرئيس الأسد..
لا.. ببساطة شديدة.. أولا.. لم تكن قوات الجيش تعرف أن ماري كولفن موجودة في مكان ما لأننا قبل ذلك لم نكن نعرف شيئا عن ماري كولفن.. إنها حالة حرب.. وهي دخلت إلى سورية بشكل غير قانوني وعملت مع الإرهابيين.. ولأنها دخلت إلى البلاد بشكل غير قانوني فهي مسؤولة عن كل ما حدث لها..
هذا أولا.. ثانيا..
السؤال الخامس والستون..
هي مسؤولة عن موتها…
الرئيس الأسد..
طبعا.. فقد دخلت إلى سورية بشكل غير قانوني.. بإمكاننا أن نكون مسؤولين عن كل شخص في بلادنا عندما يدخل بشكل قانوني إلى سورية.. هي دخلت بشكل غير قانوني وذهبت مع الإرهابيين.. لم نرسلها إلى أي مكان ولم نكن نعرف شيئا عنها.
السؤال السادس والستون..
كما تعرفون فإن ذلك لا يفسر إصابة الصواريخ للمنزل الذي كانت فيه في حمص.
الرئيس الأسد..
لا.. لا أحد يعرف إذا كانت قد قتلت بصاروخ أو بأي صاروخ.. أو من أين أتى الصاروخ أو كيف.. لا أحد يمتلك أي دليل.. إنها مجرد مزاعم لأنها منطقة صراع ولأن هناك حربا.. هناك مناطق اشتباك وعندما تعلق في تبادل لإطلاق النار في مكان ما لا تستطيع أن تعرف من قتل من.. وبالتالي فإن هذه مزاعم.. ثانيا.. كان هناك مئات الصحفيين الذين دخلوا سورية بشكل قانوني وغير قانوني وكانت تغطيتهم لصالح الإرهابيين وليست لصالح الحكومة.. ولم نقتلهم.. إذا.. لماذا نستهدف هذه المرأة لنقتلها… ليس هناك أي سبب.. هذا ثانيا.. ثالثا.. هناك عشرات الصحفيين الذين يعملون لصالح الحكومة ويدعمون الحكومة وقتلوا.. هل نحن الذين قتلناهم… لم نفعل ذلك.. إذا هذه حرب.. هل سمعت عن حرب جيدة… لا أعتقد أن هناك من سمع عن حرب جيدة.. إنها حرب وهناك دائما ضحايا وهناك دائما أبرياء يقتلون بمختلف الوسائل ولا أحد يستطيع أن يعرف كيف.
السؤال السابع والستون..
إن الانطباع الذي تعطيه.. سيادة الرئيس.. هو لرجل يشعر بأنه لا يتحمل أي مسؤولية عن الأشياء المريعة التي يتم فعلها باسمه للشعب السوري.. تبدو كمن يقول.. “حسنا.. إن ذلك لا يهم”.
الرئيس الأسد..
أنت تتحمل مسؤولية القرار الذي تتخذه ولا تتحمل مسؤولية قرار لم تتخذه.
السؤال الثامن والستون..
لكن بعض القرارات التي اتخذتها نتج عنها موت مئات آلاف الناس.
الرئيس الأسد..
مثل ماذا…
السؤال التاسع والستون..
مهاجمة مناطق معينة.. وشن حملات وضربات جوية.. واستخدام أسلحة معينة.
الرئيس الأسد..
القراران الوحيدان اللذان اتخذناهما منذ بداية الأزمة كانا الدفاع عن بلادنا ضد الإرهابيين.. وهذا قرار صائب.. والقرار الثاني إجراء الحوار مع الجميع وقد تحاورنا مع الجميع بما في ذلك بعض المجموعات الإرهابية التي أرادت تسليم أسلحتها.. وأنجزنا ذلك.. نحن مرنون جدا لم نتخذ أي قرار لمهاجمة أي منطقة ليس فيها إرهابيون أو لا يقصف منها الإرهابيون المدن المجاورة لهم.
السؤال السبعون..
هل ترى صورا أو مقاطع فيديو لأطفال.. على سبيل المثال.. في مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة… وأتساءل.. إذا كنت قد رأيت مثل تلك الصور..
كيف تشعر… الحزن.. الأسف.. لا شيء…
الرئيس الأسد..
سؤالي هو.. كيف لك أن تتحقق من أن أولئك الأطفال الذين رأيتهم على الانترنت هم في مناطقهم…
السؤال الحادي والسبعون..
كما ترى.. سيادة الرئيس.. ها أنت مرة أخرى.. إن جوابا كذاك ببساطة يعزز نظرة الناس بأنك تتجنب المسؤولية.
الرئيس الأسد..
لا.. لا.
السؤال الثاني والسبعون..
انك في الواقع لا تكترث للناس على الجانب الآخر الذين تقتلهم قواتك.
الرئيس الأسد..
تمكن الإجابة على ذاك السؤال إذا أجبت على هذا السؤال.. كيف تستطيع الآن تحميل بوش مسؤولية مقتل مليون عراقي منذ الحرب على العراق عام (2003)…
السؤال الثالث والسبعون..
أنا لا أتحدث عن الرئيس بوش.. أنا هنا لأسألكم…
الرئيس الأسد..
لا.. لا.. أنا أتحدث عن المبدأ الآن.. المسألة تتعلق بالمبدأ.. المبدأ هو نفسه.. هو هاجم بلدا ذا سيادة.. بينما أنا أدافع عن بلدي.. إذا أردت استخدام معيار واحد.. فهذا أمر.. لكن إذا أردت استخدام معايير مزدوجة فذاك أمر آخر.
السؤال الرابع والسبعون..
ما زلت تعطي الانطباع بأنك في الواقع لا تكترث كثيرا.
الرئيس الأسد..
لا.. لا.. أنا أتحدث إلى جمهور أميركي ولذلك ينبغي أن تكون هناك مقارنة بين الأمرين لأنه يتعلق بالمنطق الذي تستخدمه لشرح شيء ما.. المسألة لا تتعلق بجوابي فقط.. هو هاجم بلدا ذا سيادة بينما نحن ندافع عن بلدنا.. هو قتل عراقيين على أرضهم.. ونحن ندافع عن أنفسنا بشكل أساسي ضد الإرهابيين القادمين من أماكن أخرى في العالم.. هذا حقنا.. بينما يتم الحديث عن حرب نظيفة لا ضحايا فيها ولا مدنيين ولا أبرياء يقتلون.. هذا لا وجود له.. لا أحد يستطيع إيجاد شيء كهذا وما من حرب على هذه الشاكلة في العالم.
السؤال الخامس والسبعون..
هل تشرح الحرب على هذا النحو.. مثلا.. لأطفالك على طاولة الفطور.. أنا متأكد من أنهم…
الرئيس الأسد..
طبعا.. سأتحدث عن الواقع.. عن الحقائق.. بينما يتم الحديث عن أطفال يقتلون.. أطفال من هم.. أين هم.. كيف قتلوا… أنت تتحدث عن البروباغاندا والحملات الإعلامية وأحيانا عن صور مزيفة على الانترنت.. لا نستطيع التحدث إلا عن الوقائع.. ينبغي أن نتحدث عن الحقائق.. لا أستطيع الحديث عن مزاعم.
السؤال السادس والسبعون..
هل حدث وبكيت على ما حدث لسورية…
الرئيس الأسد..
إن البكاء لا يدل على أنك شخص جيد ولا يعني أنك تمتلك الكثير من العواطف.. الأمر يتعلق بالعواطف التي تحملها في قلبك وليس بعينيك.. إنه لا يتعلق بالدموع.. هذا أولا.. ثانيا كرئيس.. فإن الأمر يتعلق بما ستفعله وليس بكيف ستشعر.. الأمر يتعلق بكيف ستحمي السوريين عندما يحصل لك حادث سيئ.. وهذا يحصل كل يوم.. هل تستمر بالبكاء كل يوم… أم تستمر بالعمل… سؤالي هو كيف أستطيع أن أساعد كلما كان هناك حدث أو حادث سيئ.. أسأل نفسي كيف أستطيع أن أحمي السوريين الآخرين من مواجهة نفس المشكلة.
السؤال السابع والسبعون..
ما هي خطوتك التالية.. هل ستستمر وتستمر… لقد مضى على وجودكما في السلطة أنت ووالدك ستة وأربعون عاما.. هل هذا صحيح…
الرئيس الأسد..
لا.. هذا ليس صحيحا.. لأنه كان رئيسا.. وأنا رئيس آخر.. وبالتالي.. فإن هذا غير صحيح.. الوصف ليس صحيحا على الإطلاق.. هو انتخب من قبل الشعب السوري وأنا انتخبت بعد وفاته.. هو لم يضعني في أي منصب ولذلك لا تستطيع الربط.. أنا رئيس.. وهو رئيس.. أنا في الحكم منذ ستة عشر عاما وليس منذ خمسة وأربعين عاما.
السؤال الثامن والسبعون..
أنت في السلطة منذ ستة عشر عاما.. وسؤالي هو.. هل ستستمر وتستمر…
الرئيس الأسد..
تعني في منصبي… فيما يتعلق بمنصبي.. عليك أن تسأل السوريين.. إذا كانوا لا يريدونني.. علي أن أرحل مباشرة اليوم.. وإذا كانوا يريدونني.. علي أن أبقى.. هذا يعتمد عليهم.. أعني إذا أردت أن أبقى ضد إرادتهم فإنني لا أستطيع أن أنتج.. لا أستطيع أن أنجح.. أعتقد أنه ليست لدي نية بألا أنجح.
آمل أن يرى فيّ التاريخ الرجل الذي حمى بلاده من الإرهاب ومن التدخل وحافظ على سيادة ووحدة أراضيه
السؤال التاسع والسبعون..
كيف تعتقد أن التاريخ سيتذكرك…
الرئيس الأسد..
كيف آمل أن يتذكرني التاريخ.. لأنني لا أستطيع أن أتنبأ.. فأنا لست متنبئا.. آمل أن يرى فيَّ التاريخ الرجل الذي حمى بلاده من الإرهاب ومن التدخل وحافظ على سيادة ووحدة أراضيه.
السؤال الثمانون..
لأنك تعلم ما تقوله المسودة الأولى للتاريخ.. أي انك ديكتاتور قاس.. انك رجل تلوثت يداه بالدماء.. وان الدماء التي على يديك أكثر حتى من تلك التي كانت على يدي والدك.
الرئيس الأسد..
لا.. مرة أخرى.. سأستخدم مثال الطبيب الذي يقطع يد مريض مصاب بالغرغرينا لإنقاذ المريض.. لا تقول عندها إنه طبيب قاس.. إنه يقوم بعمله لإنقاذ بقية الجسم.. وهكذا.. فعندما تحمي بلادك من الإرهابيين وتقتل الإرهابيين وتهزمهم فانك لا تكون قاسيا بل تكون وطنيا.. هكذا تنظر إلى نفسك.. وهكذا يريد الناس أن ينظروا إليك.
السؤال الحادي والثمانون..
وهكذا ترى نفسك.. وطني…
الرئيس الأسد..
لا أستطيع أن أكون موضوعيا فيما يتعلق بالنظر إلى نفسي.. الأمر الأهم هو كيف ينظر السوريون إلي.. هذا هو الرأي الحقيقي والموضوعي وليس رأيي أنا.. أنا لا أستطيع أن أكون موضوعيا حيال نفسي.
الصحفي..
سيادة الرئيس.. شكرا جزيلا لكم لإجابتكم على أسئلة ان بي سي ولقضائكم هذا الوقت في التحدث إلي.. شكرا جزيلا لكم.
الرئيس الأسد..
شكرا لك.
فيديو مصور
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن الانسجام بين أطياف النسيج السوري حقيقي وأصيل لأنه بني على مدى التاريخ وقد أصبح أفضل وأقوى مشيرا إلى فشل الإرهابيين وحلفائهم في المنطقة والغرب في زرع الانقسام بين السوريين.
وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع وكالة “برنسا لاتينا” الكوبية أن الحرب على سورية حرب شاملة ولا تقتصر على الدعم الخارجي للإرهابيين بل شنوا أيضا حربا سياسية على سورية على المستوى الدولي وأوعزوا إلى إرهابييهم وعملائهم المرتزقة بتدمير البنية التحتية وفرضوا حصارا مباشرا على الحدود السورية من خلال الإرهابيين ومن الخارج عبر الأنظمة المصرفية في العالم ورغم ذلك كان الشعب السوري مصمما على عيش حياة طبيعية قدر الإمكان.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن المعارضة الحقيقية هي تلك التي تعمل من أجل الشعب السوري وتكون مقيمة في سورية وتستمد الرؤية لأجندتها من الشعب السوري والمصالح السورية مبينا أن كلمة معارضة تعني استخدام وسائل سلمية وليس دعم الإرهابيين وأن تكون لها قواعد شعبية تتكون من سوريين وليس من وزارات الخارجية في المملكة المتحدة أو فرنسا أو أجهزة المخابرات في قطر والسعودية والولايات المتحدة ففي مثل هذه الحالة هؤلاء يسمون خونة.
وبين الرئيس الأسد أن الانقلاب في تركيا ينظر إليه بوصفه انعكاسا لعدم الاستقرار والاضطرابات داخل تركيا لافتا إلى أن الأكثر أهمية من الانقلاب نفسه هو النظر إلى الإجراءات التي اتخذها أردوغان وزمرته خلال الأيام الماضية فقد استخدم الانقلاب من أجل تنفيذ أجندته المتطرفة وهي أجندة الأخوان المسلمين داخل تركيا وهذا خطير على تركيا وعلى البلدان المجاورة لها بما فيها سورية.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الغرب لا يقبل أي بلد مستقل وأن سورية تدفع ثمن استقلالها لافتا إلى أن هناك انسجاما قويا بين سورية وأميركا اللاتينية على المستوى السياسي والمعرفي وأن أميركا اللاتينية مثال جيد ومهم للعالم حول كيفية استعادة الشعوب والحكومات استقلالها.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..
السؤال الأول.. سيادة الرئيس.. شكرا لمنحكم “برنسا لاتينا” هذه الفرصة التاريخية لنقل وجهة نظركم إلى العالم حول الواقع في سورية لأنه وكما تعرفون.. هناك الكثير من المعلومات الخاطئة حول بلادكم وحول العدوان الأجنبي الذي يتعرض له هذا البلد الجميل.
سيادة الرئيس.. كيف تقيمون الوضع العسكري الراهن للعدوان الخارجي على سورية.. وما هي التحديات الرئيسية التي تواجهها القوات السورية على الأرض في محاربة المجموعات المعادية للحكومة… وإذا كان ذلك ممكنا.. نريد أن نعرف رأيكم حول المعارك أو المواجهات الدائرة في حلب وحمص…
الرئيس الأسد:
لقد تلقى الإرهابيون.. بالطبع.. الكثير من الدعم من مختلف أنحاء العالم.. هناك أكثر من مئة جنسية تشارك في العدوان ضد سورية وبدعم من بلدان معينة مثل السعودية وقطر بالمال وتركيا بالدعم اللوجستي.. وبالطبع بمصادقة وإشراف الدول الغربية وبشكل أساسي الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وبعض الحلفاء الآخرين.. لكن منذ قرر الروس التدخل وتقديم الدعم المشروع للجيش السوري في محاربة الإرهابيين في سورية وبشكل رئيسي “جبهة النصرة” و”داعش” وبعض المجموعات الأخرى المرتبطة بهما رجحت كفة الميزان ضد أولئك الإرهابيين.. وقد حقق الجيش السوري تقدما في مختلف المناطق في سورية وما زلنا نتقدم والجيش السوري مصمم على إلحاق الهزيمة بالإرهابيين.. فيما يتعلق بحمص وحلب.. إن الوضع في حمص ومنذ غادرها الإرهابيون قبل أكثر من عام أفضل بكثير وأكثر استقرارا.. كان هناك بعض ضواحي المدينة تسلل إليها الإرهابيون.. وهناك الآن عملية مصالحة في تلك المناطق وبموجبها إما أن يتخلى الإرهابيون عن أسلحتهم ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية ويمنحوا عفوا من الحكومة.. أو أن يغادروا حمص إلى أي مكان آخر في سورية.. كما حدث قبل أكثر من عام في وسط مدينة حمص.. الوضع مختلف في حلب لأن الأتراك وحلفاءهم كالسعوديين والقطريين خسروا معظم أوراقهم في ميادين المعارك في سورية وبالتالي فإن الورقة الأخيرة بالنسبة لهم.. خصوصا بالنسبة لأردوغان.. هي حلب.. ولهذا السبب فقد عمل جاهدا مع السعوديين لإرسال أكبر عدد ممكن من الإرهابيين الذين يقدر عددهم بأكثر من خمسة آلاف.
السؤال الثاني.. عبر الحدود التركية…
الرئيس الأسد:
نعم.. لقد قدموا من تركيا إلى حلب خلال الشهرين الماضيين للاستيلاء على المدينة لكنهم فشلوا.. في الواقع فإن جيشنا حقق تقدما في حلب وضواحيها من أجل تطويق الإرهابيين ومن ثم إما التفاوض لإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية كجزء من المصالحة.. أو أن يغادروا مدينة حلب.. أو إلحاق الهزيمة بهم.. ليس هناك حل آخر.
أولوية الجيش السوري تتمثل أولا وقبل كل شيء في محاربة “داعش” و”النصرة” و”أحرار الشام” و”جيش الإسلام”
السؤال الثالث..
سيادة الرئيس.. ما هي أولويات الجيش السوري في مواجهة المجموعات الإرهابية.. ونحن مهتمون بشكل خاص بمجموعات الدفاع الشعبي.. لأننا واجهنا في كوبا شيئا مماثلا في الماضي… ما هو الدور الذي تلعبه هذه المجموعات الشعبية في مسرح العمليات…
الرئيس الأسد:
تتمثل أولوية الجيش السوري أولا وقبل كل شيء في محاربة “داعش” و”النصرة” و”أحرار الشام” و”جيش الإسلام”.. هذه المجموعات الأربع مرتبطة مباشرة بالقاعدة من خلال الأيديولوجيا حيث يعتنقون الأيديولوجيا ذاتها.. إنها مجموعات إسلامية متطرفة تريد قتل كل من لا يتفق معها أو يتصرف مثلها..
أما فيما يتعلق بمجموعات الدفاع الشعبي فإن الإرهابيين في بداية الحرب شنوا حربا غير تقليدية على جيشنا.. وجيشنا هو جيش تقليدي كأي جيش آخر في العالم.. وبالتالي فإن الدعم الذي قدمته تلك المجموعات كان مهما جدا لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين وبطريقة غير تقليدية.. لقد شكل ذلك مساعدة كبيرة للجيش السوري لأن أولئك المقاتلين الوطنيين يقاتلون في مناطقهم.. في مدنهم وقراهم.. وبالتالي فهم يعرفون المنطقة بشكل جيد.. أي أنهم يعرفون الطرق والممرات والتضاريس بشكل جيد.. وبالتالي فإنهم يقدمون مساعدة كبيرة للجيش السوري.. هذا هو دورهم.
الحرب على سورية حرب شاملة ولا تقتصر على دعم الإرهابيين
السؤال الرابع.. سيادة الرئيس.. كيف تتجلى مقاومة الشعب السوري ضد العدوان الأجنبي على الجبهة الاقتصادية… وما هي قطاعات الاقتصاد السوري التي ظلت تعمل رغم الحرب والحصار الاقتصادي وعمليات النهب وما إلى ذلك…
الرئيس الأسد:
في الواقع.. إن الحرب على سورية حرب شاملة.. ولا تقتصر على دعم الإرهابيين.. إنهم يدعمون الإرهابيين وفي الوقت نفسه شنوا حربا سياسية على سورية على المستوى الدولي… وكانت الجبهة الثالثة هي الجبهة الاقتصادية حيث يوعزون إلى إرهابييهم وعملائهم المرتزقة بتدمير البنية التحتية في سورية التي كانت تساعد الاقتصاد السوري وتلبي الاحتياجات اليومية للمواطنين السوريين.. وفي الوقت نفسه بدؤوا بفرض حصار مباشر على الحدود السورية من خلال الإرهابيين.. وفي الخارج من خلال الأنظمة المصرفية حول العالم.. رغم ذلك كان الشعب السوري مصمما على عيش حياة طبيعية قدر الإمكان وقد دفع هذا العديد من رجال الأعمال السوريين أو أصحاب الصناعات المتوسطة والصغيرة بشكل رئيسي إلى الانتقال من مناطق الصراعات والمناطق غير المستقرة إلى مناطق أكثر استقرارا وتأسيس أعمال لهم على نطاق أصغر من أجل المحافظة على بقائهم والمحافظة على النشاط الاقتصادي والاستمرار بتلبية احتياجات السوريين.. وبهذا الصدد.. فإن معظم القطاعات ما زالت تعمل.. على سبيل المثال.. فإن قطاع الصناعات الدوائية لا يزال يعمل بأكثر من 60 بالمئة من طاقته.. وهذا أمر مهم جدا وداعم جدا لاقتصادنا في مثل هذه الظروف.. وأعتقد أننا نبذل الآن قصارى جهدنا من أجل إعادة توسيع قاعدة الاقتصاد رغم الوضع الراهن خصوصا بعد تحقيق الجيش التقدم في مختلف المناطق.
الأميركيون يمارسون ألعابا من أجل استخدام الإرهابيين وليس لإلحاق الهزيمة بهم
السؤال الخامس.. سيادة الرئيس.. لو نتحدث قليلا عن المناخ الدولي.. ما هو رأيكم بالدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في الصراع السوري.. ومحاولات واشنطن وحلفائها فرض إرادتهم على مجلس الأمن وفي محادثات السلام في جنيف.
الرئيس الأسد:
1يمكن للحديث عن دور الأمم المتحدة أو مجلس الأمن أن يكون مضللا لأن الأمم المتحدة تشكل الآن في الواقع ذراعا أميركية يستطيعون استخدامها بالطريقة التي يريدون.. يستطيعون فرض معاييرهم المزدوجة عليها بدلا من ميثاقها.. يستطيعون استخدامها كأي مؤسسة أخرى في الإدارة الأميركية.. ولولا المواقف الروسية والصينية إزاء قضايا معينة لكانت مؤسسة أميركية بالكامل.. وبالتالي.. فإن الدور الروسي والصيني حقق بعض التوازن في هذه المؤسسات.. بشكل رئيسي فيما يتعلق بالقضية السورية خلال السنوات الخمس الماضية.. لكن إذا أردت أن تتحدث عن دورها من خلال وسطائها ومبعوثيها كالسيد دي ميستورا أخيرا.. ومن قبله كوفي أنان.. وبينهما الإبراهيمي وسواه.. يمكننا القول إن أولئك الوسطاء ليسوا مستقلين.. إنهم يعكسون إما الضغوط التي تمارسها الدول الغربية أو في بعض الأحيان الحوار الدائر بين القوى الرئيسية وخصوصا روسيا والولايات المتحدة.. إنهم غير مستقلين.. وبالتالي لا تستطيع التحدث عن دور الأمم المتحدة.. إنه انعكاس لذلك التوازن.. ولهذا السبب فإنه لا يوجد دور للأمم المتحدة في الصراع السوري.. هناك فقط حوار روسي أميركي ونحن نعرف أن الروس يعملون جاهدين.. وبمنتهى الجدية والإخلاص.. لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين.. بينما يمارس الأميركيون ألعابا من أجل استخدام الإرهابيين وليس لإلحاق الهزيمة بهم.
السؤال السادس.. سيادة الرئيس.. كيف ترون في الوقت الحاضر التعايش بين المجموعات الإثنية والدينية السورية في مواجهة هذا التدخل الأجنبي… كيف يسهم ذلك أو لا يسهم في هذا الصدد…
الرئيس الأسد:
الأمر الأكثر أهمية فيما يتعلق بهذا الانسجام بين مختلف أطياف النسيج السوري هو أنه انسجام حقيقي وأصيل لأنه بني على مدى التاريخ… وعلى مدى قرون.. وبالتالي.. فإن مثل هذا الصراع لا يمكن أن يدمر ذلك النسيج الاجتماعي.. وإذا تجولت وزرت مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة سترى جميع ألوان طيف المجتمع السوري تعيش معا.
مداخلة.. لقد رأيت ذلك في دمشق.
الرئيس الأسد:
تماما.. وأضيف إلى هذا انه خلال الصراع أصبح هذا الانسجام أفضل وأقوى مما كان.. وهذا ليس مجرد كلام.. هذا واقع وله أسباب مختلفة.. لقد شكل هذا الصراع درسا.. وهذا التنوع الذي يمتلكه مجتمع ما.. إما أن يغني البلد أو أن يكون مشكلة له.. ليس هناك منطقة وسطى.. لقد تعلم الناس أننا ينبغي أن نعمل بجد أكبر لتعزيز هذا الانسجام.. لأن أول خطاب استخدمه الإرهابيون وحلفاؤهم في المنطقة وفي الغرب فيما يتعلق بالصراع في سورية في البداية كان خطابا طائفيا.. أرادوا للناس أن ينقسموا كي يتصارعوا مع بعضهم لتأجيج النيران في سورية لكنهم فشلوا.. لقد تعلم السوريون الدرس المتمثل في أننا نعيش بانسجام وأننا كنا نتمتع بذلك الانسجام في الأوقات الطبيعية قبل الصراع ولكن علينا أن نعمل بجد أكبر كي نجعله أقوى..
وبالتالي.. أستطيع القول دون أي مبالغة ان الوضع جيد في هذا الصدد.. رغم ذلك.. يمكن القول إن الواقع مختلف في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين.. وكما تعلم فإن أولئك الإرهابيين ينتمون بشكل رئيسي إلى مجموعات متطرفة ومرتبطة بالقاعدة وقد عملوا جاهدين على غرس أيديولوجيتهم الظلامية في أذهان الجيل الشاب.. هذه الأيديولوجية التي تنطوي على القتل وقطع الرؤوس وكل تلك الممارسات المروعة.. وقد نجحوا في ذلك في بعض المناطق.. بمرور الوقت.. ستكون هناك صعوبة أكبر في التعامل مع هذا الجيل الجديد من الشباب الذين تشربوا عقيدة وأيديولوجية الوهابية والقاعدة.. إذا.. هذا هو الخطر الوحيد الذي سنواجهه فيما يتعلق بمجتمعنا وبالانسجام والتعايش الذي أشرت إليه.
تنظيم “داعش” بدأ بالتقلص فقط عندما بدأ الدعم الروسي للجيش السوري في أيلول الماضي
السؤال السابع.. سيادة الرئيس.. أود العودة إلى الساحة الدولية.. ما هو رأيكم بالدور الذي يلعبه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة فيما يتعلق بالمجموعات الموجودة في شمال سورية وخصوصا فيما يتعلق بالمجموعات الكردية.. أعني عمليات القصف التي تقوم بها الطائرات الأميركية وطائرات التحالف في الجزء الشمالي من بلادكم.. ما رأيكم في ذلك…
الرئيس الأسد:
كما تعرف.. فإن الإدارات الأميركية عندما تكون لها علاقات مع أي مجموعة أو مجتمع في أي بلد فإن ذلك لا يكون لمصلحة ذلك البلد ولا لمصلحة الناس.. بل يكون لخدمة أجندة الولايات المتحدة.. وبالتالي.. فإن السؤال الذي ينبغي أن نطرحه على أنفسنا هو.. لماذا يدعم الأميركيون أي مجموعة في سورية… ليس من أجل سورية.. لا بد أن لهم أجندتهم وقد كانت الأجندة الأميركية دائما تقسيمية في كل البلدان.. إنهم لا يعملون لتوحيد الناس بل يعملون على خلق الانقسامات بينهم.. أحيانا يختارون مجموعة طائفية وأحيانا يختارون مجموعة إثنية لدعمها ضد إثنيات أخرى أو لدفعها في مسار يبعدها عن باقي فئات المجتمع.. هذه هي أجندتهم.. إذا من الواضح جدا أن هذا الدعم الأميركي لا يتعلق بـ “داعش” ولا بـ “النصرة” ولا بمحاربة الإرهاب لأنه ومنذ بداية التدخل الأميركي وتنظيم “داعش” يتوسع ولم يتقلص.. لقد بدأ بالتقلص فقط عندما بدأ الدعم الروسي للجيش السوري في أيلول الماضي.
أردوغان استخدم الانقلاب من أجل تنفيذ أجندته المتطرفة وهي أجندة الأخوان المسلمين داخل تركيا
السؤال الثامن.. سيادة الرئيس.. ما هو رأيكم بالانقلاب الذي حدث مؤخرا في تركيا.. وأثره على الوضع الراهن في ذلك البلد وعلى المستوى الدولي.. وأيضا على الصراع في سورية…
الرئيس الأسد:
ينبغي أن ننظر إلى هذا الانقلاب بوصفه انعكاسا لعدم الاستقرار والاضطرابات داخل تركيا.. وبشكل رئيسي على المستوى الاجتماعي.. قد يكون الأثر سياسيا أو أي شيء آخر.. لكن في المحصلة فإن المجتمع هو القضية الرئيسية عندما يتزعزع استقرار البلد.. وبصرف النظر عمن سيحكم تركيا ومن سيكون الرئيس ومن سيكون قائد تركيا فهذه قضية داخلية.. ونحن لا نتدخل ولا نرتكب مثل هذا الخطأ بالقول بأن على أردوغان أن يرحل أو يبقى.. هذه قضية تركية.. وعلى الشعب التركي أن يتخذ القرار بذلك الشأن.. لكن الأكثر أهمية من الانقلاب نفسه هو أن علينا أن ننظر إلى الإجراءات والخطوات التي اتخذها أردوغان وزمرته خلال الأيام القليلة الماضية.. عندما بدؤوا بمهاجمة القضاة وعزلوا أكثر من 2700 قاض من مناصبهم وأكثر من 1500 أستاذ جامعي وأكثر من 15000 موظف في قطاع التعليم.. ما علاقة الجامعات والقضاة والمجتمع المدني بالانقلاب… إذا.. هذا يعكس نوايا أردوغان السيئة وسلوكه السيىء ونواياه الحقيقية حيال ما حدث لأن التحقيق لم ينته بعد.. كيف اتخذوا القرار بعزل كل أولئك الناس… إذا.. فقد استخدم الانقلاب من أجل تنفيذ أجندته المتطرفة وهي أجندة الأخوان المسلمين داخل تركيا.. وهذا خطير على تركيا وعلى البلدان المجاورة لها بما فيها سورية.
السؤال التاسع.. سيادة الرئيس.. كيف تقيمون علاقة الحكومة السورية مع المعارضة داخل سورية… وما هو الفرق بين مجموعات المعارضة هذه وتلك الموجودة في الخارج…
الرئيس الأسد:
لدينا علاقات جيدة مع المعارضة داخل سورية تستند إلى المبادئ الوطنية.. بالطبع لديهم أجندتهم السياسية ومعتقداتهم.. ولدينا أجندتنا ومعتقداتنا.. ويمكن أن نتحاور معهم إما مباشرة أو من خلال صناديق الاقتراع التي يمكن أن تكون شكلا آخر من الحوار.. وهذا هو الحال في كل البلدان.. لكننا لا نستطيع مقارنة هؤلاء بالمعارضات الأخرى خارج سورية لأن كلمة معارضة تعني استخدام وسائل سلمية وليس دعم الإرهابيين وألا تتشكل تلك المعارضة خارج البلاد وأن تكون لها قواعد شعبية تتكون من سوريين.. لا يمكن أن تكون القواعد الشعبية هي وزارات الخارجية في المملكة المتحدة أو فرنسا أو أجهزة المخابرات في قطر والسعودية والولايات المتحدة.. هذه ليست معارضة.. في مثل هذه الحالة فإن هؤلاء يسمون خونة.. هم يسمونهم معارضات.. ونحن نسميهم خونة.. المعارضة الحقيقية هي تلك التي تعمل من أجل الشعب السوري وتكون مقيمة في سورية وتستمد الرؤية لأجندتها من الشعب السوري والمصالح السورية.
السؤال العاشر.. سيادة الرئيس.. كيف تقيمون إصرار الولايات المتحدة وحلفائها على أن تتنحوا عن السلطة.. إضافة إلى الحملة التي يشنونها لتشويه صورة حكومتكم على الساحة الدولية… كيف تنظرون إلى إصرارهم على تنحيكم عن السلطة…
الرئيس الأسد:
فيما يتعلق برغبتهم بأن أتنحى عن السلطة.. فهم يتحدثون عن هذا منذ خمس سنوات.. ولم نلق بالا لهم أبدا.. حتى ولو بتصريح.. لم نكترث لأمرهم أبدا.. هذه قضية سورية.. والسوريون وحدهم يمكنهم القول من ينبغي أن يأتي ويذهب.. من ينبغي أن يبقى في منصبه ومن ينبغي أن يتنحى.. والغرب يعرف موقفنا جيدا بهذا الصدد.. وبالتالي.. فإننا لا نكترث ولا نضيع وقتنا على ما يقولونه.. أنا هنا بفضل دعم الشعب السوري.. دون ذلك.. لما كنت هنا.. هذا بسيط جدا.. أما فيما يتعلق بتشويههم السمعة أو محاولتهم شيطنة رؤساء معينين.. فهذه هي الطريقة الأميركية.. على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية.. منذ حلوا محل الاستعمار البريطاني في هذه المنطقة وربما في العالم.. منذ ذلك الحين لم تقل الإدارات الأميركية ولا السياسيون الأميركيون كلمة واحدة صادقة حيال أي شيء.. إنهم يكذبون دائما.. وبمرور الوقت.. فإنهم يصبحون أكثر تمرسا بالكذب.. هذا جزء من سياساتهم.. وشيطنتهم لي شبيهة بمحاولتهم شيطنة الرئيس بوتين خلال السنتين الماضيتين.. وشيطنة الزعيم كاسترو خلال العقود الخمسة أو الستة الماضية.. هذه طريقتهم.. إذا.. علينا أن نعرف أن هذه هي الطريقة الأميركية ولا ينبغي أن نقلق حيال ذلك.. الأمر الأكثر أهمية هو أن تكون لك سمعة جيدة لدى شعبك.. هذا ما ينبغي أن نهتم به.
السؤال الحادي عشر.. سيادة الرئيس.. ما هو رأيكم بالعلاقات السورية مع أميركا اللاتينية.. وخصوصا علاقاتكم التاريخية مع كوبا…
الرئيس الأسد: رغم بعد المسافة بين سورية وأميركا اللاتينية فإننا نفاجأ دائما بمدى معرفة الناس في أميركا اللاتينية وليس فقط السياسيين بهذه المنطقة.. وأعتقد أن لهذا أسبابا عديدة لكن أحدها يتمثل في أوجه الشبه التاريخية والعوامل المشتركة بين منطقتينا.. بين سورية وأميركا اللاتينية.. لقد وقعت أميركا اللاتينية تحت الاحتلال المباشر قبل وقت طويل لكنها وقعت بعد ذلك تحت احتلال الشركات الأميركية والانقلابات الأميركية والتدخل الأميركي.
هناك انسجام قوي بين سورية وأميركا اللاتينية.. وكوبا على وجه الخصوص
مداخلة.. نعم العديد منها.
2الرئيس الأسد:
وبالتالي.. فإنهم يعرفون معنى أن يكون البلد مستقلا أو غير مستقل.. إنهم يفهمون أن الحرب في سورية تدور حول الاستقلال.. لكن الأمر الأكثر أهمية هو دور كوبا.. لقد كانت كوبا رأس حربة لحركة الاستقلال في أميركا اللاتينية وكان فيدل كاسترو رمزا في ذلك المجال.. وبالتالي.. لنقل إنه على المستوى السياسي والمعرفي.. هناك انسجام قوي بين سورية وأميركا اللاتينية.. وكوبا على وجه الخصوص.. لكنني لا أعتقد أننا نعمل بما يكفي لتحسين النواحي الأخرى من العلاقة كي تكون في المستوى نفسه.. وبشكل رئيسي في المجالات التعليمية والاقتصادية.. كان هذا طموحي قبل الأزمة.. ولذلك زرت أميركا اللاتينية.. كوبا وفنزويلا والأرجنتين والبرازيل من أجل بعث الحيوية في هذه العلاقة.. ثم بدأ هذا الصراع وأصبح عقبة كبيرة في وجه أي شيء يمكن فعله في هذا الصدد.. لكنني أعتقد بأنه لا ينبغي أن تقتصر علاقتنا على المستويين التاريخي والسياسي.. هذا لا يكفي.. هناك العديد من القطاعات الأخرى.. وينبغي أن يعرف سكان المنطقتين المزيد عن بعضهم البعض.. يمكن لبعد المسافة أن يشكل عائقا ولكن يجب ألا يكون الأمر كذلك لأن لدينا علاقات قوية مع باقي أنحاء العالم.. شرقا وغربا.. ولهذا فإن بعد المسافة لم يعد يشكل عقبة في وقتنا هذا.. أعتقد أننا إذا تجاوزنا هذه الأزمة وهذه الحرب فإن علينا أن نعمل بجد أكبر من أجل إحياء مختلف أوجه قطاعات هذه العلاقة مع أميركا اللاتينية وخصوصا مع كوبا.
السؤال الثاني عشر.. سيادة الرئيس.. ما هي توقعاتكم.. أعني ما هو رأيكم في العملية الانتخابية الجارية في الولايات المتحدة.. بشكل رئيسي لمنصب الرئيس… هناك الآن مرشحان.. المرشح الجمهوري هو السيد دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هي السيدة هيلاري كلينتون.. ونحن نعرفها جيدا جدا.. ما هو رأيكم في هذه العملية وفي نتيجتها.. وكيف يمكن أن تؤثر على الصراع هنا.. في الحرب في سورية…
الرئيس الأسد:
استأنفنا علاقاتنا مع الولايات المتحدة عام 1974 لقد كان ذلك منذ اثنين وأربعين عاما ومنذ ذلك الحين شهدنا العديد من الرؤساء الأميركيين في مختلف الحالات.. لقد كان الدرس الذي تعلمناه هو أنه لا ينبغي لأحد أن يراهن على أي رئيس أميركي.. هذا هو الأمر الأكثر أهمية.. إذا فالأمر لا يتعلق بالاسم.. لديهم مؤسسات ولديهم أجنداتهم الخاصة.. وعلى كل رئيس أن يأتي لتنفيذ تلك الأجندة بطريقته.. لكن في المحصلة.. عليه تنفيذ تلك الأجندة.. جميعهم لديهم أجندات عسكرية.. والفرق الوحيد يتمثل في الطريقة.. أحدهم يرسل جيشه كما فعل بوش.. وآخر يرسل مرتزقته وعملاءه.. مثل أوباما.. لكن عليهم جميعا تنفيذ هذه الأجندة.. ولهذا لا أعتقد أنه يسمح للرئيس في الولايات المتحدة أن يحقق قناعاته السياسية.. عليه أن ينصاع للمؤسسات وجماعات الضغط.. وجماعات الضغط لم تتغير وأجندات المؤسسات لم تتغير.. وبالتالي.. لن يأتي رئيس في المستقبل القريب ليحدث تغييرا جديا وجذريا فيما يتعلق بسياسات الولايات المتحدة.
أميركا اللاتينية مثال جيد ومهم جدا للعالم حول كيفية استعادة الشعوب والحكومات استقلالها
السؤال الثالث عشر.. سيادة الرئيس.. سؤال أخير لو سمحت.. ما هي الرسالة التي تود أن تبعثها من خلال هذه المقابلة مع “برنسا لاتينا” إلى حكومات وشعوب أميركا اللاتينية وحوض الكاريبي.. وأيضا حول أهمية دعم الشعب الأميركي ـ لم لا ـ لسورية ضد الإرهاب…
الرئيس الأسد:
أميركا اللاتينية مثال جيد ومهم جدا للعالم حول كيفية استعادة الشعوب والحكومات استقلالها.. إنها تشكل الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.. كما تراها الأخيرة.. لكن الولايات المتحدة استعملت هذه الحديقة لممارسة ألعابها ولتنفيذ أجندتها الخاصة.. وقد ضحت شعوب أميركا اللاتينية بالكثير من أجل استعادة استقلالها.. والجميع يعرف ذلك.. بعد استعادة تلك البلدان استقلالها تحولت من بلدان نامية أو بلدان غير متطورة أحيانا إلى بلدان متطورة.. إذا.. فالاستقلال أمر مهم جدا وعزيز على كل مواطن في أميركا اللاتينية.. نعتقد أنهم ينبغي أن يحافظوا على هذا الاستقلال لأن الولايات المتحدة لن تتوقف عن محاولة الإطاحة بكل حكومة مستقلة.. كل حكومة تعكس الأغلبية الساحقة للشعب في كل بلد في أميركا اللاتينية.. مرة أخرى فإن كوبا تعرف هذا.. وتعرف ما أتحدث عنه أكثر من أي بلد آخر في العالم.. لقد عانيتم أكثر من أي بلد آخر من المحاولات الأميركية.. وقد نجحتم في مواجهة كل هذه المحاولات خلال ستين سنة أو أكثر لمجرد أن حكومتكم تمثل الشعب الكوبي.. ولهذا.. فإن التمسك بقوة بهذا الاستقلال أمر حاسم.. في اعتقادي.. وهو الشيء الأكثر أهمية لمستقبل أميركا اللاتينية.. فيما يتعلق بسورية.. نستطيع القول بأن سورية تدفع ثمن استقلالها لأننا لم نعمل في أي يوم من الأيام ضد الولايات المتحدة ولا ضد فرنسا أو بريطانيا.. إننا نحاول دائما بناء علاقات جيدة مع الغرب.. لكن مشكلتهم هي أنهم لا يقبلون أي بلد مستقل.. وأعتقد أن هذا هو الحال مع كوبا.. إنكم لم تحاولوا أبدا إلحاق الأذى بالشعب الأميركي.. لكنهم لا يقبلونكم كبلد مستقل.. وينطبق الأمر نفسه على البلدان الأخرى في أميركا اللاتينية.. ولهذا السبب كانت لديكم دائما انقلابات خصوصا بين الستينيات والسبعينيات.. ولهذا.. أعتقد أن المحافظة على استقلال بلد معين ليس حالة منعزلة.. إذا أردت أن أكون مستقلا.. ينبغي أن أدعم الاستقلال في سائر أنحاء العالم لأن الاستقلال في أي مكان من العالم بما في ذلك في أميركا اللاتينية سيدعم استقلالنا.. إذا كنت وحيدا.. فسأكون ضعيفا.. إن دعم سورية سيكون بشكل رئيسي على الساحة الدولية.. هناك العديد من المنظمات الدولية.. خصوصا الأمم المتحدة.. رغم انعدام حيلتها.. لكن في المحصلة.. فإن دعم هذه المنظمات يمكن أن يلعب دورا حيويا في دعم سورية.. وهناك بالطبع مجلس الأمن.. وهذا يعتمد على الأعضاء غير الدائمين في المجلس.. إن دعم أي منظمة أخرى لسورية سيكون مهما جدا.
السؤال الرابع عشر.. سيادة الرئيس.. أعرف أنك شخص مشغول جدا.. ولهذا أقدر عاليا منحكم لنا هذا الوقت ومنح “برنسا لاتينا” هذه المقابلة في هذا الوقت بالذات.. آمل ألا تكون هذه مقابلتنا الأخيرة معكم.
الرئيس الأسد:
أهلا وسهلا بكم في أي وقت.
أكد السيد الرئيس القائد بشار الأسد أن سورية تنظر إلى العلاقة التركية الروسية الجديدة بإيجابية على أمل أن تتمكن روسيا من إحداث بعض التغييرات في السياسة التركية وخاصة وقف الاعتداء على الأراضي السورية ووقف دعم الإرهابيين.
وأوضح القائد الأسد في مقابلة مع صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الروسية أن التوغل التركي في الأراضي السورية غزو يتعارض مع القانون الدولي والأخلاق والهدف منه صرف النظر عن القناع الذي يلبسه الأتراك وتبييض صفحتهم وتغطية نواياهم الحقيقية المتمثلة في دعم “داعش” و”النصرة” مشيراً إلى أن هدف الغزو أيضاً تغليف “داعش” بغلاف جديد كي يتمكنوا من التحدث عن قوات معتدلة جديدة أساسها في الحقيقة نفس أسس “داعش”.
وبين الرئيس الأسد أن ما شهدته سورية والمنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية وجوهر هذه الحرب يتعلق بالمحاولات الأمريكية للحفاظ على الهيمنة على العالم وعدم السماح لأي كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن روسيا تريد محاربة الإرهاب ليس من أجل سورية وروسيا وحسب بل من أجل المنطقة والعالم بأسره بينما تعتقد الولايات المتحدة دائماً أنه يمكن استخدام الإرهاب كورقة تستطيع اللعب بها ووضعها على الطاولة.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن الحملة الغربية الإعلامية الكاذبة تسعى لتغيير شكل “جبهة النصرة” الإرهابية ووضعها تحت عنوان القبعات البيضاء وتصوير عناصرها على أنهم أشخاص جيدون.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة…
السؤال الأول:
شكراً جزيلاً سيادة الرئيس، أنا سعيدة وفخورة جداً بلقائي بكم، سأبدأ بالسؤال، أصبح الوضع في سورية أكثر خطورة والتنبؤ بتطوراته أكثر صعوبة، لماذا؟ لأن هذا الصراع يجتذب عدداً أكبر من المشاركين واللاعبين على سبيل المثال، من يشارك الآن في الحرب في سورية؟ هناك إيران ولبنان، أعني حزب الله، وروسيا وتركيا والتحالف الكبير الذي تقوده الولايات المتحدة، كما أن الصين تبدي اهتماماً بهذه الحرب، هل تخشون أن تنجم عن هذا الصراع حرب عالمية ثالثة أم أن حرباً عالمية ثالثة قد بدأت فعلاً؟
الرئيس الأسد:
إذا أردنا التحدث عن هذه المشكلة علينا أن نتناول جوهرها ومنبعها وهو الإرهاب، وبصرف النظر عمن يتدخل في سورية الآن فإن الأمر الأكثر أهمية هو، من يدعم الإرهابيين بشكل يومي وعلى مدار الساعة، هذه هي القضية الرئيسية، إذا تمكنا من حلها فإن هذه الصورة المعقدة التي وصفتها لن تكون مشكلة كبيرة وبوسعنا حلها، إذاً الأمر لا يتعلق بعدد الدول التي تتدخل الآن بل بعدد الدول التي تدعم الإرهابيين، هذا لأن روسيا وإيران وحزب الله حلفاؤنا وأتوا إلى سورية بشكل قانوني، إنهم يدعموننا ضد الإرهابيين بينما تقوم الدول الأخرى التي تحدثتي عنها والتي تتدخل في سورية بدعم أولئك الإرهابيين، وبالتالي فإن المسألة لا تتعلق بالعدد بل بالقضية الجوهرية المتمثلة في الإرهاب.
ثانياً، وفيما يتعلق بالحرب العالمية الثالثة فإن هذا التعبير استخدم كثيراً في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد التصعيد الأخير فيما يتعلق بالوضع في سورية، يمكن القول إن ما نشهده الآن، ما شهدناه خلال الأسابيع، وربما الأشهر القليلة الماضية، هو أكثر من حرب باردة وأقل من حرب فعلية، لا أعرف كيف أسميها، لكنها ليست شيئاً ظهر مؤخراً وحسب لأني لا أعتقد أن الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أوقف حربه الباردة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
الصحفية:
نعم، إنها ما زالت مستمرة.
الرئيس الأسد:
وبالتالي، فإن لهذه الحالة عدة مراحل، وتمثل سورية إحدى هذه المراحل المهمة، ترين تصعيداً أكبر مما مضى، لكن القضية برمتها تتعلق بالمحافظة على الهيمنة الأمريكية على العالم وعدم السماح لأي كان بأن يكون شريكاً على الساحة السياسية أو الدولية سواء كان روسيا أو حتى أحد حلفاء أمريكا الغربيين، هذا جوهر هذه الحرب التي وصفتها بأنها حرب عالمية ثالثة، إنها حرب عالمية لكنها ليست حرباً عسكرية، جزء منها عسكري وجزء يتعلق بالإرهاب والأمن والجزء الآخر سياسي، وبالتالي ما تقولينه صحيح لكن بشكل مختلف، الأمر لا يتعلق فقط بسورية، فسورية جزء من هذه الحرب.
السؤال الثاني:
لكنك قلت، إن سورية أصبحت مسرحاً لهذه الحرب، لماذا سورية؟ أعلم أن سورية بلد كبير، لديكم نفط، لكن ليس كالسعودية، لماذا سورية بالتحديد؟
الرئيس الأسد:
إن لذلك أوجهاً عدة، الوجه الأول، إذا أردت التحدث عن الصراع الإقليمي فإن لسورية علاقة جيدة بإيران، والسعودية أرادت، لنقل، تدمير إيران بشكل كامل ربما بالمعنى السياسي وربما بالمعنى العملي ولأسباب مختلفة، وبالتالي فإنهم أرادوا من سورية أن تقف ضد إيران، ولذلك فإن تدمير سورية يمكن أن يؤثر على إيران بشكل سلبي وفق ما أعتقد، بالنسبة للغرب، فإن سورية وروسيا حليفتان منذ عقود، فإذا قوضوا موقع سورية فإن بوسعهم التأثير سلبياً على روسيا، كما أن هناك أمراً آخر يتعلق بالدور التاريخي لسورية، لقد لعبت سورية ذلك الدور في المنطقة على مدى قرون، فقد كانت دائماً محور الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بالتالي فإن السيطرة على سورية منذ زمن الفراعنة أي قبل ميلاد المسيح كان هدفاً جيوسياسياً وقد تحارب الفراعنة والحتيون لتحقيق هذا الهدف، هذا هو الأساس التاريخي، وبالتالي فإن لسورية دوراً جيوسياسياً وكذلك بسبب موقعها على البحر المتوسط وبسبب مجتمعها حيث إن سورية تقع على خط فالق زلزالي بين مختلف الثقافات في هذه المنطقة، وكل ما يحدث في سورية سيؤثر على المنطقة سلباً وإيجاباً، لذلك فإن السيطرة على سورية مهمة جداً، رغم أن سورية بلد صغير لكنها مهمة جداً للسيطرة على باقي أنحاء المنطقة. ثانياً، سورية دولة مستقلة، والغرب لا يقبل بأي دولة مستقلة سواء كانت سورية بصفتها بلداً صغيراً، أو روسيا بصفتها قوة عظمى، ما هي مشكلتهم مع الروس؟ لأنكم تقولون، نعم وتقولون، لا ، ينبغي أن تقولوا دوماً، نعم، وبالتالي فإن هذه هي مشكلة الغرب، لهذه الأسباب تم استهداف سورية.
السؤال الثالث:
بعض وسائل الإعلام الغربية وجدت أن الحرب في سورية باتت صراعاً مباشراً بين روسيا والولايات المتحدة، هل تتفقون مع هذا الرأي؟
الرئيس الأسد:
نعم لسبب بسيط يتعلق بما قلته في البداية عن أن القضية هي الإرهاب، روسيا أرادت محاربة الإرهاب لأسباب مختلفة، ليس من أجل سورية وحسب وليس من أجل روسيا وحسب بل من أجل المنطقة بأسرها ومن أجل أوروبا والعالم بأسره، لأنهم بشكل أو بآخر يفهمون معنى أن يتفشى الإرهاب بطريقة معينة، الولايات المتحدة كانت دائماً ومنذ حرب أفغانستان في مطلع الثمانينات وحتى اليوم تعتقد أنه يمكن استخدام الإرهاب كورقة يستطيعون اللعب بها ووضعها على الطاولة.
الصحفية:
نعم
الرئيس الأسد:
ورقة يضعونها في جيبهم ويخرجونها متى شاؤوا، إذاً أنت تتحدثين عن كيانين مختلفين، أيديولوجيتين مختلفتين وسلوكين مختلفين ومقاربتين مختلفتين، وبالتالي فإن من الطبيعي أن يكون هناك مثل هذا الصراع، وحتى لو كان هناك حوار فإنهما لا يتوافقان.
السؤال الرابع:
الآن لدينا لاعب جديد في هذه المنطقة، التدخل التركي، بينما لا يتحدث عن هذا التدخل أحد الآن كما لو أن شيئاً لم يحدث، ما رأيكم بالدور الذي تلعبه تركيا في هذه الحرب؟ وماذا عن تدخلها؟
الرئيس الأسد:
إذا بدأنا بالحديث عما يحصل اليوم فإنه يعد غزواً.
الصحفية:
غزو !
الرئيس الأسد:
هذا التوغل يشكل غزواً سواء كان على جزء صغير أو كبير من الأراضي السورية، إنه غزو ويتعارض مع القانون الدولي ومع الأخلاق ويشكل انتهاكاً للسيادة السورية، لكن ما الذي يريده الأتراك من هذا الغزو بصرف النظر عن القناع الذي يلبسونه لتغطية نواياهم الحقيقية، هم يريدون تبييض صفحتهم وتغطية نواياهم الحقيقية المتمثلة في دعم “داعش ” و”النصرة”.
إنه لأمر سخيف، ما يقولونه سخيف، أعني عندما يقولون، “نحن نحارب “داعش””، هم صنعوا “داعش”.
الرئيس الأسد:
بالطبع تماماً، هم صنعوا “داعش” وهم دعموا “داعش” وهم يقدمون لهم كل الدعم اللوجستي ويسمحون لهم ببيع نفطنا من خلال حدودهم وعبر أراضيهم بمشاركة إبن أردوغان وحاشيته، جميعهم كانوا ضالعين في العلاقة مع “داعش”، العالم كله يعرف هذا، لكن، بهذا الغزو أرادوا أن يغلفوا “داعش” بغلاف جديد كي يتمكنوا من التحدث عن قوات معتدلة جديدة والتي هي في الحقيقة لها نفس أسس “داعش”، ينقلون السيطرة على منطقة ما من “داعش” إلى هذه القوات ويقولون إن “داعش” هزم في تلك المنطقة بفضل القصف التركي وبفضل القوات التركية وعملائها، إنها مجرد مسرحية يجري تمثيلها ليراها العالم بأسره، والسبب الثاني هو أنهم أرادوا تقديم الدعم للنصرة في سورية.
الصحفية:
أراد أن يدعم “النصرة”؟
الرئيس الأسد:
كما أراد، أعني أردوغان على وجه التحديد، أن يكون له دور في الحل في سورية بصرف النظر عن ماهية هذا الدور شعر بأنه معزول العام الماضي بسبب “داعش”.
الصحفية:
لكنه لا يزال يشعر بأن سورية جزء من الإمبراطورية العثمانية، بالنسبة له إنها أراضيه.
الرئيس الأسد:
تماماً، تشكل أيديولوجيته مزيجاً بين أيديولوجية الإخوان بعنفها وتطرفها والإمبراطورية العثمانية أو السلطنة.
الصحفية:
لديه طموحات، نعم.
الرئيس الأسد:
وبالتالي، فهو يعتقد أنه بهاتين الأيديولوجيتين يستطيع صنع مزيج يمكنه من السيطرة على هذه المنطقة، ولهذا السبب دعم الإخوان المسلمين في جميع البلدان بما في ذلك سورية، أنت محقة.
السؤال الخامس:
بعد إسقاط الطائرة الروسية من قبل الأتراك أوقفت روسيا علاقاتها مع تركيا، الآن وبعد اعتذاراته عدنا مجدداً ويبدو أن الصداقة قد تجددت من حيث السياحة والعلاقات الدبلوماسية وكل شيء، في الماضي وصف بوتين ما فعله أردوغان بأنه “طعنة في الظهر” عندما أسقطت الطائرة من قبل الأتراك، هل تعتقد أننا، نحن الروس، نرتكب خطأ بالوثوق بأردوغان مرة أخرى بعد خيانته؟
الرئيس الأسد:
لا، في الواقع فإني أنظر إلى هذه العلاقة بإيجابية.
الصحفية:
تنظر إليها بإيجابية؟
الرئيس الأسد:
نعم، بالتأكيد، لماذا؟
الصحفية:
لماذا؟
الرئيس الأسد:
إننا نتحدث عن طرفين، آخذين في الاعتبار أن هذين الطرفين ليست لديهما نفس الرؤيا، ولديهما مواقف مختلفة، روسيا تبني سياستها على القانون الدولي واحترام سيادة الدول الأخرى وفهم تداعيات انتشار الإرهاب في أي مكان من العالم في حين أن الطرف الآخر الطرف التركي يبني سياسته على أيديولوجية الإخوان المسلمين، إنهم لا يحترمون سيادة سورية ويقومون بدعم الإرهابيين، وبالتالي يمكنك رؤية حالة من الاستقطاب وتجدين الدولتين على طرفي نقيض بشكل كامل، بالتالي من خلال هذا التقارب بين روسيا وتركيا فإن أملنا الوحيد نحن في سورية أن تتمكن روسيا من إحداث بعض التغييرات في السياسة التركية، هذا أملنا وأنا متأكد أن هذا هو الهدف الأول للدبلوماسية الروسية حيال تركيا هذه الأيام لتتمكن من تقليص الضرر الذي حدث بسبب تجاوزات الحكومة التركية على الأراضي السورية، آمل أن يتمكنوا من إقناعهم بأن عليهم التوقف عن دعم الإرهابيين ومنع تدفقهم عبر حدودهم ووصول الأموال إليهم.
الصحفية:
لكن بالنسبة لأردوغان فإن هؤلاء الإرهابيين هم أدوات للنفوذ، لن يمنع أي شيء عن هذه الأداة لأن هؤلاء جماعته وسيحاول أن يحارب معهم وسيبدؤون بالتحارب معه، أعني أن ثمة مخاطرة كبيرة في رفضه رعاية الإرهاب، إن ذلك يشكل خطراً على سلطته.
الرئيس الأسد:
نعم ولهذا السبب لم أقل إن الروس سيغيرون سياسته بل قلت إنهم سيقلصون الضرر لأنه كشخص ينتمي إلى الأيديولوجيا العنيفة والمتطرفة للإخوان المسلمين لا يمكن أن يكون شخصاً مستقيماً إذا توخينا الصراحة والواقعية، ولهذا فإن ما تتحدثين عنه واقعي جداً وأوافقك الرأي مئة بالمئة، لكن بالمحصلة عليك المحاولة وإذا تغير واحداً بالمئة فإن هذا جيد وإذا تغير عشرة بالمئة فإن ذلك سيكون أفضل، لن يحدث تغيير كامل بالضرورة وليس لدينا مثل هذه الآمال، إننا لا نرفع كثيراً من سقف توقعاتنا وخصوصاً فيما يتعلق بشخص كأردوغان وعصبته لكن أي تغيير في هذه اللحظة سيكون جيداً وأعتقد أننا نتشارك مع المسؤولين الروس حالياً هذا الأمل من خلال هذه العلاقة وأعتقد أنه هنا تكمن حكمة تحرك الحكومة الروسية نحو الحكومة التركية ليس لأن الروس يثقون بهذه الحكومة لكنهم بحاجة لعلاقات جيدة مع الشعب وهذا صحيح تماماً.
السؤال السادس:
بالنسبة لي هذا غريب لم يقم تنظيم “داعش” بأيديولوجيته بتهديد “إسرائيل” أبداً، كما أن “إسرائيل” لم تهدد “داعش”، يبدو وكأن ثمة اتفاقاً ما ربما ليس على الصداقة بل على الحياد، لماذا تعتقد أن الأمر كذلك؟ وما هو دور “إسرائيل” في هذه الحرب؟
الرئيس الأسد:
ليس “داعش” وحسب ولا “النصرة” وحسب، كل شخص وكل إرهابي حمل بندقية وبدأ بالقتل والتدمير في سورية تلقى الدعم من “إسرائيل” سواء بشكل غير مباشر من خلال الدعم اللوجيستي على الحدود أو أحياناً من خلال تدخل مباشر من قبل “إسرائيل” ضد سورية من مختلف الميادين في سورية. لماذا؟
لأن “إسرائيل” عدونا ولأنهم يحتلون أرضنا ولأنهم ينظرون إلى سورية بوصفها عدواً، بالطبع، وبالنسبة لهم فهم يعتقدون أنهم إذا قوضوا موقع سورية وجعلوها أضعف بشكل عام كمجتمع وجيش ودولة فإن ذلك سيعطي “إسرائيل” الذريعة لعدم التحرك نحو السلام لأن ثمن السلام هو إعادة مرتفعات الجولان لسورية.
إذا بالنسبة لهم فإن سورية ستكون مشغولة بقضية جديدة ولن تكون مهتمة بالتحدث عن الجولان أو عن عملية السلام أو حتى أن تقوم بفعل أي شيء لاستعادة أراضيها، لهذا السبب تدعم “إسرائيل” كل إرهابي، ليس هناك تناقض بين “إسرائيل” وأي منظمة مثل “النصرة” أو “داعش” أو أي منظمة مرتبطة بالقاعدة.
السؤال السابع:
جيشكم فقد الكثير من الدماء، هذا واضح، لكن من جهة أخرى عندما أكون في دمشق وأرى عدداً كبيراً من الشباب في المقاهي يشربون القهوة منذ الصباح أتساءل “من هم هؤلاء الشباب ولماذا ليسوا موجودين في الجبهة”، يقولون لي إنهم طلاب، بعد هذا أرى مراكز اللياقة الجسدية مليئة بالشباب مفتولي العضلات، ماذا يفعل هؤلاء هنا؟ أرسلوهم جميعاً إلى الجبهة، أنا لا أفهم لماذا لم تقوموا بتعبئة عامة للجيش كما فعلنا نحن في الحرب الوطنية؟ بشكل عام عندما كان لدينا حرب كبيرة أرسلنا جميع الرجال إلى الجبهة.
الرئيس الأسد:
ما لدينا الآن هو ما يمكن تسميته تعبئة جزئية، لماذا جزئية أو ما معنى جزئية؟ أي أنها ليست بأعلى مستوياتها، إن أعلى مستويات التعبئة يعني مشاركة الجميع في القتال على مختلف الجبهات العسكرية وهذا يعني ألا يكون أحد في الجامعات وألا يكون هناك مدرسون في المدارس ولا موظفون يقومون بأي شيء وحتى الشاحنات والسيارات سيتم استخدامها من قبل الحكومة وكل شيء آخر سيكون جزءاً من هذه الحرب، سيكون ذلك مقبولاً لو كانت هذه الحرب ستستمر لبضعة أسابيع أو ربما بضعة أشهر فقط لكن بالنسبة لحرب مستمرة لحوالي ست سنوات الآن فإن هذا يعني شلل المجتمع وشلل الدولة ولن تتمكني من كسب الحرب إذا كان لديك مجتمع مشلول، ولذلك ينبغي أن يكون هناك توازن بين الحرب وبين الاحتياجات الأساسية للمجتمع، الجامعة والخدمات التي ينبغي تقديمها للناس لهذا السبب من الحيوي تحقيق ذلك التوازن؟ هذه هي وجهة نظرنا.
السؤال الثامن:
لكن حتى برامجكم التلفزيونية، صحيح أني لا أفهم اللغة العربية، لكنني عندما أشاهد التلفزيون يبدو لي وكأني في بلد في وقت السلم وهناك القليل مما يوحي أن هناك حرباً، وبعد ذلك هناك برامج عن الرياضة وعن الأطفال وعن المدارس، أشاهد ذلك وأفكر، يا إلهي أنا في بلد أسمع فيه عن كيفية انفجار الألغام في المدن، وهنا أرى كأن شيئاً لا يحدث، يبدو لي وكأن هذا مبالغ به، إذا أردت أن تبعث الروح الوطنية في الناس ينبغي أن تشرح لهم وأن تقول: “يا شباب نحن في حرب كبيرة”، وهذا بالتحديد ما تفعله كل البلدان، لا تعجبني هذه الصورة للحياة السلمية، هذا غير موجود هنا.
الرئيس الأسد:
وسائل إعلامنا ليست منفصلة عما يحدث، لكن مرة أخرى ينبغي تحقيق التوازن بين مدى ما يقربك من الحياة الطبيعية، ليست حياة طبيعية كاملة، ولذلك أنت بحاجة لهذا التوازن، هناك بالطبع العديد من وجهات النظر المختلفة فيما يتعلق بوسائل الإعلام لأن الإعلام يتعلق بالتصورات، وما تقولينه وما تتحدثين عنه الآن نسمعه في سورية، “كيف يفعلون هذا”؟
بالمقابل إذا توجهت أكثر من اللازم نحو الحرب يقولون: “ليس كل شيء في حالة حرب، نحن بحاجة أن نعيش حياة طبيعية”، أو “ينبغي أن نحافظ على استمرارية الحياة”، لنقل، ليس الحياة الطبيعية بل المحافظة على استمرارية الحياة، تحقيق هذا التوازن ليس سهلاً، هناك وجهات نظر مختلفة، لكن بالمحصلة فإن التحدي الرئيسي لا يتمثل بالحرب فقط بل بكيفية تمكنك من العيش بشكل يومي، إذا لم تحاولي عيش هذه الحياة فإن الإرهابيين سيهزمونك لأن هذه هي غايتهم.
الصحفية:
كنا نعيش على هذا النحو عندما حدثت الحرب الوطنية العظمى، كانت جميع المدن فارغة ولم يكن فيها إلا النساء وكان هناك بالطبع أطباء وبعض المدرسين لكن الجميع كانوا على الجبهة، أعطيك مثالاً من أسرتي، كان أبي وأشقاؤه الأربعة على الجبهة، ترك أبي المدرسة وهو في سن الثالثة عشرة، كان يذهب إلى أحد المصانع لصنع القنابل وكان ذلك طبيعياً، ما كنا لنكسب تلك الحرب لو أننا لم نرسل جميع رجالنا إلى الجبهة.
الرئيس الأسد:
نعم، لكن عندما تتحدثين عن الحرب فإن الحرب ليست عسكرية وحسب، الحرب تشمل كل شيء، الجزء الأكثر أهمية من حربنا لا يتعلق بالإرهابيين وحسب، الجزء الذي يوازي قضية الإرهابيين أهمية هو الاقتصاد، نحن نتعرض لحصار ولذلك علينا أن نفعل كل ما في وسعنا للمحافظة على دوران هذه العجلة وتقدمها إلى الأمام.
الصحفية:
أفهم ذلك.
الرئيس الأسد:
ولهذا عليك أن تركزي كل جهدك على هذه الحياة لأنه دون هذه الحياة الطبيعية لا يمكن أن يكون لديك اقتصاد، إذا جلس الجميع في منازلهم وعاشوا حياة الحرب في تلك الحالة يتوقف الإنتاج.
السؤال التاسع:
لماذا طلبت المساعدة من روسيا تقريباً في اللحظة الأكثر حرجاً؟ تقريباً عندما كان كل شيء في حالة انهيار وحتى حياتك كانت في خطر.
الرئيس الأسد:
أولاً، هناك علاقة تقليدية بين سورية وروسيا وخلال أسوأ أوقات هذه العلاقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كانت العلاقة جيدة، لم تكن سيئة لكنها لم تكن دافئة.
الصحفية:
ولهذا السبب كان بوسعك أن تطلب المساعدة في وقت مبكر أكثر.
الرئيس الأسد:
لا، طلبنا المساعدة منذ البداية لكن التصعيد لم يكن على المستوى الذي كان عليه العام الماضي لأنه قبل ذلك كان الجيش السوري يتقدم إلى الأمام وأعداؤنا، دعينا نستخدم هذا المصطلح، عندما رأوا أننا نتقدم على الأرض بدؤوا بالتصعيد عبر استقدام المزيد من الإرهابيين من الخارج المزيد من الأجانب الذين باتوا يأتون من أكثر من مئة بلد، بالمحصلة فإن سورية بلد صغير وعدد سكانها ليس كبيراً جداً، وبالتالي كنا بحاجة لمساعدة أصدقائنا، تدخلت إيران وحزب الله، وكان تدخل روسيا كقوة عظمى حاسماً في تغيير توازن القوى على الأرض لهذا السبب كان من الطبيعي أن نطلب مساعدة روسية، كانوا قد ساعدونا من قبل ربما ليس بشكل مباشر من خلال القوى الجوية وكانوا يرسلون لنا كل شيء، كل دعم لوجيستي احتجناه لتلك الحرب، لكنهم يعيشون معنا، فالخبراء العسكريون الروس يعيشون في سورية منذ أربعة عقود، لقد رأوا على الأرض أنه خلال ذلك الوقت في عام 2014 بدأ التوازن يتغير لمصلحة الإرهابيين بدعم من الغرب ودول أخرى مثل السعودية وتركيا وقطر، وكان الروس مستعدين للتدخل بشكل مباشر، لهذا السبب دعوناهم، ولأننا نثق بهم بالطبع، إننا نثق بسياستهم فسياستهم تقوم على الأخلاق قبل المصالح، نثق بهم لأننا نعرف أنهم أرادوا أن يدعمونا لأنهم أرادوا التخلص من الإرهابيين وليس لأنهم أرادوا أن يطلبوا منا أي شيء بالمقابل فهذا ما لم يفعلوه أبداً، حتى هذه اللحظة لم يطلبوا منا أي شيء بالمقابل، كل هذه العوامل شجعتني والحكومة والمؤءسسات السورية على طلب المساعدة الروسية.
السؤال العاشر:
قبل ما يسمى الثورة أنا متأكدة أنك تلقيت عروضا من أعدائك الحاليين، نوعاً من أنواع العروض أو الصفقات، ما الذي كانوا يريدونه منك، سمعت على سبيل المثال أن قطر أرادت أن تمد أنبوبا عبر سورية، هل هذا صحيح أم لا؟ هل تلقيت عرضاً ما قبل ذلك؟
الرئيس الأسد:
العروض بدأت بعد الأزمة.
الصحفية:
حسنا.
الرئيس الأسد:
لأنهم أرادوا استخدام الأزمة، بمعنى إذا فعلت هذا فسنساعدك.
الصحفية:
لكن ما الذي أرادوه منك فعلاً؟
الرئيس الأسد:
لكن قبل الأزمة، لم يكن ما قدموه عرضاً، بل أرادوا استخدام سورية بشكل غير مباشر، لم يقدموا عرضا بل أرادوا إقناعنا بفعل شيء ما، حين ذاك كانت القضية الرئيسية في كل العالم هي الملف النووي الإيراني، وكان المطلوب من سورية إقناع إيران بالعمل ضد مصالحها حينها، فرنسا حاولت والسعودية أرادت منا أن نبتعد عن إيران دون مبرر فقط لأنهم يكرهونها.
الصحفية:
لكن ماذا عن هذا الأنبوب؟ هل صحيح أنهم أرادوا مد أنبوب غاز عبر سورية؟
الرئيس الأسد:
لا، لم يتحدثوا عن ذلك لكن كان من المفترض أن يمر أنبوب من الشرق، من إيران فالعراق فسورية إلى البحر المتوسط وأنبوب آخر من الخليج إلى أوروبا بحيث تصبح سورية بذلك هي المركز في مجال الطاقة بشكل عام، ولا أعتقد أن الغرب كان سيقبل سورية هذه، سورية التي رفضت أن تكون دمية في يد الغرب لا يسمح لها أن تحظى بهذا الامتياز أو النفوذ، وبالتالي أعتقد أن هذا أحد العوامل التي لم يتحدثوا عنها مباشرة، بعد الحرب أتى العرض مباشرة من السعودية بمعنى إذا قمت..
الصحفية:
مباشرة ممن.
الرئيس الأسد:
من السعوديين.
الصحفية:
من السعوديين؟
الرئيس الأسد:
إذا ابتعدت عن إيران وأعلنت قطع أي شكل من أشكال العلاقات مع إيران فسنساعدك، هكذا وببساطة شديدة وبشكل مباشر.
السؤال الحادي عشر:
قلت في إحدى مقابلاتك إن هذه الحرب صعبة لأن قتل الإرهابيين أمر بسيط بينما قتل أيديولوجيا أمر صعب جدا، وعندما تحدثت إلى ضباطك على الجبهة قالوا لي: “كيف يمكن أن تحاربي شخصاً لا يخشى الموت”، بالنسبة له فإن الموت يسعده لأن اثنتين وسبعين عذراء ستكون بانتظاره في الجنة، أما الناس الطبيعيون فإنهم يخشون الموت بالطبع، وبالتالي في هذه الحالة فإن المعنويات تختلف حيث كانت معنويات الإرهابيين أعلى بكثير، كيف يمكن قتل هذه الأيديولوجيا؟
الرئيس الأسد:
أنت محقة إذا تحدثت عن أولئك المقاتلين الأيديولوجيين أو الإرهابيين الذين يقاتلون جيشنا فإن الطريقة الوحيدة هي قتالهم والتخلص منهم، ما من طريقة أخرى، إنهم ليسوا مستعدين لأي حوار، ولا وقت لديك للحوار، عليك حماية مواطنيك، وبالتالي عليك قتلهم، لكن ذلك لا يكفي لأن هناك عملية إعادة توليد كألعاب الفيديو حيث يمكن إعادة توليد أي شيء تريدينه، تقتلين شخصاً، فيظهر عشرة أشخاص آخرون وبالتالي ما من نهاية لتلك القضية، الأمر الأكثر أهمية على المدى المتوسط والطويل هو محاربة هذه الأيديولوجيا من خلال أيديولوجيا مماثلة لكن معتدلة، لا يمكن محاربة التطرف في الإسلام بأي أيديولوجيا أخرى سوى الإسلام المعتدل، إذاً هذه هي الطريقة الوحيدة لكنها تستغرق وقتاً وتتطلب أجيالاً شابة، والعمل على هذه الأجيال الشابة والعمل على وسائل تجفيف الأموال التي تدفع من قبل الحكومة السعودية والمنظمات السعودية غير الحكومية والمؤسسات السعودية التي تروج للأيديولوجيا الوهابية حول العالم، لا تستطيعين القول.. “سأحارب هذه الأيديولوجيا”، وفي الوقت نفسه تسمحين لمشايخهم أو أئمتهم بالترويج لهذه الأيديولوجيا الظلامية في مدارسهم، هذا مستحيل، وهذا ما يحدث في أوروبا، تتحدثين عن أجيال، الجيل الثالث أو الرابع يعيش الآن في أوروبا، ويرسلون لنا الإرهابيين من أوروبا الآن، لم يعش هؤلاء في منطقتنا ولا يتحدثون العربية وربما لا يقرؤون القرآن، لكنهم متطرفون لأنهم سمحوا للأيديولوجيا الوهابية باختراق أوروبا.
إذاً علينا معالجة العديد من الأشياء، عليك التعامل مع وسائل الإعلام، التعامل مع وسائل الإعلام القوية الممولة ببترودولارات السعودية ودول الخليج الأخرى التي تروج لهذا التطرف، كيف تتعاملين مع ذلك؟ يتطلب ذلك العديد من الأوجه والعديد من المسارات المتوازية في الوقت نفسه، هذه هي الطريقة الوحيدة لهزيمته، لكن التعامل مع الإرهابيين يشكل الجزء الأخير وهذا هو الجزء الإجباري، لا يمكن تجنبه، لكنه لا يمثل الحل.
السؤال الثاني عشر:
نعم، لكني كنت أشعر دائماً أن ثمة شيئاً من الغموض يكتنف القتال على دمشق وأفهم لماذا يأتي العديد من المرتزقة إلى هنا، أحد أساتذة الفقه الإسلامي شرح لي أنهم يؤمنون فعلاً بمدينة دابق وبأنها ستشكل نهاية العالم، والمعركة الرئيسية بين الخير والشر، ولهذا السبب فإنهم مستعدون الآن، كنت في البوسنة على سبيل المثال وكان هناك العديد من المرتزقة الذين يعبرون البوسنة ويقولون.. “نحن ذاهبون إلى دابق”، بالنسبة لهم فإن لذلك معنى روحياً، كيف يمكن قتل هذا؟ لا أستطيع أن أتخيل ذلك.
الرئيس الأسد:
تماماً تماماً.
الصحفية:
لأن هناك حملة دعائية كبيرة على شكل: “اذهبوا إلى دابق، اذهبوا إلى سورية لأنها المكان الرئيسي الذي ستحدث فيه نهاية العالم”.
الرئيس الأسد:
باتت مكاناً مقدساً الآن للقتال.
الصحفية:
نعم باتت بمثابة مكان مقدس.
الرئيس الأسد:
بمعنى أنه إذا أردت أن تذهب إلى الجنة فعليك أن تمر بسورية ربما إذا مت في مكان آخر فلن تذهب إلى الجنة، هذا جزء من الأيديولوجيا، ولهذا السبب فإنهم …
الصحفية:
إنهم متأكدون من أنهم إذا ماتوا في سورية فإنهم سيذهبون مباشرة إلى الجنة؟
الرئيس الأسد:
هكذا يفكرون، وبعضهم يعتقد أنهم إذا قتلوا المزيد من الأبرياء فإنهم سيتناولون الإفطار في رمضان مع النبي على سبيل المثال، هذا ما يعتقدونه، يتم غسل أدمغتهم بشكل كامل ولذلك لا تستطيعين لومهم، إنهم جاهلون ومعظمهم يافعون ويتم استخدامهم.
الصحفية:
نعم، وفي بعض الأحيان يكونون أطفالاً.
الرئيس الأسد:
تماماً، لكن الأمر يتعلق بآلة تعمل منذ عقود على غسل هذه الأدمغة ونشر هذا التطرف في العالم الإسلامي وفي أوساط الجاليات المسلمة خارج العالم الإسلامي.
السؤال الثالث عشر:
هل أنت راض عن التدخل الروسي على مدى العام الماضي؟ هل حققنا شيئاً جدياً هنا؟
الرئيس الأسد:
باختصار قبل ذلك التدخل ورغم وجود ما يسمى “التحالف الأمريكي” وهو بالنسبة لي تحالف مضلل لم يفعلوا شيئاً، كانت “داعش” و”النصرة” تتمددان، أصبح لديهم عدد أكبر من المقاتلين وازداد حجم تجنيد واستقدام الإرهابيين، حصلوا على المزيد من النفط لتصديره من خلال تركيا إلخ…
بعد التدخل الروسي تقلصت مساحة المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين، وبالتالي فإن الواقع يتحدث عن نفسه، هذا هو الأثر الرئيسي وأي أثر آخر يعد هامشياً إزاءه، لقد غيروا ميزان القوى على الأرض لغير مصلحة الإرهابيين.
السؤال الرابع عشر:
فيما يتعلق بالمسألة الكردية، كنت في القامشلي وسمعت منهم أنهم يريدون تأسيس فيدرالية، قالوا: “نموذجنا المثالي للدولة هو أن نكون على نمط روسيا، في روسيا العديد من القوميات التي تشكل الاتحاد الروسي، لماذا لا يمكن لسورية أن تصبح فيدرالية”؟ وبصراحة فإن أياً من أكراد سورية لم يتحدث معي عن الانفصال أو إقامة دولة مستقلة، قالوا “نريد أن نكون في سورية لكننا نريد حكماً ذاتياً”؟ هل توافقون على ذلك أم لا؟ أقول هذا لأنهم مقاتلون جيدون ضد “داعش”.
الرئيس الأسد:
دعيني أوضح مختلف الجوانب لهذه القضية، أولاً لا نستطيع التحدث عن أن مجموعة معينة أو مجموعة كاملة في سورية تريد شيئاً، كما يتم الحديث عن الأكراد أو الأتراك أو العرب أو الشيشان أو الأرمن أو أي مجموعة أخرى لدينا، وبالتالي يمكن أن نتحدث عن جزء من الأكراد بحاجة لهذا، جزء مهم فقط منهم، أما أغلبيتهم فلا تطالب بذلك، لم يطرحوا أبداً..
الصحفية:
أنا لا أتحدث بالطبع عن الأكراد في دمشق، إنهم يعيشون هنا.
الرئيس الأسد:
نعم أعني حتى في الشمال فإن جزءاً منهم فقط يتحدث عن هذا، هذا أولاً، ثانياً، عندما تتحدثين عن الفيدرالية أو أي نظام مشابه آخر ينبغي أن يكون ذلك جزءاً من الدستور والدستور ليس ملكاً للحكومة بل يعكس إرادة الشعب السوري، فإذا كانوا بحاجة لنظام سياسي خاص في سورية فعليهم أن يقنعوا السوريين بذلك، لا فائدة من مناقشة ذلك معي حتى لو قلت: “نعم إنها فكرة جيدة ولا أمانع حدوثها” كرئيس أو كمسؤول أو كحكومة، لا أستطيع أن أمنح ذلك لهم فأنا لا أملكه، أنا لا أملك النظام السياسي في سورية، كل شيء يجب أن يكون…
الصحفية:
عبر استفتاء؟
الرئيس الأسد:
تماماً، ينبغي أن يستفتى الشعب السوري ليقول نعم أو لا، ثانياً بعض الناس يتحدثون عن فيدرالية كردية في الشمال بصرف النظر عما تحدثتُ عنه وأن معظم الأكراد لا يطالبون بذلك، لكن لو أرادوا ذلك فإن الأغلبية في تلك المنطقة هم من العرب، إذاً كيف يمكن أن يكون هناك فيدرالية كردية بينما الأغلبية هم من العرب؟
الصحفية:
لكن هل تتواصلون معهم؟
الرئيس الأسد:
نعم بالطبع، إننا نتعامل معهم ونتفاوض ونحن دائماً…
الصحفية:
تتفاوضون معهم؟
الرئيس الأسد:
بالطبع، دائماً، وقد قدمنا لهم الدعم خلال الحرب ضد “داعش”، أرسلنا لهم الأسلحة، وجيشكم يعرف جميع هذه التفاصيل.
السؤال الخامس عشر:
لكن بصراحة عندما كنت أتجول في بلادكم لم أر أي نوع من المعارضة دون أسلحة، أعني مع من يمكن أن تتحدثون؟ هل لديكم شركاء حقيقيون في المفاوضات أم أنها مهمة مستحيلة؟
الرئيس الأسد:
هذا سؤال مهم للغاية، لكن ينبغي أن تعرفي كلمة معارضة، الآن معظم العالم يستخدم كلمة معارضة هنا للتحدث عن أولئك الذين يحملون البنادق ويقتلون الناس، لا ينبغي تسمية هؤلاء معارضة، المعارضة مصطلح سياسي ولا يجوز أن يكون مصطلحاً عسكرياً.
الصحفية:
نعم، هذه هي المشكلة، لكن الجميع لديهم بنادق، مع من تتحدثون؟
الرئيس الأسد:
تماماً، إذا أردت التحدث عن المعارضة السياسية بالطبع لدينا معارضة، لدينا شخصيات ولا تحضرني الأسماء الآن، لكن لدينا شخصيات، يمكنك أن تبحثي عن الأسماء، لدينا تيارات أو حركات سياسية.
الصحفية:
أي تيارات؟ ما هي أسماء هذه؟
الرئيس الأسد:
3هناك أحزاب جديدة، وبوسعنا تزويدك بأسمائها ولدينا عدد كبير، قد لا يشغلون جميعهم مقاعد في البرلمان على سبيل المثال لكن خلال الأزمة وحتى قبلها كان هناك عدد كبير، يمكننا إعطاؤك قائمة بهم جميعاً، هناك أحزاب جديدة أعلنت عن نفسها أحزاباً معارضةً مؤخراً، ومرة أخرى بوسعنا إعطاؤك قائمة بها جميعا، لكن السؤال هنا إذا أردنا التفاوض وتلك هي النقطة المحورية في سؤالك، المسألة لا تتعلق بالأطراف التي سأتفاوض معها بل بمن يتمتع بالنفوذ والتأثير، بمن يستطيع أن يغير الوضع على الأرض، إذا كنت سأجلس مع كل هذه المعارضات سواء كانت داخل أو خارج سورية، سواء كانت معارضات وطنية أو معارضة مرتبطة بدول أخرى، وليس بالشعب السوري دعينا نفترض أننا جلسنا معهم وأننا اتفقنا على أي شيء وقلنا، “إن ما اتفقنا عليه جيد لمستقبل سورية”، السؤال هو، من الذي سيؤثر بالإرهابيين على الأرض؟ جميعنا يعرف أن أغلبية أولئك الإرهابيين ينتمون إلى مجموعات مرتبطة بالقاعدة، “داعش” و”النصرة” و”أحرار الشام” ومنظمات أخرى، إنها لا تنتمي لأي حركة سياسية، إنهم لا يكترثون لأي أيديولوجيا سوى أيديولوجيتهم الأيديولوجيا الوهابية، وبالتالي حتى لو تفاوضنا مع المعارضة السياسية، فإننا لا نستطيع تغيير الوضع، إذاً، هذا هو الجزء الأهم من المشكلة، وبالتالي فأنت محقة، مع من سأتعامل؟
الصحفية:
نعم مع من؟
الرئيس الأسد:
الأمر الأكثر أهمية هو من يغير الوضع معي؟ كحكومة لدينا وسائلنا، يمكننا التغيير، نحن نحارب الإرهابيين، ماذا بوسع تلك المعارضات أن تفعل؟ هذا هو السؤال وأنا لا أستطيع الإجابة عنه، عليهم هم أن يجيبوا. عليهم أن يقولوا نستطيع فعل هذا وفعل هذا.
السؤال السادس عشر:
جميع وسائل الإعلام الغربية تستقي المعلومات حول الوضع في سورية من هذه المنظمة الغريبة المسماة “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، لكنني فهمت أن هذا المرصد يتكون من مجموعة من شخص واحد.
الرئيس الأسد:
شخص واحد يعيش في لندن.
الصحفية:
لا أفهم هذا، صدمت عندما عرفت، أعني كيف يمكنهم استخدام هذا كمصدر للمعلومات؟
الرئيس الأسد:
نعم لأن هذا ما يريده الغرب، هم لا يبحثون فعلياً عن أي شيء، إنهم بحاجة لشخص يروج أي معلومات تناسب أجندتهم، وهم يروجون له على أنه حقيقي كحقيقة واقعة، وكما تعرفين فإن معظم الناس في الغرب تعرضوا لغسل دماغ فيما يتعلق بما يحدث في سورية، وهذا ما حصل بالنسبة لموضوع أوكرانيا، أعني أن الحال هو نفسه فيما يتعلق بروسيا حاولوا ونجحوا بغسل دماغ الرأي العام لديهم حول هذه القضية، وهذه إحدى الأدوات، إذاً، هي ليست الأداة الوحيدة بل لديهم العديد من الأدوات المشابهة مثل القبعات البيضاء مؤخراً.
الصحفية:
ماذا من هؤلاء؟
الرئيس الأسد:
في الواقع إنهم يعملون مع “جبهة النصرة” في المنطقة التي تسيطر عليها، كيف يمكن العمل في نفس المنطقة ما لم تكن تحت سيطرة “النصرة”؟ الأمر الأكثر أهمية هو أن العديد من أفرادهم وهناك مقاطع فيديو وصور لهم يحتفلون بموت جنود الجيش السوري، كانوا يحتفلون على أجسادهم.
الصحفية:
قبل وقت ليس بالطويل، تعني عندما قصفت أمريكا الجيش السوري، هل تعني هذه الحالة؟
الرئيس الأسد:
لا، لا بل في مناطق مختلفة في حلب.
الصحفية:
في مناطق مختلفة؟
الرئيس الأسد:
في حلب كان هناك معارك وصوروا أنفسهم على جثث الجنود السوريين كانوا من القبعات البيضاء مع “النصرة” وبالتالي فإن هذا يمثل محاولة لتغيير شكل “النصرة” ووضعها تحت عنوان القبعات البيضاء وتصويرهم على أنهم أشخاص جيدون ويضحون بحياتهم لمساعدة الآخرين ومساعدة الأطفال وعلى أساس أن هذه الصورة العاطفية ستؤثر في الرأي العام في الغرب.
الصحفية:
وأنتم لا تعرفون حتى من أين أتت هذه الصور؟
الرئيس الأسد:
عذراً؟
الصحفية:
من أين أتت هذه الصور؟
الرئيس الأسد:
لا، إنهم لا يتحققون من شيء، فهذا غير مهم بالنسبة لهم، الآن يمكنك العثور على أي شيء على الإنترنت لكن لا يمكنك التحقق من أي شيء على الشبكة، إنك تشاهدين وتنتابك مشاعر عاطفية لأن الصورة في سورية ينبغي أن تكون بالأبيض والأسود، الأشخاص الخيرون ضد الجيش السيئ أو الرئيس السيئ أو الحكومة السيئة أو المسؤولين السيئين، هذه هي الصورة الوحيدة التي أرادوا الحصول عليها لإقناع رأيهم العام بوجوب الاستمرار في الضغط وأنهم يدعمون الشعب السوري الطيب ضد حكومته السيئة وما إلى ذلك، تعرفين هذه الحملة الدعائية.
السؤال السابع عشر:
لكن ما الذي سيعطيكم إياه تحرير حلب من منظور استراتيجي؟
الرئيس الأسد:
نحن نسمي حلب توأم دمشق، لعدد من الأسباب، إنها ثاني أكبر مدينة في سورية، دمشق هي العاصمة السياسية، في حين أن حلب هي في الواقع العاصمة الاقتصادية في سورية.
الصحفية:
لكن لم يعد هناك صناعة الآن، لقد كنت هناك وكل شيء منهار؟
الرئيس الأسد:
تماماً، معظم المعامل في حلب لا تعمل، لقد سرقت وأخذت إلى تركيا.
الصحفية:
لكن إذا استعدتم حلب فما الذي يتغير في الحرب؟
الرئيس الأسد:
لأنها ثاني…
الصحفية:
المدينة الثانية، لكن يمكنكم عزل “النصرة” عن…
الرئيس الأسد:
أولاً وقبل كل شيء فإن ذلك يشكل مكسباً سياسياً، على المستوى الاستراتيجي، مكسباً سياسياً ومكسباً وطنياً ثم من المنظور الاستراتيجي والعسكري فإن ذلك لا يعزل “النصرة” بل إن حلب كمدينة كبيرة ستشكل منطلقاً للتحرك إلى مناطق أخرى وتحريرها من الإرهابيين، هنا تكمن أهمية حلب الآن.
الصحفية:
حسناً، إنها عملية تحرير، لكن ما هي خطوتكم التالية؟ كيف ستقطعون هذه الصلة بين تركيا وإدلب؟ لأن هذا هو المصدر الرئيسي الممر الرئيسي للمال والجنود وكل شيء؟
الرئيس الأسد:
لا يمكن قطع تلك الصلة لأن إدلب محاذية لتركيا، إنها تماماً على الحدود السورية التركية، وبالتالي لا يمكن فصل تلك المنطقة بل ينبغي تنظيفها، ينبغي أن نستمر في تنظيف هذه المنطقة ودفع الإرهابيين إلى تركيا كي يعودوا من حيث أتوا أو قتلهم، ليس هناك خيار آخر، لكن حلب ستشكل منطلقاً مهماً جداً للقيام بهذا التحرك.
السؤال الثامن عشر:
ما هو العدد التقريبي للمرتزقة الأجانب الذين عبروا الى بلادكم خلال السنوات الخمس الماضية؟
الرئيس الأسد:
لا يستطيع أحد عدهم، لأنه ليس لدينا حدود منتظمة الآن، إنهم لا يعبرون الحدود بشكل نظامي بالطبع، لكن التقديرات التي نشرها أحد مراكز الأبحاث الألمانية قبل بضعة أسابيع تتحدث عن مئات آلاف الإرهابيين.
الصحفية:
مئات الآلاف؟
الرئيس الأسد:
مئات الآلاف، تتحدث عن أكثر من 300 ألف، وهو ما لا أعرف إذا كان؟
الصحفية:
أكثر من 300 ألف؟
الرئيس الأسد:
نعم، لا أعلم إذا كان الرقم دقيقا أم لا، صحيحاً أم خاطئا، حتى لو تحدثت عن مئات الآلاف أو حتى إذا تحدثت عن مئة ألف فإن ذلك يشكل جيشاً كاملاً.
الصحفية:
إنه جيش، جيش كامل.
الرئيس الأسد:
تماماً، ولهذا السبب تستمرين بالتخلص منهم لكن لا يزال هناك استقدام للمزيد من الخارج، إذا أنت تتحدثين عن مئات الآلاف يأتون من مختلف مناطق العالم وهذا واقعي جداً لأنه هناك مئات آلاف الإرهابيين في سائر أنحاء العالم يعتنقون نفس الأيديولوجيا وهي الأيديولوجيا الوهابية، هذا واقعي جداً، وليس من قبيل المبالغة.
السؤال التاسع عشر:
تحدثت إلى المعارضة في إسطنبول عام 2012 إلى شباب قالوا لي “نريد حقوق الإنسان”، كانوا أشخاصاً علمانيين طبيعيين دون لحى وكانوا بالمناسبة يشربون البيرة في رمضان، لكن خلال بضع سنوات أصبحوا متعصبين، هذا غريب بالنسبة لي فقد كانوا علمانيين تماماً، ثم، من هم قادة “داعش”؟ إنهم عقداء ورواد سابقون في جيش صدام حسين، إنهم أشخاص علمانيون أيضاً، كيف أصبح هؤلاء جيشاً من المتعصبين؟ لا أفهم؟
الرئيس الأسد:
جزء من هذا له علاقة بما حدث في العراق بعد الغزو عام 2003 حيث بات الجيش الأمريكي أو الأمريكيون بشكل عام يسيطرون على كل شيء في العراق، بما في ذلك السجون وكان زعيم “داعش” ومعظم حاشيته في السجن نفسه، إذاً تأسس تنظيم “داعش” في العراق تحت الإشراف الأمريكي.
الصحفية:
ربما لم يكن “داعش” في تلك الفترة، بل القاعدة؟
الرئيس الأسد:
نعم، كان اسمها الدولة الإسلامية في العراق.
الصحفية:
الدولة الإسلامية؟
الرئيس الأسد:
لأنها لم تكن موجودة في سورية حينذاك، لهذا السبب سميت الدولة الإسلامية في العراق، كان ذلك عام “2006”.
الصحفية:
“2006”؟
الرئيس الأسد:
“2006” بالطبع.
الصحفية:
كان هناك أصلاً الدولة الإسلامية عام 2006.
الرئيس الأسد:
11بالطبع، في عام 2006 بالطبع قبل انسحاب الأمريكيين، لهذا السبب لعبوا دوراً مباشراً أو غير مباشر في تأسيس “داعش”، الآن عندما يأتي الأمر إلى سورية، عندما تتحدثين عن بداية المشكلة، قبل أن يتحدث أحد عن “النصرة” أو “داعش” كانوا يسمونها “الجيش الحر” كقوة علمانية تحارب الحكومة والجيش، في الواقع ومنذ البداية إذا عدت إلى الانترنت فستجدين مقاطع الفيديو والصور، وكل شيء، بدأ قطع الرؤوس منذ الأسابيع الأولى، إذا ومنذ البداية كانت حركة متطرفة لكنهم سموها “الجيش الحر”، لكن عندما أصبحت أكبر وأكبر ولم يعد بالإمكان إخفاء عمليات قطع الرؤوس كان عليهم أن يعترفوا بوجود “النصرة”، لكنها في الواقع هي نفسها، “النصرة” هي نفسها “الجيش السوري الحر” وهي نفسها “داعش”، إنها نفس القواعد تنتقل من منطقة إلى أخرى لأسباب مختلفة، أحد هذه الأسباب هي الأيديولوجيا والسبب الآخر هو الخوف لأنهم إذا لم ينتقلوا من مكان إلى مكان قد يتعرضون للقتل، السبب الثالث هو المال، كانت “داعش” تدفع أعلى الرواتب في وقت معين، قبل عام أو عامين، وقبل ذلك، كان عدد كبير من أفراد “النصرة” و”الجيش السوري الحر” قد انضم إلى “داعش” من أجل المال، وبالتالي هناك عدد من العوامل المختلفة لكن العامل الأساسي …
الصحفية:
لكن التعصب…
الرئيس الأسد:
لكن نفس الأساس المتطرف هو الذي يشكل العامل المشترك بين جميع هذه الأسماء والمنظمات المختلفة.
السؤال العشرون:
هل لي أن أطرح عليك سؤالاً شخصياً؟
الرئيس الأسد:
نعم بالطبع.
الصحفية:
في عام 2013 عندما كانت حياتك في خطر كبير عندما كانت أمريكا على وشك القيام بقصف سورية لماذا لم ترسل أسرتك إلى مكان آمن؟
الرئيس الأسد:
كيف يمكن أن تقنعي السوريين بالبقاء في بلادهم بينما تطلبين من أسرتك مغادرة البلد، لا تستطيعين ذلك، ينبغي أن تكوني الأولى، بكل المعاني، فيما يتعلق بالعنوان الوطني، ينبغي أن يكون المرء هو الأول كرئيس، وفيما يتعلق بأسرته وبكل من يحيط به في الحكومة وبموظفيه، لا يمكن أن تقنعي الناس في بلدك بأنك تستطيعين الدفاع عن بلدك بينما لا تثقين بجيشك في الدفاع عن أسرتك.
الصحفية:
أفهم ذلك.
الرئيس الأسد:
لهذا السبب فإن ما فعلته كان طبيعيا، في الواقع لم نفكر أبداً بهذا.
القائد الأسد كما هو دائما في كل إطلالاته ، قوي في الارتجال ، متمكن في التعبير، يتحدث هدوء الواثق .. يضع الأمور في النصاب ، قدرة الحاذق ، كلام منسجم هادف متناسق ، يشرّح الواقع بدقة وبشفافية ، من عارف بأدق تفاصيل معاناة السوريين - على اختلاف شرائحهم- .. يهتم بإيجاد حلول ترضيهم جميعاً ، لا يعرف الكلل أو الملل أو التراجع .. ومهما بلغت الصعاب ، ومهما اشتد الحصار ، ومهما كثرت الأقاويل ، ومهما بلغت التهجمات على شخصه الكريم والتي تدار من الخارج – في حرب تستهدفه هو بالذات ، وطبيعي أنهم بعد عجزهم العسكري ، لم يبق َ لهم الا الأبواق .. وتتسخر في خدمتهم محطات رخيصة وأقنية تافهة وصحف صفراء ، غربية تارة وعربية تارة أخرى ، وكلها عبرية الهوى ، وجديدهم عندما لا ينفع كل هذا وقبله ذاك ، في إسقاط ذلك التلاحم الغريب بين الشعب وقائده ، تلاحم عجز عن كشف سره خبراء واشنطن النفسيين ، جديدهم أن تنتقل الدعاية الصفراء والبروباغاندا الإعلامية لتبث من عاصمة أقوى الحلفاء ، علّها تفعل فعلها فيما عجزت عندما كانت تبث من تل أبيب أو من حلفاء تل أبيب في عواصم العرب أوعواصم الغرب - لا يحرّك القائد ساكناً في الرد على كل هذه التفاهات ، لأنه يعي أنها ترّهات لا تستحق الرد هذا من جهة ، أما من الجهة الأخرى فهو يثق بوعي شعبه ، وبأنّ هذا الشعب العظيم ، لديه من الذكاء بالفطرة ، ما يكفي لأن يعي أنّ من يفتح أبواقه ولو كان مستقرا في عاصمة أقوى الحلفاء ، ليستهدف قائداً حليفاً لموسكو بحجم القائد الأسد ، يكون خائنا لموسكو قبل أن يكون خائنا لدمشق!! وبالتالي هو لا يمثل موسكو في أية حال من الأحوال..
لم يهتم القائد بالرد على كل هذا الهراء ، فهو يعلم - وشعبه يعلم - أن التضييق الاقتصادي والهجمات الإعلامية المغرضة ، هما عنوان المرحلة القادمة من مخططات العدو ، يكثفها العدوعساها تفعل فعلها بين أفراد الطبقة المؤيدة التي أرّق العدو تلاحمها والتفافها العجيب حول قائدها ، هذا الالتفاف الذي فيه يكمن سر الانتصار الذي بات وشيكا ، وشيكا أكثر من أي وقت مضى .. ليتوّج نصراً مؤزراً ليس لسورية فقط بل نصراً عالمياً يقلب كل الموازين !
ويبقى سؤالان مهمان، السؤال الاول هل من قائد يستطيع في 35 دقيقة ، وبكلام مرتجل ، أن يضع النقاط على الحروف ، فيشرّح الواقع ، ويستشرف الحلول ، نعم فعلها الأسد في خمسة وثلاثين دقيقة .. لم تكن حلولاً نظرية افتراضية بل حلولاً واقعية عمليّة قابلة للتطبيق !!
أما السؤال الثاني فهو ، هل تريدون ألا يكون في العالم العربي كله قائدا بهذه الإمكانيات..!! أين هو القائد العربي أو حتى العالمي الذي يستطيع أن يتحدث مرتجلا حديثاً يصلح خطة عمل للمرحلة القادمة ، حديثا يصلح خطة مواجهة لكل ما يحاك .. في بلد هو في خضمّ الأزمات وفي دائرة الاستهداف !!
ختاماً, هل كان في الاجتماع ، من هو على قدر المسؤولية التاريخية في تنفيذ تعليمات كلمة القائد الاسد التوجيهية التاريخية, والتي وضع فيها آلية للعمل ، وخطة للبدء ، ومساراً واضحاً .. لتعلموا جيداً أنّكم على المحك !! لا مبررات للتقاعس أو للإهمال أو للفساد ..فالمهل محدودة ومن لا يستطيع فليستقيل !! فأن تستقيل خير من أن تقال !!
وهنا نتوجه من موقعنا آرام بريس الى اخوتنا ممثلي الشعب في البرلمان, كونهم مؤتمنين على تمثيل اوجاع الفقراء ومعاناتهم بنداء عاجل وصرخة مدوّية،:أنتم تدركون معاناة الشعب التي بلغت ذروتها من الغلاء والفساد ومن ضعف القدرة الشرائية للعملة الوطنية, حيث ان خطة العدو الخبيثة العام الماضي, كما شرحها مركز الامن الامريكي الجديد CNAS والتي اوصلناها الى الجهات المعنية في حينه, تعتمد على تطبيق الحصار الخانق بالمواد الاساسية الضرورية لحياة المواطن بما فيها وقود التدفئة وغاز الطهي، بحيث ينطلق التذمر هذه المرة من المناطق الحاضنة للدولة والجيش قبل ان تعم ، ولا نعلم ان كان قد خطر في بال الاعداء المخططين ان عوامل اضافية ستدخل على الخط وتساهم اكثر في نجاح مخططاتهم الا وهو الفساد وطمع التجار في الداخل...وووووو...... الخ...... فبينما يعي القائد الاسد دور ضعاف النفوس من التجار فيقف في وجههم بكلمته التوجيهية لاعضاء الفريق الحكومي " بكسر حلقة التجار والسماسرة من قبل المؤسسات الحكومية التي يجب ان تكون تاجرا ماهرا ومؤكد أنه يقصد انّ الغاية ليست في الربح بل تامين احتياجات المواطن), وهنا نؤكد ان القائد الاسد يقف دائما مع الشعب, وليس مع التجار..
نجد أن رئيس الحكومة يبدو في تصريحاته ما يوحي انه يقف مع التجار حيث صرح في وقت سابق خلال اجتماعه بالفريق الاقتصادي والتجار قبل منتصف شباط الماضي من العام الحالي 2020 (لا يمكن للحكومة ان تقف ضد التاجر او رجل الاعمال), بينما كان حريا برئيس الحكومة ان يوضح ان الحكومة ستقف بوجه التاجر ورجل الاعمال عندما يكون مسارعمل ذلك التاجر أو رجل الاعمال باتجاه مصلحته الخاصة الشخصية وعندما يضرب ذلك التاجر عرض الحائط بالمصلحة العليا للشعب والوطن ،
هنا نجد تباينا واضحا بين موقف القائد الاسد وموقف الحكومة ممثلة برئيس الحكومة, فيا اعضاء مجلس الشعب لديكم الآن كلمة توجيهية من القائد الأسد يمكن اعتبارها بمثابة دليل عمل وخطة صالحة للتطبيق تخفف من تلك المعاناة التي يرزح الشعب تحت وطئتها .. اما آن الاوان ان تربطوا تلك الكلمة التوجيهية التاريخية بجدول زمني للتطبيق الحكومي ،
أليس موقعكم الطبيعي هو أن تكون الى جانب الشعب والقائد الاسد؟؟؟؟!!!!!!!.
أما حول مسألة الاستاذ رامي مخلوف فأقول, وأيا كانت الظروف التي أوصلت الأمور إلى حيث ما كان يجب بها أن تصل :... ربّ ضارة نافعة !! فالضرب بيد من حديد ، لن يقف عند الاستاذ رامي مخلوف وتجاوزاته!! بل هو شعار المرحلة المقبلة ، ضربا للفساد ووقفاً للتجاوزات شعاراً للتطبيق لا للاستعراض ، كن قرير العين يا استاذ رامي.. فلست المستهدف الوحيد، فأول الغيث يبدأ بقطرة ، ولن يكون هناك استثناء لاحد!!
ربطاً – فيديو القائد الأسد في إطلالته الحكومية موجها الحكومة . فهو أبلغ من أي مقال !!